التقى الجنرال الأميركي بول فاللي ومستشاره الخاص لشؤون الشرق الأوسط ناجي نجار، بميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية والمسؤول عن الملف السوري، للتباحث حول التطورات الجديدة، يأتي ذلك فيما تتوالى ردود الفعل المنددة بإعدام داعش لمختطفين مسيحيين في سوريا.


بهية مارديني: قال المرصد السوري لحقوق الإنسان وشبكة حقوقية يوم الخميس إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قتلوا ثلاثة مسيحيين آشوريين كانوا ضمن قرابة 200 مسيحي خطفهم التنظيم هذا العام في شمال شرق سوريا، ما خلّف ردود فعل مستنكرة.

وذكر المرصد ومقره بريطانيا أن الثلاثة قتلوا أواخر الشهر الماضي لكن نبأ مقتلهم عرف هذا الأسبوع عند بث مقطع فيديو لقتلهم.

وقالت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان إن الثلاثة ضمن 187 آشوريًا تحتجزهم الدولة الإسلامية. وقال المرصد والشبكة إنهم قتلوا قبل أسبوعين في أول أيام عيد الأضحى.

وخطف التنظيم الآشوريين في فبراير شباط أثناء معارك مع وحدات حماية الشعب الكردية السورية في شمال شرق البلاد.

إلى ذلك، عبّر جميل دياربكرلي مدير المرصد الآشوري لحقوق الانسان عن صدمته من مشاهدة فيديو تنظيم داعش وهو ينفذ عمليات إعدام بحق ثلاثة مختطفين آشوريين مسيحيين في سوريا، وخصوصاً "واننا كنا نعتقد ان الامور تجري بطريقة ستؤدي إلى نهاية سعيدة لملف المختطفين الآشوريين من قرى الخابور".

وقال "هذه المرة الأولى التي ينفذ فيها تنظيم داعش الارهابي نوعًا كهذا من العمليات بحق آشوريين مسيحيين في سوريا والعراق".

وعن اسباب هذا التصعيد، أضاف "كما تعرفون داعش لا يحتاج لأسباب ليمارس إجرامه بحق الناس، ولكن أعتقد أن هذه العملية الإرهابية مرتبطة بالمتغيرات السياسية والعسكرية في سوريا وخصوصاً بما يتعلق& بالتدخل الروسي العسكري في سوريا، والبروباغندا الإعلامية التي رافقته، والتي تحاول تصويره بأنه جاء لانقاذ المسيحيين في سوريا، بالإضافة إلى التصريحات اللامسؤولة التي اطلقها مسؤولون في بطريركية موسكو معتبرين التدخل الروسي العسكري حرباً مقدسة".

وأعرب عن أمله "أن تكون هذه الحادثة هي الاخيرة من نوعها بحق المسيحيين في سوريا".

وأضاف "صحيح أن هناك 3 من المختطفين قتلوا اليوم وهذه جريمة شنيعة ومستنكرة، إلا أن الجريمة الكبرى هي سكوت المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي على حادثة الاختطاف وعدم قيامهم بشيء من شأنه تحرير هؤلاء المختطفين منذ شباط / فبراير الفائت".

ويظهر الشريط المصور قيام ثلاثة عناصر من تنظيم داعش بإطلاق النار على رؤوس المختطفين الثلاثة، الذين عرفوا عن هويتهم قبل عملية الإعدام، وهم: عبد المسيح عزاريا نويا (36 عاماً) وآشـور إبراهام من قرية تل جزيرة الآشورية ـ محافظة الحسكة، وبسام عيسى ميشائيل (39 عاماً) من قرية تل شميرام الآشورية ـ محافظة الحسكة، وقد نفذت عملية الاعدام بإطلاق الرصاص على رؤوس الضحايا من الخلف.

وظهر في التسجيل أيضاً ثلاثة مختطفين آخرين يرتدون الزي البرتقالي المعد لتنفيذ الاعدامات عند تنظيم داعش، وأطلقوا نداء استغاثة لانقاذهم بأسرع ما يمكن وإلا سيكون مصيرهم كمصير من تم إعدامه.

وأفاد المرصد الاشوري لحقوق الانسان، في تصريح تلقت "إيلاف" نسخة منه، أن عملية الإعدام "جرت على الاراضي السورية في منطقة الشدادي، ويرجح انها نفذت خلال فترة عيد الأضحى".

وتعتبر هذه الجريمة الأولى من نوعها بحق مختطفين مسيحيين في سوريا لدى تنظيم داعش، كما أن لديه أيضاً بالاضافة إلى 185 مختطفًا آشورياً مسيحياً من محافظة الحسكة السورية، اكثر من 100 عائلة مسيحية مختطفة من بلدة القريتين المتاخمة للبادية السورية، والتابعة لمحافظة حمص (85 كم عن مركز مدينة حمص)، وذلك بعد سيطرت التنظيم الإرهابي على البلدة يوم 5 أب / اغسطس 2015.

جنرال أميركي يلتقي بوغدانوف في باريس

على جانب آخر، عُقد اجتماع في السفارة الروسية في باريس امس بين الجنرال الأميركي بول فاللي ومستشاره الخاص لشؤون الشرق الأوسط ناجي نجار، وميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية والمسؤول عن الملف السوري.

وقد أكد الجنرال فاللي ومستشاره الخاص نجار للجانب الروسي بأن الثورة السورية لا تزال تتطلع إلى الدور الروسي الإيجابي الذي من شأنه أن يلبي تطلعات الشارع السوري في الوصول إلى حريته بالتزامن مع الحفاظ على المصالح الروسية في سوريا.

