حذر الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في العراق من أن العبادي يواجه تحديات هائلة لتنفيذ إصلاحاته بسبب وجود خلافات بين القوى السياسية، وشدد على ضرورة تصعيد جهود تحقيق المصالحة الوطنية لتعزيز النظام السياسي على أساس الحقوق المتساوية لجميع العراقيين ومواجهة الطائفية والارهاب.

لندن: قال الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق يان كوبيش خلال عرضه لتقريره الفصلي عن الحالة في العراق إلى مجلس الامن الدولي في نيويورك، تسلمت "إيلاف" نسخة منه، إن رئيس الوزراء حيدر العبادي يواصل بنشاط الجهود المبذولة لتحقيق برنامج الحكومة وبرنامجه الاصلاحي بالرغم من تعقيدات الامن وتصاعد التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية.

وأكد أن العبادي يواجه تحديات هائلة لتنفيذ الإصلاح بسبب وجود خلافات واستقطاب سياسي بين القوى السياسية فهو يناضل منذ توليه منصبه اواخر العام الماضي.

وأوضح أنّه على الرغم من الآمال بأنه سيكون قادرًا على نقل المصالحة الوطنية إلى الأمام وجعل مشاركة الطائفة السنية اوسع في العملية السياسية، فقد تم عرقلة جهوده من قبل عناصر داخل جميع المكونات العراقية بسبب عدم الثقة والمصالح الخاصة.

وأوضح أنّ جهود العبادي لاصلاح مؤسسات الدولة العراقية هي خطوة أولى فعالة نحو حكم قائم على محاصصة طائفية اقل، لكنه أشار إلى أنّ اثر الإصلاحات لم تحقق توقعات الشعب، فهناك مواطنون ينتقدون بشكل متزايد رئيس الوزراء لبطء التنفيذ غير انه مع ذلك فإن غالبية العراقيين يعتقدون أن العبادي يشكل الأمل الأفضل بالنسبة لهم من أجل عالم أفضل أقل طائفية&واكثر استقرارًا وازدهارًا.

وأكد انه للتغلب على التحديات الهائلة والمتنامية يجب على جميع القوى السياسية معًا اتخاذ قرارات في مصلحة الشعب العراقي من خلال الانفتاح والشراكة والشمولية والمشاورات واسعة النطاق في صنع القرار لتعزيز الحوكمة الفعالة. وطالب الحكومة بضمان عدم تعرض المدنيين خلال ممارستهم لحقهم في طلب الإصلاحات والعدالة من خلال الوسائل السلمية وأن أي تهديد يتم التحقيق بشكل كامل ومعاقبة القائمين به وفقًا للقانون.

الأزمة المالية في العراق

وأشار رئيس بعثة (يونامي) إلى أنّه في أعقاب الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، تزايدت أزمة العراق المالية واتسع العجز في الميزانية، الامر الذي اثار قلقًا ودعوات إلى اصلاحات اقتصادية عاجلة في البلاد.

وأوضح أنّ برنامج الحكومة للإصلاح يعطي الأولوية لمحاربة الفساد وإصلاح القطاع الحكومي والشروع في خصخصة لتنويع الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتحفيز نمو العمالة. ودعا الحكومة والشركاء الأجانب بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية والإقليمية، إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الملحة.&
&
المصالحة الوطنية

وأشار كوبيش إلى أنّ بعثة الامم المتحدة واصلت جهودها الرامية إلى تعزيز المصالحة الوطنية الشاملة بين قادة جميع المكونات العراقية والجماعات السياسية والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية، والدول المجاورة، بالتنسيق مع الحكومة العراقية، وهو امر يتطلب مواصلة الانخراط في توعية مكثفة مع مجموعة كاملة من المحاورين السياسيين سواء في داخل العراق وخارجه، لتشجيع مشاركتها في جهود المصالحة والعملية.

وحث إيران والأردن وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة على تعزيز الدعم الإقليمي لجهود المصالحة العراقية الشاملة التي تتمسك باحترام الدستور ووحدة وسيادة العراق. وأوضح أنّ اعتماد التشريعات ذات الأولوية، مثل الحرس الوطني، العفو العام وقوانين المساءلة، ظلت معلقة في البرلمان، بسبب انعدام الثقة بين المكونات العراقية، مما أدى إلى غياب التسويات السياسية اللأزمة.

وأكد على الحكومة ومجلس النواب والقوى السياسية ضرورة المضي قدمًا في برنامج المصالحة الوطنية لتعزيز النظام السياسي العراقي على أساس الحقوق المتساوية لجميع العراقيين ومواجهة الطائفية والارهاب.

