أي موقف ستتخذه فرنسا من الشرق الوسط بعد تفجيرات باريس، وهل يبقي الغرب سياسته كما هي، بعد ما شهدته باريس من تفجيرات، وما هو الموقف الفرنسي المستجد من لبنان تحديدًا؟.


ريما زهار من بيروت: بعد تفجيرات باريس الأخيرة، يطرح السؤال حول مدى فاعلية سياسة فرنسا والغرب حيال الشرق الأوسط، ومدى إمكانية تغيير هذه السياسة وتبدلها في المستقبل.

تؤكد الإعلامية سعاد قاروط العشي في حديث لـ"إيلاف"، أن "أضعف الإيمان أن تتبدل سياسة فرنسا تجاه الشرق الأوسط، إذا كان هناك بعد نظر عند السياسيين الفرنسيين يجب أن تتبدل سياسة الغرب تجاه الشرق الأوسط، ويجب أن يتطلع الفرنسيون إلى مستقبل فرنسا، وإلى أين هم ذاهبون، ومن ربّى "الوحش" في دياره، وقام بتغذيته، لماذا يتساءل بأن هذا الوحش قد يفترسه يومًا ما ويفترس من حواليه؟".

أضافت العشي: "لا نعرف لماذا السياسة الفرنسية كانت تضع كل ثقلها في سلة واحدة، لماذا لم تحسب خط الرجعة، لأنه كان واضحًا ما يجري، وأي سياسي يفهم، ولديه بعد نظر، لا يضع كل ثقله في نقطة واحدة، كما فعل السياسيون الفرنسيون، ونأسف لما حصل في فرنسا، وهو تمامًا ما جرى في بيروت أيضًا، وفي العراق وسوريا، وما يجري غير مقبول، رغم أن أحدًا لم يسأل عن لبنان عندما ضربته التفجيرات "الإرهابية"، وكأنّ دماءنا رخيصة، والإرهاب تتم تغذيته وتتم تقويته على أي أساس. وتعتقد العشي أن فرنسا سوف تنتظر قليلًا قبل أن تغيّر سياستها، وإلا إذا استمرت بسياستها، فهذا يشكل منتهى الغباء.

موقف الغرب
ولدى سؤالها أي موقف سيتخذه الغرب من الشرق الأوسط بعد اعتداءات باريس؟، تجيب العشي "المفروض على الأقل أن يكون الغرب يدًا واحدة ضد الإرهاب، لأن هذا وحش سيلتهم العالم، ويحصده بأجمعه، لأن لا دين له، ولا هوية يملكها، وهو بعيد كل البعد عن الإنسانية، ولا علاقة له بأي أمر، هو وحش كاسر، والمفروض أن تتم سياسة الغرب بالتنسيق مع العالم العربي والشرق الأوسط، وإلا سيستفحل هذا "الوحش"، ويأكل الأخضر واليابس.

فرنسا ولبنان
لبنانيًا هل تتغيّر سياسة فرنسا تجاه لبنان بالتحديد بعد تفجيرات باريس؟، تقول العشي إن تلك السياسة يجب ألا تتغيّر، وتستبعد ذلك. أما أي دور للسياسات الخارجية في تسهيل أمور لبنان وملفاته الداخلية المعقدة، تجيب العشي "المفروض أن هناك تعاطفًا أكبر مع لبنان، خصوصًا بعد تفجيري برج البراجنة أخيرًا في ضاحية بيروت الجنوبية، والمفروض أن العالم الذي يضع ما يشبه الخيمة على لبنان أن يساعده، حيث يعتبر ضرورة أن ينعم لبنان بالإستقرار، رغم ذلك يبقى لبنان ليس أولوية للغرب والعالم، فكيف ننعم بالإستقرار، والإرهاب يدق أبوابنا يوميًا، من المفترض أن تتم مساعدة لبنان على الأقل من خلال إزالة الأيادي الخارجية عنه، كي يستطيع أن يحل مشاكله، والوصول إلى اتفاق بين مختلف الفرقاء. مشكلتنا أن كل فريق في لبنان يتبع جهة خارجية، وهذه الجهات تتحارب، وتنتقل الحرب بطبيعة الحال إلى الداخل اللبناني.

الاتفاق بين اللبنانيين
لماذا لا يزال الداخل اللبناني يحتكم بالخارج، ولماذا لا يعي اللبنانيون ضرورة حل مشاكلهم بأنفسهم؟، تجيب العشي أن لبنان لا يزال شعبًا لا يستطيع أن يحكم نفسه، بكل أسف إذا استعرضنا التاريخ نرى في كل مراحل الزمن هناك فئة تحكمنا، في نهاية المطاف كان السوريون من يحكموننا، وعندما خرجوا من لبنان، أصبحنا فريقين متناحرين، نتحارب، ونقتل بعضنا بعضًا، ولو حتى سياسيًا.

عن دور النخب الثقافية في لبنان لتفعيل الوحدة بين مختلف الفرقاء، تقول العشي إنه للأسف الشديد، حتى المفكرون والمثقفون منقسمون ومتخاصمون، أحيانًا نشهد مثقفين يتحدثون بغير ما يجب أن يتم الحديث به، وهم يساهمون بالتالي بزيادة التفرقة بين اللبنانيين. فلا منطق لديهم، فحتى الثقافة انغمست بالتفرقة وبالحرب في المواقف في لبنان.

&