ظهرت خلال الأيام الماضية عدة حملات تهاجم التيار السلفي في مصر، وخاصة حزب النور، وتطالب تلك الحملات بنبذهم من المشهد السياسي ومنع انتخاب مرشحيهم لكونهم خطرًا كبيرًا يهدد البرلمان القادم.


أحمد حسن من القاهرة: قبل أيام قليلة من بدء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، يواجه حزب النور السلفي حملات شعبية وسياسية كبيرة لحث الناخبين على رفض التصويت له في الانتخابات.

تزامن ذلك مع رفع عشرات الدعاوى القضائية ضد الحزب لوقف خوضه الانتخابات أو حله.

وقلل محللون سياسيون من المبالغة من قوة حزب النور وقدرته على حصد مقاعد في البرلمان، لأن صورته اهتزت عند أطراف اللعبة السياسية، فهم "انتهازيون" في نظر الليبراليين بعد تماشيهم مع ما حدث في 30 يونيو وركوبهم الموجة، وكذلك هم في نظر أصحاب التيار الإسلامي "خائنون" لأنهم خانوا بيعة مرسي بحسب ما يعتقدون، وبالتالي فهم غير مقبولين في الشارع المصري.

والسؤال الذي يشغل ذهن عامة المصريين اليوم، هل يمثل "السلفيون" خطرًا على البرلمان القادم؟ وهل مازالوا قادرين على الحشد؟&
&
حزب ديني

في السياق ذاته أكد سمير صبري، المحامي وصاحب دعوة منع قبول أوراق حزب النور بالانتخابات البرلمانية، أن حزب النور قائم على أساس ديني باعترافات قيادته الحزبية والدعوية، وأمام المحاكم حاليًا عشرات الدعاوى القضائية التي تلزم لجنة الأحزاب بحل الحزب، وسوف يقدم للمحكمة المستندات القانونية التي تؤكد خطورة دخول حزب النورالبرلمان القادم من بينها شهادات قيادات منشقة عن الحزب، وترشح إخوان ضمن قائمة الحزب في محافظة الإسكندرية، هذا بجانب فكرهم المتشدد وغير المعتدل، وهو ما لا يتوافق مع أغلبية المصريين، إضافة إلى تغيير مواقفهم وسيرهم "حسب الموجة".

وأشار صبري إلى أن أعضاء حزب النور أيام حكم مرسي كانوا متوافقين مع الإخوان وكتلة واحدة تقريبًا، والآن يدعمون الرئيس السيسي، وهو ما يدعو للقلق منهم ومن مواقفهم.

وقال صبري لـ"إيلاف": "إن وجود السلفيين في مجلس النواب القادم سيكون حتميًا لتمتعهم بقدرة كبيرة على الحشد ولأنهم متواجدون في الشارع وبين الناس من خلال الجمعيات الشرعية والإسلامية والمشروعات التي يقدمونها للبسطاء، وهو ما يتيح قدرتهم على الفوز بأصوات لا بأس بها".

خائنون وانتهازيون

يرى الدكتور عبد السلام النويري، أستاذ العلوم السياسية جامعة أسيوط، أن حزب النور فقد جاذبيته وثقة الشعب به، حيث كانوا يملكون مصداقية عند الجمهور في الشارع عندما كانوا ينادون بتطبيق الشريعة إلى آخر تلك المطالب والشعارات، وهذا ما فشلوا فيه، ولن يجدي مثل هذا الخطاب& قبولًا عند الناخب في ظل المرحلة الحالية.

وتوقع الخبير السياسي ألا يحقق حزب النور أي نجاح يذكر في البرلمان القادم؛ لأنه ليس له وجود في الشارع، وبالتالي تمثيلهم في البرلمان سيكون من خلال عدة مقاعد محدودة جدًا يتوقع ألا تزيد عن عشرة مقاعد.

وقال الدكتور النويري لـ"إيلاف": "تخوف الأحزاب والقوى السياسية من مشاركة حزب النور في انتخابات البرلمان يرجع إلى ضعف موقفها وعدم قدرتها على المنافسة، لأنها مجرد أحزاب كرتونية، ورفضهم للسلفيين والفلول من باب التغطية على فشل تواجدهم بالشارع".

