كشف العقيد ركن متقاعد الأمير سلطان بن خالد الفيصل أن السعودية بلورت خلال الأعوام الماضية سياسة دفاعية جديدة، أكثر حزمًا، اعتمدت فيها على القدرات التي وضعتها الدول غير الصديقة، فضلًا عن التهديدات غير التقليدية التي مثلتها جماعات داعش والقاعدة وغيرها، جاء ذلك في محاضرة أقيمت في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن في الأسبوع الجاري، تحت عنوان تحليل وتقويم الإستراتيجية الدفاعية السعودية.


حسن حاميدوي: قال الأمير سلطان إن فك ارتباط الغرب بنزاعات الشرق الأوسط، وزيادة التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، هي من بين الأسباب الرئيسة التي ساهمت في تطور عقيدة الدفاع الجديد السعودي، مشيرًا إلى أن السعودية مستعدة حاليًا، وبما تملكه من إمكانيات وقدرات عسكرية، للدفاع عن أراضيها وحماية مواطنيها وتأمين مصالحها الوطنية، فضلًا عن قدرتها على قيادة الشرق الأوسط ضد ما يواجهه من تهديدات، بما في ذلك التدخل الإيراني في شؤون الدول، والاضطرابات التي سببها الربيع العربي.

تشارك دفاعي
وأوضح سلطان أن دور السعودي في الصراعات الإقليمية يساء فهمه، وأن السعودية تسعى فقط إلى مساعدة أشقائها الذين يعانون من الاضطرابات والثورات والاحتلال، مبينًا أن السعودية تسعى إلى حماية نفسها والحفاظ على حكومات مستقرة وقابلة للحياة، ولا تسعى إلى أن تصبح دولة توسعية أو تصدير أفكارها إلى خارج حدودها، مشيرًا إلى أن التدخلات السابقة، بما في ذلك حماية الكويت من العراق، تأتي في ذلك السياق.&

وقال "بالرغم من أن السعودية لديها القدرة على القتال بمفردها، لكنها تعمل بشكل أكبر في تحالفات، والتي لا تتضمن فقط دول الخليج، بل أيضًا تركيا ومصر والأردن وباكستان وماليزيا، وذلك بهدف تأمين المنطقة ككل".&

وفي ما يتعلق بالحرب التي تقودها السعودية في اليم ، قال الأمير سلطان إن العمليات هناك تعتمد اعتمادًا كبيرًا على القوات الخاصة في جمع المعلومات الاستخباراتية وتدريب وتجهيز اليمنيين من أفراد الحكومة الشرعية بقيادة هادي منصور. وبرأي الأمير سلطان فإن قوات التحالف العربي بقيادة السعودية وحكومة هادي، ستأخذ وقتًا في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، وإن الأمر لن ينتهي بسرعة، لكنه أوضح أن 75 % من الشعب اليمني هم تحت سيطرة حكومة هادي، ولديهم الإمدادات الطبية والغذائية، وقد تمت إعادة فتح المدارس والمستشفيات هناك.

حزب الله في اليمن
حول التدخل الإيراني في اليمن، كشف الأمير سلطان أن القوات السعودية أسرت ضباطًا إيرانيين وأعضاء من حزب الله اللبناني في اليمن، على الرغم من إدعاءات إيران بأنها لم تتدخل عسكريًا لمصلحة المتمردين الحوثيين.

وتحدث سلطان عن أن بعض السجناء، الذين جرى أسرهم من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ينتمون إلى حزب الله وإيران، مضيفًا أن السعودية سبق وأن واجهت أعضاء من حزب الله، خلال حربها مع الحوثيين في 2009م، كما إن أعضاء الحزب متواجدون الآن في اليمن لتحديث أنظمة إطلاق الصواريخ لدى الحوثيين.

تعليقًا على المحاضرة، قال رئيس قناة العرب، الخبير السياسي جمال خاشقجي، إن محاضرة الأمير سلطان، التي أقيمت في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، أوجزت أساسيات سياسة الدفاع السعودي، وقدمت تقويمًا شاملًا لإستراتجية القوات المسلحة السعودية، حيث أكدت أن لدى قوات الدفاع السعودية الإمكانيات اللازمة والكافية لكي تكون مؤثرة في المنطقة، وهي رسالة موجّهة إلى كل من قام بالتشكيك في القدرات السعودية العسكرية.
&
رأي غير رسمي
وحول ما إن كانت محاضرة الأمير سلطان رسالة رسمية إلى جهات بعينها، قال خاشقجي: "يجب ألا نتعوّد أن نحمّل هذه المحاضرات أكثر مما تحتمل". وأضاف في حديثه لـ "إيلاف": من الطبيعي أن يحاضر الأمير سلطان - وهو العسكري المتخصص – ليعبّر عن رأيه، وطالما أنه ليس موظفًا رسميًا في الدولة، فهو يعبّر عن رأيه.

وتابع "إنه يشرح ما يعتقد أنه رأي الحكومة، ويقول ما سمعه من لدن الحكومة من معلومات، لكن إذا كانت الحكومة تريد إرسال رسالة، فلديها قنواتها، وبإمكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن يرسل ما يشاء من إشارات".

وقال خاشقجي إن محاضرة الأمير سلطان كانت شرحًا للمتخصصين في شؤون الدفاع في الولايات المتحدة عن القدرات العسكرية للسعودية، وهي مبادرة ممتازة، ونتمنى أن تتكرر في أكثر من مكان، كما نتمنى مزيدًا من السعوديين المحاضرين، ليملأوا هذا الفراغ الكبير، فالغرب يريد أن يسمع من السعوديين.

أضاف خاشقجي "نحن السعوديين غائبون بشكل مزعج، وهذا ينعكس سلبًا على الدبلوماسية، فضلًا عن تعاطف الرأي العام الغربي، ويجب أن ننشط في هذا الجانب". وتابع " نحن نشد على يد الأمير، وعلى غيره من الخبراء والمتخصصين بأن يحاضروا في هذه المحافل العلمية والمتخصصة من الكليات الدفاعية وغيرها".

نبذة عن الأمير
تجدر الإشارة إلى أن الأمير سلطان بن خالد الفيصل حاصل على درجة الماجستير في الفنون العسكرية من كلية القيادة والأركان الأميركية، وقد خدم في السلك العسكري لمدة& 20 سنة من الخدمة الفاعلة والمتنوعة منذ تخرجه من دورة الضباط الجامعية في كلية الملك فهد البحرية، وقد أسهم سلطان في تطوير وتحديث الوحدات العسكرية البحرية منذ بدء انطلاقها، لتكتسب مع الوقت قيمة استثنائية، لكونها واحدة من أفضل الوحدات المسلحة في السعـودية وأكثرها تخصصًا ودقة.

على المستوى الاستراتيجي، خدم الأمير سلطان كمستشار في لجان متعددة، حيث تم تعيينه مستشارًا في تطوير قوة العمليات الخاصة لمكافحة الإرهاب، والتي شملت الوحدات البحرية والبحرية والجوية، كما ساهم في تشكيل قوة المهم 151، وهي قوة بحرية متعددة الجنسيات، بذلت جهودًا لمكافحة القرصنة في خليج عدن، كما عيّن مستشارًا لبناء وقيادة العمليات الخاصة وقوة مكافحة التمرد (القوة 88)، والتي لعبت دورًا رائدًا في عملية السور الجنوبي خلال توغل الحوثيين في 2009-2010 داخل الأراضي السعودية.

&