أي مستقبل للمؤسسة العسكرية في لبنان في ظل تعثّر وتأخير دفع رواتب العسكريين، وهل يدل الأمر على عجز الطبقة السياسيّة في حل أمور باتت تشكل عائقًا أمام صون أمن لبنان؟.


ريما زهار من بيروت: حيّا رئيس الجمهورية اللبناني السابق ميشال سليمان على أحد مواقع التواصل الإجتماعي "روح الشهيدين في الجيش اللبناني اللذين لم يتأخرا في افتداء شباب لبنان بدمائهما، وذكّر أنه من غير المسموح أن نتأخر عن تلبية حاجات الجيش بتأمين حقوق أفراده".

يأتي هذا الكلام في ظل الحديث عن أن الصيغة القانونية، التي أمّنت رواتب العسكريين لهذا الشهر، لا تؤمّن رواتب الشهر المقبل، علمًا أن وزارة المال قامت بتحويل الأموال من الاحتياط لتأمين الرواتب لكل المؤسسات العسكرية والأمنية والإدارات والمؤسسات العامة، لكنها استنفدت ما يمكن تسميته بالاحتياطي، وبات تمويل الرواتب يحتاج قانون اعتمادات إضافية، يصدر من مجلس النواب، لأن المتوافر في الشهر الأخير لا يغطي الرواتب إلا بصورة جزئية.

فهل من المقبول اليوم أن يبقى الجيش اللبناني، الذي يفدي بدمه اللبنانيين، يخشى عدم الحصول على رواتبه شهريًا، في حين ينعم نواب لبنان بهذه الامتيازات شهريًا من دون القيام بالحد الأدنى من واجباتهم؟.

تعبير عن العجز
يقول الكاتب والمحلل السياسي معن بشور لـ"إيلاف" إن هذا التعثر في صرف رواتب العسكريين ومستحقاتهم، ليس فقط تنكرًا لدور جيشنا اللبناني وقواه الأمنية، في الحفاظ على أمن البلد واستقراره، فحسب، بل هو تعبير صارخ عن حجم العجر، الذي بات يلف نظامنا ومؤسساتنا الدستورية وطبقتنا السياسية المتحكمة، التي باتت أطرافها غارقة في تغليب مصالحها الذاتية على مصالح الوطن العليا".

ويعتبر بشور أن "هذا الإرتباك المتعمد أو غير المتعمد، في مسألة رواتب العسكريين، وربما غيرهم في المستقبل، يدل بوضوح عى حاجة اللبنانيين إلى تغيير جذري يخرجهم من حلقة التقاسم المرعبة بين أطراف الطبقة السياسية، وهذا التناوب الموجود في تعطيل مؤسسات الدولة يجب أن ينتهي، ومن هنا فقد لا يستطيع هذا الحراك الشبابي تغيير الأوضاع، لكنه بالتأكيد تحذير واضح بأن على الطبقة المتحكمة في البلاد أن تدرك أنها تستطيع أن تضلل كل الناس بعض الوقت، ولكنها لا تستطيع أن تضلل كل الناس كل الوقت".

مصير وطن
هل من المسموح أن تشكل المعاشات مشكلة بالنسبة إلى قطاع محوري كالجيش؟، يجيب بشور بأنه لا ينبغي على الإطلاق أن يتوقف تسديد التزامات الدولة تجاه أي قطاع من قطاعاتها، فكيف إذا كان هذا القطاع هو المؤسسة العسكرية، وكيف إذا كانت هذه الأخيرة تواجه تحديات كبرى، تهدد مصير الوطن بأسره، إن أي تذرع بأي سبب لتأخير دفع رواتب العسكريين غير مقبول، لا بل هو مدان وطنيًا وإنسانيًا ومؤسساتيًا.

وحدة الجيش
ولدى سؤاله بأن المؤسسة العسكرية تبقى الوحيدة التي تحمي لبنان، هل بتأخير رواتب الجيش يمكن القول إن المقصود هو ضرب وحدة هذه المؤسسة ووجودها؟، يلفت بشور إلى أنه لا يمكن اتهام أحد بانه يريد ضرب تلك المؤسسة، لأن ليس لأحد في لبنان مصلحة في ضرب كيانها، ولكن يمكن القول إن الطريقة التي تتعامل معها الطبقة المتنفذة مع شؤون البلاد الكبيرة والصغيرة، المصيرية واليومية، تظهر أن النتيجة واحدة، وهي الإساءة إلى هذه المؤسسة الضامنة لأمن البلاد واستقراره.

هل برأيك يثني موضوع رواتب العسكريين في تأخير أعضاء جدد في الانتساب إلى المؤسسة العسكرية في لبنان؟، يؤكد بشور أن الأمر ستكون له انعكاساته على مستقبل هذه المؤسسة، وعلى دورها، ولكن حرص شباب لبنان على تزويد جيشهم ورفده بعناصر جديدة، من شأنه أن يتجاوز هذه المشكلة، خصوصًا إذا أدرك القيمون على الأمور في البلاد أن الجيش يحتاج دائمًا دمًا جديدًا لكي يصون دماء أبناء الوطن.

&