لا خطر أيديولوجيا من روسيا على سوريا، بينما الخطر الإيراني كبير، وفي مقدمه سعي الإيرانيين الدؤوب لتشييع العلويين. لهذا، يبدو أن الأسد استعان بروسيا ضد إيران، لا ضد داعش والنصرة.

بيروت: كان مثيرًا للتساؤل توقيت الدخول الروسي اليوم على خط الأزمة السورية، بعد نحو 5 أعوام من اندلاعها. وتجري محاولات كثيرة للجواب عن السؤال الذي يدور في أذهان الجميع: "لِمَ استعان بشار الأسد الآن بروسيا؟".

ضد إيران

في محاولة للعثور على هذا الجواب، يسلط الكاتب الألماني كريستوف رويتر في مقالة له بصحيفة "شبيغل" الألمانية على الأسباب الرئيسة التي قادت رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الطلب من الروس التدخل في بلاده ضد معارضيه، رغم وقوف الإيرانيين إلى جانبه بقوة، متطرقًا& بإسهاب إلى الأسباب الحقيقية في مقاله، ناقلًا عن أحد المسؤولين الروس الذين عملوا في السفارة السورية لفترة طويلة قوله: "ليس هدف الأسد من استدعاء روسيا استهداف أعدائه فحسب، بل أصدقائه أيضًا، ويقصد الإيرانيين".

أضاف المسؤول الروسي: "الأسد ومن حوله خائفون من الإيرانيين، وهناك غضب من التكبر الإيراني الذي يتعامل مع سوريا كأنها مستعمرة، كما أن السوريين لا يثقون بأهداف طهران، لذلك فإن السوريين يريدوننا في بلادهم".

وبحسب رويتر، خطط الحرس الثوري الإيراني لمدة طويلة أهم عمليات النظام السوري ونفذها، وكان مسؤولًا عن الحملة الناجحة على حلب في الشمال، ودرعا في الجنوب. والحرس الثوري مجموعة تنوي استكمال الثورة الإسلامية، أي انتصار الشيعة على السنة، وهو دولة داخل الدولة الإيرانية، ويملك العديد من الشركات، ولا سلطة للرئيس الإيراني عليه، وأهدافه تذهب أبعد من إعادة الوضع إلى ما كان عليه في سوريا.

خطر التشييع

ففي عام 2013، صرح حجة الإسلام مهدي طائب، أحد مخططي دخول إيران إلى سوريا، قائلًا: "سوريا هي المحافظة الإيرانية رقم 35، وهي ولاية استراتيجية بالنسبة إلينا".

ورأى رويتر أن إيران استخدمت العديد من الوسائل لتثبيت قدمها في سوريا، عسكرية ومدنية. فعسكريًا، عززت إيران إمكانات ميليشيا حزب الله الشيعية في المناطق الحدودية مع لبنان، كما يضم جيش النظام السوري آلاف المسلحين الذين تم تدريبهم في إيران .

على الصعيد المدني، أحدثت إيران تغييرات كبيرة. ففي اللاذقية ودمشق وجبلة، أنشأت عددًا متزايدًا من الحسينيات، لا لتحويل السنة إلى المذهب الشيعي فحسب، بل أيضًا لتشييع العلويين، الذين ينتمي إليهم الأسد، بالإضافة إلى قرار الحكومة بتدريس مواد شيعية في المدارس المملوكة للدولة .

تابع رويتر في "شبيغل": "كل ذلك سبّب تذمرًا لدى العلويين، وبدأوا في التعبير عن عدم رضاهم، إذ اشتكت امرأة علوية قائلة ’لقد& عادوا بنا آلاف السنين إلى الوراء، إننا لا نرتدي غطاءً للرأس، ولسنا شيعة‘، كما هناك غضب من فتح المساجد الشيعية في اللاذقية. وقامت إيران بشراء الأراضي والمباني في دمشق، وتحاول توطين الشيعة فيها".

يتدخلون إيديولوجيًا

وبحسب الصحيفة الألمانية، يلخص طالب إمام، المنتمي إلى الطائفة العلوية الذي فرّ إلى هولندا منذ سنوات عدة، الموقف بالقول: "الأسد يريد الإيرانيين مقاتلين تحت إمرته، إلا أنهم بالتدريج يتدخلون أيديولوجيًا في الشؤون الداخلية لسوريا".

واعتبر الكاتب أن أبرز دليل على النفوذ الإيراني هو المفاوضات التي أجرتها إيران مع المتمردين السوريين، بمن فيهم مقاتلو جبهة النصرة، للوصول إلى اتفاق حول مدينة الزبداني، إذ أجرت طهران هذه المفاوضات مباشرة من دون تدخل دمشق، ومن دون حضور ممثل لها في المفاوضات.

وخلص الكاتب إلى أن إيران تخلصت من جميع المحيطين ببشار، وهو الآن تحت حمايتهم، ومن السهل جدًا أن يتخلصوا منه إذا أرادوا.