موسكو: أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس في موسكو استعداد بلاده للتعاون في معركة مكافحة الإرهاب في سوريا، ردا على دعوة هولاند تشكيل "ائتلاف واسع" ضد جهاديي تنظيم داعش.

وقال الرئيس الفرنسي للصحافيين في بداية لقائه مع بوتين في الكرملين "يجب ان نشكل معا هذا التحالف الواسع لضرب الارهاب (...) حتى يتسنى لجميع الدول التحرك ضد الارهاب وضد داعش".

وأضاف "لذلك جئت الى موسكو لنحدد كيف يمكننا التحرك والتنسيق للوصول الى هذه المجموعة الارهابية". واكد بوتين "استعداده لهذا التعاون". وقال ان "هذا التحالف ضروري جدا وهنا تتقاطع مواقفنا"، مشيرا الى ضرورة "توحيد الجهود في الحرب ضد الشر المشترك".

وقبل اجتماعه ببوتين، التقى هولاند الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء في واشنطن ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين في لندن والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل مساء الاربعاء في باريس.

وأعلنت وزيرة الدفاع الالمانية اورسولا فون دير لين الخميس ان بلادها اقترحت على فرنسا ارسال فرقاطة وطائرات استطلاع واخرى للتزود بالوقود للمشاركة في مكافحة الجهاديين في سوريا.

وأضافت "بامكاننا تقديم ثلاثة امور: الحماية والاستطلاع والخدمات اللوجستية" موضحة ان حماية& "حاملة الطائرات شارل ديغول يمكن ان توفرها فرقاطة". اما الاستطلاع فبواسطة الاقمار الصناعية وطائرات تورنادو و"اللوجستية" بواسطة طائرات للتزود بالوقود.

وقال هولاند في موسكو "يجب ان نبادر لتكون هناك اعمال مكثفة ضد هذا الارهاب"، مؤكدا ضرورة "البحث عن حل سياسي في سوريا" ايضا.

واستقبل هولاند في اطار تحركاته الدبلوماسية الكثيفة صباحا في باريس رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي. والخميس دعا كاميرون من جديد مجلس العموم، المتحفظ حتى الان، الى السماح لبريطانيا، ب "توسيع" ضرباتها ضد تنظيم داعش في سوريا من اجل حرمانه من "ملاذ آمن" فيها.

وفي ختام لقائه مع الرئيس هولاند، اكد رئيس الوزراء الايطالي "التزام" ايطاليا في اطار "استراتيجية شاملة" ضد الارهاب، لكنه لم يحدد الدور الذي ستضطلع به بلاده. وحذر ايضا من ان ليبيا "يمكن ان تكون الحالة الطارئة المقبلة" للمجموعة الدولية.

وبعدما انضم الى الولايات المتحدة في تكثيف الغارات، وتأكد من مساعدة الشركاء ال27 لفرنسا في الاتحاد الاوروبي، في المعركة في الشرق الاوسط بطريقة مباشرة او غير مباشرة، سيصل الرئيس الفرنسي في الساعة 16،00 ت غ الى موسكو للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وحتى الان، تقاتل روسيا التي كانت اول من طالب ب "تحالف" دولي ضد جهاديي تنظيم داعش، وحدها في المشرق، بالاتفاق مع ايران الى حد ما. ويطالبها الغرب بأن لا تصيب تدخلاتها العسكرية المعارضة المعتدلة، فتفيد بذلك نظام بشار الاسد، وان تشارك بشكل فعال في استهداف تنظيم داعش.

توتر بين موسكو وأنقرة

والهدف المعلن للزيارة عسكري، لكن ترتسم في الكواليس ملامح محادثات دولية جديدة حول تسوية سياسية للنزاع السوري الذي اسفر منذ اكثر من اربع سنوات عن اكثر من 250 الف قتيل ودفع الى الهجرة ملايين السوريين. وحيال فلاديمير بوتين الذي لا يريد تدخلا خارجيا يملي على سوريا مستقبلها، قد يؤكد هولاند انه خفف من طلبه الاسراع في تنحية الرئيس السوري عن السلطة.

وتنسيق محاربة تنظيم داعش الذي اعلن مسؤوليته عن الاعتداء الانتحاري الاربعاء في وسط العاصمة التونسية، مسألة معقدة خصوصا بعدما اسقطت تركيا مقاتلة روسية بحجة انها انتهكت مجالها الجوي. وتركيا عضو في حلف شمال الاطلسي وفي التحالف ضد تنظيم داعش.

واعرب بوتين عن اسفه الخميس لأن روسيا لم تتلق بعد اعتذارا من انقرة، بعد يومين على الحادث، وهو الاخطر بين موسكو وانقرة منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ شهرين. ولكن وزير خارجية تركيا مولود جاويش قال ان تركيا لن تعتذر.

وقد عرض الحادث العسكري للخطر استراتيجية بوتين، الذي يؤيد تحالفا دوليا يدعم الجيشين السوري والعراقي. وسعي هولاند الى استراتيجية تشكيل تحالف "موسع" ضد تنظيم داعش اثر اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر التي اسفرت عن 130 قتيلا و350 جريحا. ووعدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاربعاء بتدخل "سريع" الى "جانب فرنسا" في محاربة تنظيم داعش.

وقال مسؤول في حزب ميركل الخميس ان المانيا "ستقدم دعما اكبر عبر تعزيز مهمة التدريب في شمال العراق ولكن ايضا التحرك في سوريا من خلال نشر طائرات استطلاع تورنادو لزيادة التزامنا في محاربة الارهاب".

من جانبها، اكدت كندا التي اختارت رئيس وزراء جديدا هو جاستن ترودو، وتخلت عن الضربات الجوية، انها تقوم باعادة بحث مشاركتها العسكرية في التحالف ضد تنظيم داعش.

أعلام زرقاء وبيضاء وحمراء

في المقابل، تستمر المطاردة في اوروبا للقبض على اثنين من الفارين المشبوهين في التورط في اعتداءات باريس. فعمليات البحث في اوجها عن الفرنسي صلاح عبد السلام في بلجيكا حيث ما زال التوتر والخوف من اعتداءات جديدة مستمرا.

وصدرت من جهة اخرى مذكرة توقيف دولية ضد البلجيكي-المغربي محمد البريني الذي تم التأكد من انه كان مع صلاح عبد السلام قبل يومين من الاعتداءات. وتستعد فرنسا لتكريم ضحايا الاعتداءات خلال احتفال في باحة الانفاليد في وسط باريس حيث يرقد جثمان نابوليون. ودعي سكان باريس الى تزيين العاصمة بالرايات الزرقاء والبيضاء والحمراء.

وقد صوت البرلمان الفرنسي الاربعاء على استمرار الغارات الجوية في سوريا. وفي خطاب القاه الخميس في جامعة السوربون تكريما لطلبة قتلوا خلال الاعتداءات (منهم الايطالية فاليريا سوليسين) اكد رينزي ان الرد على الاعتداءات يجب "ان يشمل مكونين هما الامن والثقافة".