شيكاغو: تقول صفاء مشيمش الجتالسة على اريكة في شقتها المتواضعة في شيكاغو ان عائلتها السورية كانت بين المحظوظين لتستقر في الولايات المتحدة قبل تصاعد موجة رفض اللاجئين عقب اعتداءات باريس.

وتضيف اللاجئة السورية أنه أمر مؤلم رؤية سياسيين يحاولون منع عائلات من ايجاد ملاذ آمن، بحجة أن جميع السوريين يشكلون خطرًا على الأمن. وتوضح "حالتي كأي ام تحب اطفالها، تريد رؤيتهم ينامون بسلام".

وبنبرة يشوبها الحنين الى سوريا التي مزقتها الحرب، تؤكد الشابة البالغة من العمر 27 عاما ان اللاجئين مجبرون على الفرار، وكانت قبل الحرب تعيش في راحة وامان محاطة بالعائلة والاصدقاء.

وفي بداية موجة التظاهرات السلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، شارك اسماعيل الريف، زوج صفاء، في الاحتجاجات. الا انه& سرعان ما نأى بنفسه عنها بعد تطور الاحداث.

لكن في 15 تشرين الاول (اكتوبر) العام 2011، وحين كان الريف يجلس في مقهى مع خمسة من اصدقائه، مرت سيارة تستقلها عصابة من "الشبيحة" واطلقوا النار عليهم. ويقول الرجل البالغ من العمر 38 عاما لوكالة الصحافة الفرنسية "انا الناجي الوحيد".

رؤيته لاصدقائه يفارقون الحياة امام عينيه في احد شوارع مدينة حمص، لم تكن الا بداية المحنة. واصيب الريف في ساقه، وبدأ باستخدام عصا خلال تنقلاته، فاعتراه الخوف من ان تعتبره السلطات السورية "مثيرا للشغب".

لكن محاولة الهروب محاطة بالمخاطر ايضا، فقرروا البقاء رغم اشتداد الحرب التي اجبرت اطفالهم على التغيب عن المدرسة لصعوبة الوصول اليها، والمعاناة من حيث تأمين الاحتياجات.
استمرت تلك الحالة حتى نجت العائلة بأعجوبة بعدما اصاب صاروخ المبنى الذي تسكنه.

ليلة الهروب

انضمت العائلة الى موجة اللاجئين الفارين من البلاد لاشتداد وطأة الحرب، لتصل اخيرا الى الحدود الاردنية في تموز (يوليو) العام 2012. وتحت جنح الظلام، قطعت العائلة 40 كيلومترا سيرا في الجبال لتجنب الدوريات السورية.

وبعد اكثر من عامين في الاردن، حصل الزوجان على موافقة للهجرة مع اطفالهما الاربعة الى الولايات المتحدة. تقول الام "نحن سعداء جدا لوجودنا في أمان هنا، لكن في الوقت نفسه ليس سهلا على اي شخص ان يغادر منزله".

ومنذ بدء النزاع في العام 2011، استقبلت الولايات المتحدة اقل من 2180 لاجئا سوريا، من اصل 4,3 ملايين مسجلين لدى الامم المتحدة.

وتعهد الرئيس الأميركي باراك اوباما استقبال عشرة آلالف لاجئ اضافي خلال عام، غير ان قضية اللاجئين السوريين اصبحت موضع خلاف في اعقاب الاعتداءات الدموية التي ضربت باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر واسفرت عن مقتل 130 شخصا.

وتزايد الخوف من هذه الموجات بسبب تسلل عدد من الانتحاريين في صفوف اللاجئين للوصول الى اوروبا.

ولهذا، رفض اكثر من نصف حكام الولايات استقبال لاجئين، كما مرر مجلس النواب الأميركي اجراء يحظر دخول اللاجئين السوريين والعراقيين طالما لم يتم تعزيز اجراءات التدقيق.

الانتقام "الدنيء"

&تعتبر سوزان الاخرس سحلول، مديرة جمعية "شبكة الجالية السورية" التي تساعد اللاجئين على الاستقرار، ان هذا الامر هو انتقام "دنيء"، على خلفية الخطاب المعادي للمسلمين من قبل العديد من المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية في العام 2016.

وقالت "اشعر بخيبة امل كبيرة من بلادنا"، مضيفة ""ما الذي حصل لنا حتى تغلق ابوابنا في وجه الاشخاص الهاربين من الارهاب والصدمة والموت؟".

لم تستقبل شيكاغو، احدى اكبر مدن الولايات المتحدة، سوى 18 أسرة سورية. غالبية تلك العائلات تسكن قرب عائلة الريف في حي تجاره يتكلمون العربية ويبيعون القهوة التي يحبون.

بين هذه الاسر، عائلة عبد الله طه (44 عاما)، الذي وصل مع زوجته واطفالهما الثلاثة في ايلول (سبتمبر). سجن طه، وهو سائق سيارة أجرة سابقا، لمدة شهر في كانون الاول (ديسمبر) العام 2011.
يقول انه تعرض للتعذيب من قبل النظام، فيما كانت عائلته تبحث عن جثته في شوارع العاصمة السورية.

بعد وقت قصير من اطلاق سراحه، هرب الى لبنان، لكن الحياة كانت "فوضوية" هناك. رغم سعادته بالحرية، يبدي طه قلقه حيال والديه واقربائه وجميع المحاصرين في سوريا.

يحاول كبت غضبه عندما يسمع احدهم يصف اللاجئين بـ"الارهابيين". يقول "اشعر بالاستياء حين اسمع اشخاصا او مرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية يختلقون اي شيء (...) يشوهون صورتنا".