وقد أكدا أيضًا للجانب الروسي أن الثورة مستعدة لمحاربة الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش عندما يتم التخلص من الأسد ونظامه الذي يشكل خطرًا عليهم لا يقل شأنًا عن خطر داعش .

كما استنكر الجنرال بول بشدة، بحسب ما كتب نجار على صفحته في فايسبوك "العمل العسكري الروسي الذي يستهدف مناطق الثورة"، وطالب الجانب الروسي بأن "يتوقف عن استهداف مناطق المعارضة السورية"، مؤكدًا أن غالبية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية خالية من المتطرفين والإرهابيين كما يزعم الجانب الروسي، وطالبهم أيضأ بالتركيز على استهداف تنظيم داعش المتمركز في محافظتي الرقة ودير الزور.

كما طالب الجنرال بول الجانب الروسي بالتواصل المباشر مع القيادات السياسية والعسكرية الفاعلة في الثورة السورية للعمل على رسم خارطة طريق سياسية فاعلة لا يكون للأسد ونظامه أي دور فيها.

وقد نوقش في الاجتماع الكثير من القضايا التي تصب في خدمة الثورة السورية سيتم التصريح عنها في الوقت المناسب، بحسب مصادر.
&
أما عن الجانب الروسي، فقد رحب بوغدانوف بالآراء والمقترحات التي طرحها كل من الجنرال بول فاللي وناجي نجار، ووعد بأنه سوف ينقل هذه التطلعات الموضوعية للرئيس الروسي ( فلاديمير بوتين ) لمناقشتها بجدية، كما قام بوغدانوف بتوجيه دعوة رسمية للجنرال بول ومستشاره ناجي لزيارة موسكو لمواصلة التنسيق والتعاون بين الجانبين في ما يتعلق بالأزمة السورية ومكافحة الإرهاب الذي يهدد السلم العالمي برمته، على حد تعبيره.

وقال المعارض السوري موسى النبهان إن "الثورة تأمل من القيادة الروسية أن تعيد النظر في سياستها، وأن تراهن على الشعب السوري فقط وليس على المجرم السفاح بشار الأسد ونظامه الطائفي وخصوصًا بعد سماعها لرسالة الثورة السورية الموضوعية التي وصلتهم على لسان الجنرال بول فاللي في إجتماع امس".

التدخل الروسي لإبقاء الأسد

الى ذلك، قال شبال ابراهيم عضو الأمانة العامة في الجمعية الوطنية في محاولة لتفسير الموقف الروسي ان "علينا اولاً ان نعي ّ ماذا تريد روسيا، وكيف تنظر للحل في سوريا"، موضحًا أن "روسيا ومنذ بداية الثورة السلمية أي قبل تسليحها كان موقفها واضحًا، فهي تعتبر قتل النظام السوري لشعبه امراً طبيعياً ومحقاً، ولم تندد بجرائم النظام حينها، فما بالنا بعد ان تسلحت الثورة واصبحت هناك تنظيمات وجماعات ارهابية احتلت الارض السورية.

وقال: "روسيا لم تتدخل لانهاء الأزمة بل لحماية النظام السوري بدليل وجود قواعدها السابقة في مناطق قوة النظام وادارته في الساحل السوري، بالاضافة الى قواعدها الجديدة، وهذا يعني انها لم تأتِ لإنهاء أزمة البراميل والمواد السامة التي يتم تجهيزها قرب القواعد الروسية في الساحل السوري".

واعتبر أن "تدخل روسيا ودفاعها عن النظام ليس بالجديد، فهي التي دافعت عنه في مجلس الأمن الى جانب الصين، وهي شريكة في استمرارية القتل عبر الفيتو الذي كان سبباً في عدم محاسبة النظام، وهي التي منعت الحظر الجوي، ليكون بعدها الاسد حراً امام الشرعية الدولية في قتل السوريين وخنقهم بالغازات السامة التي لم تحرك من دول القرار شيئاً".

وأشار ابراهيم الى أنه "حسب التقارير التي وردتنا وكذلك التي ذكرها مدنيون في شهاداتهم عبر الاعلام، فإن أولى الغارات التي قام بها الطيران الروسي استهدفت مدينة الرستن، وأدت الى استشهاد العشرات وجرح اضعافهم بالاضافة الى غاراتها في نفس اليوم على ريف مدينة حمص وحماه، والتي انتجت مزيداً من القتل والتدمير في صفوف المدنيين وراح ضحيتها الكثير من الاطفال والنساء في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر والبعيد حوالي اكثر من مئة كيلومتر عن مناطق سيطرة داعش".

وشدد على أن "الامر بات واضحاً للجميع ولا يحتاج للكثير من التحليل، فالسلاح الروسي يضرب المواقع حسب المعلومات التي يقدمها النظام السوري له، فما الغريب هنا من استهداف هذه الطائرات لأماكن تمركز وتواجد الجيش الحر بعيداً عن ربيبة النظام المتمثلة بداعش؟"

ورأى أن "المجتمع الدولي برمته يضحك على الشعب السوري ويتفرج على قتل السوريين، ومن الخطأ ان نعتقد ان روسيا تدخلت دون موافقة اميركا، فهي التي تنسق مع اسرائيل في هذا الامر، وهم متفقون جميعاً بالابقاء على ما يحدث في الأرض السورية".

وأضاف أن "تدخل روسيا السابق والجديد هو لتعقيد الأزمة واراقة المزيد من الدماء والحفاظ على رأس الارهاب المتمثل ببشار الكيماوي وحلفائه ومرتزقته وتوابعه، والنظام هو المستورد والمستفيد الاول من داعش والنصرة وامثالها"، على حدّ تعبيره.