باريس: يكشف طرح فرنسا للمرة الاولى امكانية مشاركة قوات الرئيس السوري بشار الاسد في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، عن منعطف جديد في سياسة باريس حيال الازمة السورية بعد نحو اربع سنوات على قطع العلاقات مع دمشق.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس متحدثا لاذاعة ار تي ال الجمعة انه من اجل مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية "هناك مجموعتان من الاجراءات: عمليات القصف.. والقوات البرية، التي لا يمكن ان تكون قواتنا، بل ينبغي ان تكون قوات الجيش السوري الحر وقوات عربية سنية، ولم لا؟ قوات للنظام واكراد كذلك بالطبع".

وفي تصريحات لوكالة فرانس برس، قال فابيوس لاحقا ان امكانية مشاركة قوات الرئيس بشار الاسد في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية لا يمكن طرحها الا "في اطار الانتقال السياسي"، مشيرا الى ان هذه المشاركة ممكنة "في سياق الانتقال السياسي وفي سياقه حصرا". لكنه اكد مرة جديدة ان الاسد "لا يمكن ان يمثل مستقبل شعبه". فبالنسبة الى باريس اذا، اي تعاون مع الجيش السوري يمكن ان يتم في حال الدخول في عملية انتقال سياسي لن تؤدي الا الى رحيل الاسد، وفقا للتحليل الفرنسي.

رغم ذلك، تاتي تلك التصريحات المثيرة للدهشة على لسان من يعرف بانتقاده الشديد للأسد، الذي ينظر اليه على انه "جزار" لشعبه والسبب في ظهور تنظيم الدولة الاسلامية. ولطالما كرر فابيوس ان "الاسد والارهابيين وجهان لعملة واحدة". وفي مواجهة ازمة اللاجئين والتهديد الجهادي، غيّرت فرنسا بشكل ملحوظ دبلوماسيتها تجاه سوريا منذ اشهر عدة.

كما ان الاعتداءات الدموية التي ضربت باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر تعمل على تسريع عملية التحول في السياسة الفرنسية، اذ اعلن الرئيس فرنسوا هولاند بوضوح ان الاولوية القصوى حاليا هي لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية. واعلن هولاند امام البرلمان الفرنسي بعد ثلاثة ايام من الاعتداءات ان "داعش هو عدونا في سوريا".

التقارب الروسي
وتسعى فرنسا ايضا بشكل كبير الى التقارب مع روسيا، حليفة النظام السوري، في سياق تشكيل ائتلاف دولي موحد لمواجهة الجهاديين. وكانت موسكو تقدمت باقتراح تشكيل هذا التحالف في ايلول/سبتمبر الماضي خلال الجمعية العامة للامم المتحدة، ولكن تم رفضه حينها بسبب رغبة روسيا في اشراك النظام السوري بمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.

تصريحات فابيوس صدرت غداة لقاء هولاند مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، وقرار الطرفين "تنسيق" الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، في تعاون هو الاول من نوعه. ووعد بوتين بأن روسيا، التي يتهمها الغرب بالتركيز على مواقع الفصائل المقاتلة المعارضة للنظام بدلا من الجهاديين، "ستتبادل المعلومات حول المناطق التي توجد فيها المعارضة الصحيحة، وليس الارهابيين، والامتناع عن قصفها"، مع التأكيد ان الجيش السوري هو "حليفه الطبيعي في الحرب على الارهاب".

واوضح فابيوس الجمعة ان "الرئيس بوتين طلب منا وضع خارطة للقوى غير الارهابية التي تقاتل داعش"، و"تعهد ما ان نرفع اليه هذه الخارطة، وهو ما سنقوم به، بعدم قصفها، وهذا في غاية الاهمية". رغم ذلك، لم يسفر كل ما سبق عن تجسيد فكرة "الائتلاف الواسع" في ظل استمرار الخلافات حول مصير الرئيس السوري في اي تسوية للنزاع السوري ومشاركة الجيش السوري في المعركة ضد الجهاديين.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لصحافيين الجمعة ان "شركاءنا للاسف غير مستعدين حاليا للعمل معا ضمن ائتلاف موحد". اما بالنسبة الى مصير الاسد، فأكدت موسكو ان القرار بيد السوريين. وتأتي هذه التطورات، بعد خارطة طريق تم التوصل اليها للخروج من الازمة السورية قبل اسابيع في فيينا خلال لقاء دولي جمع عشرين دولة ومنظمة بينها روسيا وتركيا.

وتنص هذه الخارطة على وقف لاطلاق النار في سوريا واجراء انتخابات يشارك فيها الناخبون من الداخل والخارج، وصياغة دستور جديد للبلاد. كما تسعى الدول المشاركة الى عقد مباحثات بين النظام والمعارضة بحلول الاول من كانون الثاني/يناير.
&