يرى خبراء أن "الجهاديين" كالذين نفذوا اعتداءات باريس، التي أودت بحياة 130 شخصًا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، يتخذون الإسلام ذريعة للتعبير عن تمرد داخلي وتعطش إلى العنف. ويؤكدون أن حبهم للقيادة يطغى على أي فكر آخر أو دين، فهم يبحثون عما يلفت الأنظار إليهم ويجعلهم يحكمون ويبطشون ويتحكّمون بالعالم.


إيلاف - متابعة: يقول الخبراء ان هؤلاء الجهاديين الذين لا يتقنون العربية او لا يعرفونها اطلاقًا، ويعتمدون على مفاهيم بالكاد يفهمونها او يشوّهون معانيها، وجدوا في تنظيم الدولة الإسلامية بنية مرنة وعملية، يمكنهم تنمية رغبتهم في التطرف من خلالها.

أداة تفريغ
وقال بيتر هارلينغ من مجموعة الازمات الدولية لوكالة فرانس برس "ثقافتهم الاسلامية بسيطة او شبه معدومة". واضاف "اصلا الذين يملكون ثقافة اسلامية متينة هم ابعد ما يكون عن الوقوف في صف تنظيم الدولة الاسلامية". وفي مقال بعنوان "قتل الآخرين، قتل النفس"، يرى هارلينغ ان "الجانب الاكثر اثارة للقلق في المجازر التي وقعت في باريس هو أنها جاءت نتيجة عنف داخلي".

اضاف ان تنظيم الدولة الاسلامية "أمّن مجالًا عمليًا يمكن لعنف فاضح أن يعبّر عن نفسه فيه، ويتخلص من كبته، ويعزز قوته. ليس غريبًا ان يكون اوروبيون اعتنقوا الاسلام هم عناصره الرئيسيون". وتابع هارلينغ "هؤلاء الذين لا يملكون اي خبرة عسكرية او تأهيل ديني، وبشكل عام اي قدرات لغوية، يعبّرون عن انفسهم بعنف في حدوده القصوى".

ويقول مدير المرصد الديني رافاييل ليوجييه الاستاذ في معهد العلوم السياسية في ايكس ان بروفانس، الذي درس سير عشرات الجهاديين الفرنسيين او الذين يتطلعون الى الجهاد، لوكالة فرانس برس، ان "ايا من الذين قاموا بعمليات على الارض الفرنسية من محمد مراح الى منفذي اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر لم يتلق تأهيلا دينيا اساسيا او تدرج في ممارسته الشعائر الدينية".

اضاف "انهم اشخاص يؤمنون بالعنف لأن الاسلام اليوم (بالنسبة اليهم) مرادف للعنف المعادي للمجتمع. انهم يريدون التعبير عن رغبتهم في ان يكونوا ضد المجتمع".

القيادة قبل الدين
تابع "انهم يدعون انهم اصوليون، لكن هذه مجرد مواقف". واضاف "يمرون في المساجد، ويصلون أقل من الآخرين، ويتطلعون الى اسلوب +الافغان الجدد+ كما اسميه بحثا عن رومانسية مرتبطة بالحروب الحديثة".

وقال رافايل ليوجييه "بما انهم من اصول مغاربية، ويقال لهم انهم مسلمون، وان للاسلام صورة سلبية، فهذا يروقهم. لو كانوا في ثمانينات القرن الماضي لالتحقوا بحليقي الرؤوس او باليسار المتطرف او اليمين المتطرف". اضاف "انهم ينتقلون الى الجهاد مباشرة، لان النقاط المشتركة التي تجمعهم هي الانحراف ومشاكل في طفولتهم والرغبة في ان يصبحوا قادة".

وقال شرطي متخصص في مسائل الارهاب لفرانس برس ان احد المتدربين على الجهاد قال له في جلسة استجواب "القرآن لا يهمني. ما يهمني هو الجهاد". ويدافع الخبير السياسي المتخصص بالاسلام اوليفييه روا ايضًا عن فرضية استخدام الاسلام اداة من قبل شبان متطرفين يسعون الى مثاليات عنيفة.

أسلمة التطرّف
وكتب في مقال بعنوان "الجهاد تمرد مرتبط بالجيل وعدمي" ان "داعش يستفيد من خزان للشباب الفرنسيين، الذين تبنوا التطرف و(...) يبحثون عن قضية او شعار او رواية كبرى تحمل توقيع تمردهم الشخصي". اضاف "المشكلة الاساسية بالنسبة إلى فرنسا ليست الخلافة في الصحراء السورية، التي ستتبخر عاجلا ام آجلا، مثل سراب قديم تحول كابوسا. المشكلة هي تمرد الشباب". وتابع "الامر لا يتعلق بتطرف الاسلام، بل بأسلمة التطرف".

ونجح قادة في تنظيم الدولة الاسلامية، وبينهم افراد سابقون في الاستخبارات العراقية في عهد صدام حسين، في استخدام هذا العنف ضمن قنوات معينة. وقال بيتر هارلينغ "انها حركة مرنة جدا يمكن ان تجمع حركات أخرى كثيرة". واضاف "انها تتخلى عن أسس عقائدية متينة، وتنجح في تمثيل أمور متعددة مختلفة جدًا للكثير من الناس المختلفين جدا".
&