يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال أسبوع من الآن زيارة مثيرة للجدل إلى المملكة المتحدة، وسط تباين في الآراء حولها، بين ترحيب حكومي ورفض من جانب المعارضة وجماعات حقوق الإنسان.


نصر المجالي: بينما تستعد لندن الرسمية لزيارة الرئيس السيسي، مع أمل "تدشين" فصل جديد من العلاقات بين مصر وبريطانيا في كل المجالات، فإن للمعارضة وبعض وسائل الإعلام والأوساط السياسية رأيًا آخر.

وكان عدد من نواب البرلمان البريطاني، تقدموا في الخامس من الشهر الجاري بعريضة تحتجّ على دعوة السيسي من جانب رئيس الحكومة ديفيد كاميرون، ورعى العريضة كل من زعيم حزب العمال جيرمي كوربين وجون ماكدونال ومارك دوركان وجوناثان إدواردز ومارتن دي.

عريضة
وقع على العريضة حتى الآن 44 نائبًا، يمثلون الأحزاب المعارضة (حزب العمال والليببراليين الديمقراطيين والحزب الوطني الأسكتلندي). وجاء في العريضة: "إن مجلس العموم يشعر بالفزع لدعوة رئيس الوزراء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى زيارة المملكة المتحدة، لأنه لاحظ أن السيسي عندما كان عضوًا في المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة، دعم حلّ البرلمان المصري عام 2012، وأطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي بانقلاب في عام 2013".

أضافت العريضة: "يعتقد (هذا البرلمان) بأن مدّ اليد وتوجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السيسي ترسل رسالة خاطئة إلى النظام المصري، بأن هذه الانتهاكات سيتم التسامح بخصوصها مع الحكومة. ويعبّر (هذا البرلمان) عن قلقه من استمرار الحكومة إصدار رخص لتصدير المعدات العسكرية والأمنية إلى مصر".

وختم موقعو العريضة بدعوة كاميرون إلى إلغاء الدعوة، و"ممارسة الضغوط على الحكومة المصرية لاتخاذ الخطوات التي تظهر فيها التزامها بالحرية الديمقراطية وحقوق الإنسان، بما فيها إلغاء أحكام الإعدام، والتوقف عن إصدار رخص تصدير السلاح للقوات المسلحة وقوات الأمن المصري".

تساؤل
من جهتها، تساءلت صحيفة (الغارديان) البريطانية في مقال تحت عنوان (ديكتاتور في ضيافتنا) عن زيارة السيسي المنتظرة، وقال في تقرير لها، السبت: "عام 2011 حيّا كاميرون الديمقراطية في ميدان التحرير، والآن يستقبل الزعيم المصري المستبد في لندن. لماذا يأتي عبدالفتاح السيسي إلى لندن؟".

ويقول كاتب المقال جاك شينكر: بعد عودته من مصر قال كاميرون لبي بي سي "التقيت قادة الحركة الديمقراطية، إنهم أشخاص يتحلون بالشجاعة، عملوا أشياء غير عادية في ميدان التحرير"، يقول الكاتب. وأكد كاميرون في تصريحه أن "بريطانيا تريد أن ترى مصر تخطو نحو مستقبل قوي وناجح، نريد أن تتحقق آمال المصريين بالديمقراطية والحرية والانفتاح، تلك الأشياء التي أصبحت مسلمًا بها هنا".

ويتابع المقال: بعد مضي نصف عقد من الزمان، يستقبل كاميرون زائرًا من مصر، وستصطف كاميرات التلفزيون لتصوير اللقاء، وبعد أسبوع يصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويحل ضيفًا على داوننغ ستريت، ستفرش له السجادة الحمراء، وسيتبادل الهدايا مع كاميرون.

ويقول كاتب المقال: سيدور الحديث عن الأمن والاستقرار. أما الديمقراطية والحرية والانفتاح، فلن تذكر هنا، مشيرة إلى أن السيسي، الذي قتل في عهده 2500 شخص من معارضيه منذ التخلص من محمد مرسي، الذي لم يمكث طويلًا كرئيس لمصر، يجوب العالم، ليعزز شرعيته في العالم، وهو ما تحرص هذه الحكومة على مساعدته على تحقيقه.

تصريحات كاسين
وكان السفير البريطاني في القاهرة جون كاسين أجرى مباحثات مع مسؤولين في وزارة الخارجية، وذلك في إطار الإعداد لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بريطانيا. وقال كاسين في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط يوم الخميس الماضي "إننا نسعى من خلال جهودنا المشتركة إلى أن تكون العلاقات بين البلدين أكثر من مجرد الأقوال، بل أفعال ملموسة وحقيقية، لجعل بلدينا أكثر أمنا ورفاهية، وأيضًا من الناحية الاقتصادية، والعمل على دعم التقدم الديمقراطي في مصر".

وأشار إلى أنه قام بزيارة ولقاء رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل والعديد من الوزراء، بينهم وزراء المجموعة الاقتصادية، وذلك بهدف استعادة الزخم في مجال التجارة والأعمال بين البلدين وتعزيز الروابط الاقتصادية بشكل عام.

أفضل العلاقات
وأضاف أن بلاده تستعد لزيارة الرئيس السيسي إلى لندن، و"تدشين" فصل جديد من العلاقات بين مصر وبريطانيا من خلال هذه الزيارة التي ستشهد زخمًا، منوهًا بأن بريطانيا لديها أسس قوية بالفعل من خلال الاستثمارات الكبيرة في مصر.

ولفت السفير البريطاني في سياق حديثه إلى أن الاقتصاد والسياحة يعدّان محركًا قويًا للعلاقات الثنائية، وأن لندن تعمل على تعزيز العلاقات مع مصر في مجالات أخرى. وأكد كاسين أن هناك محاور جديدة للتعاون بين البلدين، سيكشف عنها الرئيس السيسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال الزيارة.. معربًا عن ثقته في أن العلاقات البريطانية - المصرية ستشهد آفاقًا جديدة في التعاون.

وشدد على أن بريطانيا تقف بقوة بجانب المصريين للوصول إلى "مصر الجديدة"، التي يحلم بها جميع المصريين. وأوضح أن مصر وبريطانيا تنتظران نتائج مهمة خلال الزيارة المرتقبة للرئيس السيسي.

وفي ما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، التي أعلنت نتائج جولتها الأولى، شدد السفير البريطاني على أن مصر تدشّن فصلًا سياسيًا جديدًا من خلال انتخابات مجلس النواب. وقال "إن ما يريد تأكيده هو أن هذا الوقت هو وقت الاستماع إلى أصوات المصريين، وليس الدبلوماسيين".

&