النازحون

وعن جهود رعاية النازحين، أشار كوبيش إلى تجربة تكريت حيث عاد اليها 155،000 شخص، منوهًا إلى أنّ هذا لا يعني عدم وجود مشاكل هناك حيث انه ليس بمقدور كل فرد ان يسمح له بالعودة، وحيث الابتزاز وحالات الاختفاء تستمر.. إضافة إلى أنّ تقديم الخدمات مازال سيئًا والحكومة بطيئة في المراحل اللاحقة لإعادة الإعمار والتنمية.

وشدد على أن التمويل لرعاية النازحين في كثير من الأحيان هو المشكلة، وأوضح أنّه بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن هناك حاجة إلى 20 مليون دولار إضافية بحلول نهاية السنة فقط، وستكون هناك حاجة أكثر إلى الاستجابة لطلبات إضافية للحصول على المساعدة.

الأزمة السياسية في كردستان

وأوضح كوبيش ان إقليم كردستان العراق كان منذ فترة طويلة مصدرًا للاستقرار والتنمية في العراق، وأن التضحيات التي قدمها البيشمركة الكردية في القتال ضد داعش واستضافة غالبية النازحين العراقيين تستحق اشادة.

لكنه أشار إلى حدوث خلافات عميقة بين الأحزاب السياسية الرئيسية في المنطقة مؤخرًا وبشكل يهدد الاستقرار.. موضحًا أن الخلاف حول رئاسة الإقليم، فضلاً عن عدم وجود إصلاحات وعدم دفع الرواتب والتوتر في الأسابيع الأخيرة أدت كلها إلى اضطرابات مميتة وأزمة سياسية تلوح في الأفق خاصة مع طرد حزب سياسي من حكومة إقليم كردستان وحظر رئيس البرلمان الكردي من أداء واجباته.

وأشار إلى أنّه تحاور مع القوى الكردية على نطاق واسع وشجعها على الوصول بسرعة إلى حل وسط على أساس حوار سياسي شامل وديمقراطي لتبقى موحدة في المهمة الحاسمة من القتال ضد داعش. وفي ما يتعلق بالعلاقات بين بغداد وأربيل، فقد شدد على ضرورة حل الخلافات بشأن اتفاق النفط وتقاسم العائدات بسرعة من خلال الحوار وبمساعدة بعثة يونامي.

داعش

وأشار كوبيش إلى أنّه خلال عام واحد حقق تنظيم داعش تقدمًا في الوسط والشمال، لكنّ قوات الأمن العراقية، وقوات التعبئة الشعبية والمتطوعين القبليين استعادوا مناطق رئيسية، بما في ذلك بيجي، التي هي الآن تحت سيطرة الحكومة.

وفي الرمادي، يتم عزل داعش داخل المدينة وقوات الأمن العراقية والمتطوعون القبائل يضيقان الخناق على المنطقة بهدف انهاء تواجد التنظيم هناك. وأوضح أنّه في أجزاء أخرى من العراق لا تزال القوات الحكومية تمارس الضغط وتمكنت من إستعادة المزيد من الأراضي لكن تقدمها بطيء.

وأشار إلى أنّ هزيمة داعش تتطلب دعمًا متزايدًا لقوات الأمن العراقية والبيشمركة سواء في الأنشطة العسكرية المباشرة أو التدريب وتوفير الإمدادات من المواد. وقال إن الحكومة العراقية بدأت مؤخرًا في التعاون مع روسيا وإيران وسوريا لتبادل المعلومات الاستخباراتية من خلال خلية في بغداد. وأكد ان معنويات مقاتلي داعش تتآكل وحالات الهروب من الخدمة تتزايد، إضافة إلى الاعدامات في صفوفها.&
&
حقوق الانسان

وأكد الممثل الاممي أن حقوق الإنسان في العراق مصدر قلق مستمر مع استمرار داعش بارتكاب الجرائم البشعة ضد المدنيين، بما في ذلك عمليات الخطف والقتل والتدمير المتعمد للممتلكات، فهو يستهدف أولئك الذين يختلفون معه ايديولوجيًا، ولا سيما أعضاء الجماعات العرقية والدينية المتنوعة وأعضاء الحكومات المحلية والإقليمية أو الاتحادية؛ والقضاة والمحامين والإعلاميين والقادة والفنانين، حيث ينفذ التنظيم عمليات القتل هذه بهدف زرع الخوف والرعب في صفوف السكان.