وأشار إلى أن هجوم القوى السياسية وخاصة الليبراليين على حزب النور وحملات منع ترشحه في الانتخابات، قد يأتيان بنتائج عكسية يستغلها الحزب دينيًا وسياسيًا في الانتخابات، وبالتالي لا يجب المبالغة من قوة حزب النور التي ليس لها أساس في الواقع وليس لعناصره وجود بين الناس، ولن يكون لهم أي تمثيل يذكر في البرلمان القادم، لأن صورتهم الذهنية اهتزت عند أطراف اللعبة السياسية، فهم انتهازيون في نظر الليبراليين بعد تماشيهم مع ما حدث في 30 يونيو وركوبهم الموجة، وكذلك هم في نظر أصحاب التيار الإسلامي خائنون لأنهم خانوا بيعة مرسي بحسب ما يعتقدون، وبالتالي فهم غير مقبولين في الشارع.

فقد المصداقية

إلى ذلك، يرى علاء عبد المنعم النائب البرلماني السابق، أن حزب النور لا يتمتع بأي نوع من المصداقية السياسية، وأنه البديل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، بدليل أنه خلال الفترة الماضية وخوفًا من حل الحزب قام بتغيير مواقفه تجاه بعض القضايا مثل تحية العلم وقبول الأقباط في العمل السياسي، وقبول عمل المرأة، وتقديم التهنئة للأقباط في المناسبات، رغم أنهم يؤمنون بغير ذلك من الناحية الدينية، كل ذلك سعيًا نحو السيطرة على البرلمان من أجل ضمان وجود صوت لجماعة الإخوان مرة أخرى في العملية السياسية.

وطالب الناخب المصري بـ"ضرورة التنبّه لمخاطر وجود السلفيين في البرلمان القادم وعدم انتخابهم لكي تكون الانتخابات البرلمانية الورقة الأخيرة في وجود حزب النور سياسيًا".

حملات مدبرة

على الجانب الآخر، أكد الدكتور شعبان عبد العليم عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، أن حملات الهجوم على الحزب غير مبررة ومبالغ فيها بشكل كبير، وتقف وراءها مجموعة من القوى السياسية التي تدعو لوجود دولة علمانية.

وأوضح أن محكمة القضاء الإداري أكدت أن الحزب غير قائم على أساس ديني وأن موقفه القانوني سليم، أما بشأن ترشح إخوان على قوائم الحزب في الانتخابات فهذه " أكذوبة" ومن لديه الدليل عليها فليقدمه فورًا للرأي العام بعيدًا عن حملات التشويه المتعمدة ضد الحزب، فحزب النور تبرأ من إجرام الإخوان في حق الشعب المصري، ومن وقتها وهناك عداء واضح من جانب التيارات الدينية ضد الحزب، بحسب تعبيره.

وقال عبد العليم لـ"إيلاف": "حزب النور مع الرئيس السيسي ولن يقف ضد الإرادة الشعبية، وتغير مواقفه السابقة بشأن بعض القضايا من أجل مصلحة البلاد وليس كما يتردد لعدم وجود مبادئ سياسية، كما أن الحزب كان مشاركًا في ثورة يونيو، ويرفض السيطرة الكاملة على البرلمان بدليل الانسحاب من الترشح على قائمة الصعيد رغم وجود نسبة كبيرة من مؤيدي الحزب هناك، كل ذلك بهدف تمثيل جميع القوى السياسية في مجلس النواب القادم بعيدًا عن الهيمنة لحزب سياسي".

وعن التقليل من قدرة الحزب على الحشد في الانتخابات، أشار عضو المجلس الرئاسي لحزب النور الى أن الحزب مازال قادرًا على الحشد لكونه من أكثر الأحزاب تواجدًا مع الناس وسعيًا لحل مشاكلهم بخلاف فشل الأحزاب الأخرى، والناخب المصري لديه الوعي الكافي لكشف المخطط وراء الهجوم على الحزب ورفض تواجده في البرلمان القادم، مؤكدا أنّ ومرشحي "النور" يثقون بالكامل في ثقة الناخب في الحزب بعيدًا عن حملات التشويه اليومية، على حدّ تعبيره.