&يسعى بنيامين نتانياهو، رئيس الحكومة الاسرائيلية، إلى إجراء تغييرات على جهاز الامن العام عبر فرض رئيس جديد من خارج المؤسسة، فيما يحاول اليمين الاسرائيلي زرع موالين له في هذا الجهاز، وبين هذا وذاك، برز تراجع واضح في سلطة الجهاز وبنيته السياسية والأمنية وحتى اللوجستية.

&
مجدي الحلبي من تل ابيب: بينما يتحدثون في اسرائيل عن حالة غليان في جهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد"، بسبب نية نتانياهو تعيين قائد سلاح الجو السابق عيدو نحوشتان رئيسًا للموساد، خلفًا لتمير باردو، &فإن جهاز الامن العام "الشاباك" يشهد حالة من التمرد على خطوات رئيسه يورام كوهين، وعلى محاولات رئيس الحكومة اجراء تغييرات داخل الجهاز، فيما يدور حديث عن تعيين منسق شؤون الحكومة الاسرائيلية في الضفة الغربية يوأب (بولي) مردخاي رئيسًا للشاباك، خلفًا للرئيس الحالي يورام كوهين، الذي سينهي خدمته خلال العام المقبل.
&
مسؤول سابق في جهاز الشاباك، وكنيته "ميرون"، قال لـ "إيلاف"، إن ما يحدث داخل جهاز الشاباك هو سيئ للغاية، وان خطوات رئيس الشاباك، بإيعاز من رئيس الحكومة، من شأنها المس بالجهاز الأكثر أهمية وحساسية في دولة اسرائيل.
&
استبعاد
&
إلى ذلك، تُشير معلومات "إيلاف" الى أن رئيس الشاباك كان قد عيّن نائبيّن له، الاول هو من تعيّن مؤخرًا قائدًا عامًا لشرطة اسرائيل، روني الشيخ، وضابط آخر يُدعى "ن"، وكان قادة الشاباك يُطلقون عليه اسم "حافظ الشاشة"، أي انه يحفظ مكان النائب الاول روني الشيخ، وهو من اصل يمني، وكان رئيس الشاباك الحالي يورام كوهن يُعده لخلافته، لكن استدعاء الشيخ لقيادة الشرطة صعّب الأمر، خاصةً وأن "ن" لا يملك قدرات قيادية، فهو وبحسب اقوال "ميرون"، جاء من الجانب اللوجستي وليس الميداني، أما ما يثير قيادة الشاباك، بحسب ضباط سابقين في هذا الجهاز، فهو القيام بإبعاد أحد الضباط الناجحين ويدعى "أ.ي"، وهو شغل منصب قائد لواء الشمال في الشاباك، وأيضًا كان قائدًا للواء المركز، الا انه لم يحظَ بدعم رئيس الشاباك، فيما وصف البعض بأنه يتجه يسارًا في توجهاته، ولذلك تم ابعاده الى الموساد، ليكون مستشارًا هناك لرئيس الموساد بما يتعلق بالتنسيق مع الشاباك في العمليات الخاصة.
&
ولاء سياسي
&
وضمن هذا السياق، طالب عددٌ ليس بقليل من ضباط جهاز الامن العام الاسرائيلي رئيسهم بإعادة "أ.ي" الى الجهاز بعد مغادرة روني الشيخ، الا ان رئيس الشاباك رفض طلبهم، فيما استغل رئيس الوزراء، وهو الشخص المكلّف بمثل هذه التعيينات بحسب القانون في اسرائيل, الوضع ليجلب شخصًا مواليًا له، وبالفعل، فقد بدأ مقربون من نتانياهو بطرح اسم بولي مردخاي، بهدف جسّ النبض وتهيئة الظروف، بحسب ما أوضح مسؤول كبير في جهاز الشاباك.
&
مصادر خاصة قالت لـ "إيلاف" إن فترة حكم نتانياهو الاولى، عام 2009، كانت عادية في هذا المجال، فقد اضطر لقبول من تعيّن على يد سلفه ايهود اولمرت في الشاباك والموساد وقيادة الاركان، الا انه لم يكن يُخفي امتعاضه من هؤلاء، لا سيّما وأنهم كانوا يعارضونه دائمًا في بعض القرارات، مثل قرار الغاء فكرة ضرب المنشآت النووية الايرانية، عام 2011-2012، عندما عارض الفكرة رئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين، ورئيس الموساد حينها مئير داغان، ورئيس الاركان في تلك الحقبة غابي اشكنازي، وخلفه بيني غانتس.
&
بين اليمين واليسار
&
الواضح، بحسب الخبراء في اسرائيل، ان نتانياهو يحاول التغيير داخل تلك المؤسسات الامنية بهدف خلق ارضية لتعيين موالين لليمين الاسرائيلي في تلك المناصب، كون غالبية رؤساء الاجهزة الامنية الاسرائيلية يتجهون الى يسار الخارطة السياسية في اسرائيل بعد انهائهم الخدمة، فقد انضم عدد قليل جدًا من القيادات الامنية لصفوف اليمين، فيما سارع الآخرون إلى صفوف اليسار، مثل شاؤول موفاز ويسرائيل حسون وغيرهما.
&
هذا وقال ضابط سابق في الشاباك، إن محاولات اليمين لزرع موالين لم تنجح منذ استلام مناحيم بيغن في العام 77 الحكم في اسرائيل، وعلل ذلك بأن غالبية رجال الاجهزة الامنية الناجحين، والذين يمرون بامتحانات الامن والمسح الامني، هم من اليهود الغربيين "الاشكناز"، وهؤلاء يميلون أكثر ليسار الحلبة السياسية.
&
ضعف داخلي
&
وفي سياق منفصل، أشار "ميرون" الى ان جهاز الامن العام "الشاباك" يعاني من نقص في القوى العاملة، كما أن القيادة السياسية لاسرائيل لم تعد تأخذ كثيرًا برأي الشاباك، موضحًا بأن توصيات الشاباك، قبل انتفاضة السكاكين والدهس الاخيرة، ضُربت من قبل القيادة السياسية عرض الحائط، وقالوا إن الفلسطينيين لن يقوموا بأي شيء، فالعالم لا يلتفت إليهم، في حين كانت تقديرات الشاباك ان هذه الهبّة آتية بسبب التضييق على الفلسطينيين، وعدم وجود أي افق لحل سياسي، وذلك بحسب اقوال "ميرون"، الذي انهى خدمته برتبة قائد لواء.
&
هذا وتتعثر تعيينات الحكومة الحالية في كل المجالات لأسباب قانونية، بالإضافة إلى قلة الأكفاء في المراتب العُليا، وإلى استشراس الفساد والرشوة والتجاوزات الجنسية في كل مرافق اسرائيل، بحسب المحللين، فاسرائيل تبدو مثل دول العالم الثالث من الداخل، الا ان الخارج غير ذلك، بسبب هالتها الأمنية وقدراتها غير المحدودة، بالإضافة إلى محاولة البعض على تصويرها وتسويقها إنطلاقًا من كونها بلد القانون والديمقراطية وحقوق الانسان.
&