وأضاف أنّ داعش يواصل تقييد الحريات الأساسية للناس تحت سيطرته وفرض قوانين صارمة على السلوك والعدوان عليهم الذي يؤدي إلى الموت بقطع الرأس والرجم أو الحرق.

الاقليات العرقية والدينية

وأضاف أنّ بعثة يونامي تعمل مع الأقليات العرقية والدينية المتنوعة لإنشاء حزمة من التوصيات الرامية إلى ضمان حماية واحترام حقوقهم، وإعادة الإدماج الطوعي والآمن لكافة النازحين إلى مواطنهم الأصلية.
&وأشار إلى أنّ البعثة تعمل مع مجموعة من الشركاء الوطنيين والدوليين، وتشارك أيضًا في تطوير مجموعة شاملة من الإصلاحات القانونية للعدالة الجنائية بهدف تسهيل الوصول الكامل وعلى قدم المساواة إلى العدالة لجميع المواطنين العراقيين، ومعالجة نقاط الضعف البنيوية في إقامة العدل، الذي كان عاملاً مساهمًا في دورات مستمرة من العنف في البلاد.
&
الوضع الانساني

وشدد كوبيش على أن الوضع الإنساني في العراق مثير للقلق البالغ، حيث اظهر التشريد الجماعي للملايين من الناس نتيجة القتال وصولاً إلى حدود أوروبا أزمة كبيرة تفوق القدرات لكنه يتم العمل على خفض وإعادة تنظيم برامجها لدعم نحو 3.2 ملايين نازح عراقي، حيث ان الغالبية العظمى من النازحين يريدون البقاء في العراق، ولذلك فإن أفضل طريقة لتشجيعهم على ذلك هو بتوفير الدعم الإنساني في مناطقهم، الامر الذي سيقلل من نزوحهم عن البلاد والهجرة إلى بلدان ثالثة أولاً وقبل كل شيء إلى أوروبا.

وأشار إلى أنّ تفشي مرض الكوليرا مع الآلاف من الاصابات المبلغ عنها في العراق يزيد من تعقيد الوضع مع ارتفاع المخاوف من أن المرض قد ينتشر أكثر بسبب الأمطار الغزيرة الأخيرة، وانعدام الأمن المستمر.

المفقودون الكويتيون

وحول قضية المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الثالثة والممتلكات الكويتية المفقودة، بما في ذلك المحفوظات الوطنية، أشار الممثل الاممي إلى أنّه على الرغم من عدم الاستقرار الذي تعاني منه المنطقة، الا ان الجو الإيجابي والحوار وتوثيق التعاون هي السائدة في العلاقات بين العراق والكويت، ومما يدل على النوايا الحسنة بين البلدين، عندما اعترفت الكويت بالظروف الأمنية الصعبة للغاية في العراق والتحديات التي يواجهها، مما دفع الكويت إلى الموافقة على طلب العراق لتأجيل لمدة عام دفعه نسبة الخمسة في المائة من عائدات مبيعات صادرات النفط، حيث تم تمديد الدفع حتى الاول من عام 2017 لدفع 4.6 مليارات دولار المتبقية في التعويضات المستحقة للحكومة الكويتية.

وأشار إلى ضرورة الاستفادة من الزخم في الشراكة بين البلدين لتحقيق تقدم كبير في ملف المفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية من اجل غلق هذه القضية الإنسانية بشكل نهائي..موضحًا ان الحكومة العراقية عاقدة العزم على مواصلة تقديم المساعدة الكاملة لتعزيز ودعم وتيسير البحث عن المفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية.

مخيم ليبرتي للمعارضين الايرانيين

وأخيرًا، أشار رئيس بعثة يونامي الاممية في العراق إلى قضية سكان مخيم ليبرتي - الحرية للمعارضين الايرانيين في العراق والحاجة للتخفيف من هذا العبء.. موضحًا أن المخيم كان مؤخرًا ومرة اخرى هدفًا لهجوم صاروخي راح ضحيته 24 من السكان وجرح العديد من الآخرين.

وقال إن الحل الوحيد لضمان أمن السكان هو نقلهم على وجه السرعة إلى بلدان ثالثة، مع تذكير حكومة العراق بالتزامها ضمان سلامة السكان. ودعا بقوة جميع البلدان للعمل جنبًا إلى جنب مع المستشار الخاص للأمين العام للنظر في استضافة هؤلاء السكان في أراضيها، أو أن تستخدم نفوذها في المساعدة في إعادة توطينهم في أقصر وقت ممكن.