كان القانون اللبناني السبّاق في تجريم ظاهرة الإرهاب، وبعد تفشيه في العالم قاطبة أخيرًا، بدءًا من تفجير الطائرة الروسية، وتفجيري برج البراجنة في بيروت وانتهاء بهجمات باريس، تبحث الدول عن حلول جذرية وفعالة للحدّ من هذه الآفة الفتاكة والمدمرة.


ريما زهار من بيروت: بعد تفجيرات باريس وتفجيري برج البراجنة في ضاحية بيروت، يطرح السؤال عن ظاهرة الإرهاب التي تنتشر بسرعة كبيرة بين الدول، فبعد الطائرة الروسية في سيناء، ومن ثم لبنان وباريس، كيف يمكن الحدّ من ظاهرة الإرهاب، وكيف ينظر القانون إليها؟.

يقول الخبير القانوني رياض بدوي لـ"إيلاف" إن الإرهاب لا يعتبر ظاهرة حديثة على المجتمع الدولي، بل يعود انتشار الأعمال الإرهابية إلى تاريخ قديم، حيث كان الإرهابيون يقومون بعمليات القرصنة البحرية واختطاف الطائرات والسفن واحتجاز الرهائن والإعتداء على السياسيين والديبلوماسيين. وقد أدى تفاقم النشاطات الإرهابية وشدتها وحداثة تقنياتها إلى اهتمام المجتمع الدولي بمكافحة هذه الظاهرة، فانعقدت المؤتمرات، وتم التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات، وصدرت القوانين والتشريعات والقواعد القانونية العديدة لتجريمها وملاحقة فاعليها واتخاذ الإحتياطات اللازمة لاكتشافها والحؤول دون وقوعها.

الإرهاب ولبنان
ولدى سؤاله ماذا يقول القانون في لبنان عن الإرهاب؟، يجيب بدوي إنه في لبنان، تخضع الأفعال الإرهابية للمادة 314 وما يليها من قانون العقوبات، الذي صدر بتاريخ 1/3/1943، حيث عرّفت المادة 314 المذكورة، الأفعال الإرهابية بأنها جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر، وترتكب بوسائل من شأنها أن تحدث خطرًا عامًا، وعلى الرغم من غموض هذا التعريف، يعتبر القانون اللبناني من أبرز القوانين التي جرّمت الإرهاب قبل غيره من القوانين، التي لم تنص بشكل مطلق على جريمة الإرهاب أو جرّمتها في وقت متأخر.

يضيف بدوي: "لقد أدت الحوادث الأليمة التي وقعت في لبنان عامي 1957 و1958 وما رافقها من تفجيرات وحوادث قتل وعنف حصدت آلاف الضحايا من أرواح اللبنانيين، إلى حمل المشترع اللبناني على وضع قانون خاص بتاريخ 11/1/1958 علّق العمل ببعض نصوص قانون العقوبات بصورة موقتة واستثنائية، وكانت المادة 315 من قانون العقوبات تنص على أن المؤامرة التي يقصد منها ارتكاب عمل أو أعمال الإرهاب، يعاقب عليها بالأشغال الشاقة الموقتة، وكل عمل إرهابي يستوجب الأشغال الشاقة الموقتة لمدة خمس سنوات على الأقل، وهو يستوجب الأشغال الشاقة المؤبدة إذا نتج منه التخريب، ولو جزئيًا، في بناية عامة أو مؤسسة صناعية أو سفينة أو منشآت أخرى، أو التعطيل في سبيل المخابرات والمواصلات والنقل، ويُقضى بعقوبة الإعدام إذا أفضى الفعل إلى موت إنسان، أو هدم بناء فيه أشخاص".

يتابع بدوي: "غير أن المادة السادسة من قانون 11/1/1958 شدّدت عقوبة الإرهاب، ونصّت على أن كل عمل إرهابي يستوجب الأشغال الشاقة المؤبدة، وهو يستوجب الإعدام إذا أفضى إلى موت إنسان، أو إذا نتج منه التخريب، ولو جزئيًا، في بناية عامة أو مؤسسة صناعية أو سفينة أو منشآت أخرى، أو التعطيل في سبل المخابرات والمواصلات والنقل، وعاقبت المادة السابعة من القانون المذكور بالأشغال الشاقة المؤبدة، من أقدم على مؤامرة بقصد ارتكاب الأفعال الإرهابية المذكورة، وأعطت المادة الثامنة من القانون نفسه، صلاحية النظر بالجرائم الإرهابية للمحاكم العسكرية.

كما نصت المادة 316 من قانون العقوبات على أن كل جمعية أنشئت بقصد تغيير كيان الدولة الإقتصادي أو الإجتماعي أو أوضاع المجتمع الأساسية بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 314، تحل ويقضى على المنتمين إليها بالأشغال الشاقة الموقتة، ولا تنقص عقوبة المؤسسين والمديرين عن سبع سنوات، ثم أضيفت فقرة إلى المادة 316 بموجب القانون رقم 553 تاريخ 20/10/2003، اعتبرت أن كل من يقوم عن قصد وبأية وسيلة مباشرة أو غير مباشرة بتمويل أو المساهمة بتمويل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية، يعاقب بالأشغال الشاقة الموقتة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن مثل المبلغ المدفوع، ولا تزيد على ثلاثة أمثاله. وبذلك يعتبر الإرهاب في القانون اللبناني جناية مشددة أصلاً، ومن صلاحية القضاء العسكري.
&