يرى محللون أن الاتفاق، الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع تركيا خلال قمة بروكسل، بعيد عن إبطاء تدفق المهاجرين إلى أوروبا، أو تقريب أنقرة من الانضمام إلى الاتحاد. فلا خلاص للهاربين من جحيم الحرب إلا بأمل بداية جديدة تمثلها أوروبا، كما إن ملف حقوق الإنسان وحرية الصحافة يجعل حلم تركيا بالعضوية الأوروبية صعب المنال.


إيلاف - متابعة: تعهد قادة الاتحاد الاوروبي الاحد بتقديم ثلاثة مليارات يورو إلى تركيا لمساعدة اللاجئين السوريين، وتحريك طلب انضمامها للاتحاد، مقابل تعاون تركيا في الحد من ازمة الهجرة، وهي الاسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.

ووصف رئيس وزراء تركيا احمد داود اوغلو هذه القمة الاولى منذ 11 عامًا بأنها "يوم تاريخي"، وتعهد بأن تفي بلاده بالتزاماتها امام شكوك بعض الدول الثماني والعشرين، الاعضاء في الاتحاد.

وقال جنكيز اكتر، استاذ العلوم السياسية في جامعة بهتشه شهير في اسطنبول، "ما يطلبه الاوروبيون من تركيا غير واقعي، ولا يمكن تحقيقه". اضاف "لا بد انهم يحلمون. لا يمكن لاحد أن يمنع هؤلاء المهاجرين من التوجه الى اليونان أو بلغاريا، لانه ليس لديهم أي مستقبل، لا في بلدهم ولا في تركيا". وتستقبل تركيا اكثر من مليوني لاجئ من سوريا، وهي نقطة الانطلاق الرئيسة للمهاجرين باتجاه اوروبا عبر اليونان. وقال رئيس الاتحاد الاوروبي دونالد توسك إن 1..5 ملايين شخص وصلوا الى اوروبا منذ بداية 2015.

واقر داود اوغلو بأن جهود تركيا ستبوء بالفشل على الارجح، رغم وعوده بالايفاء بها كلها في اطار الاتفاق. وقال للصحافيين في وقت متأخر الاحد "ارغب في أن اقول لكم نعم، عدد المهاجرين سيتراجع. ولكن لا يسعنا ان نقول ذلك، لاننا لا نعرف ماذا سيحدث في سوريا".

في هذه الاثناء، توقع المحللون أن يبقى الوضع على حاله في ما يتعلق بطلب انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، رغم موافقة الاتحاد خلال القمة على فتح "ملف" جديد في المفاوضات في الشهر المقبل على ان يتم فتح ملفات اخرى في 2016.

أسوأ تجليات الواقعية
لكن مع إكمال ملف واحد فقط من اصل 35 منذ بدء العملية في 2005، يتوقع بهذه الوتيرة أن تحتاج تركيا حتى سنة 2355 لتنضم للاتحاد الاوروبي. وقال اكتر إنه لا يتوقع ان ترفع قبرص الفيتو عن التفاوض مع تركيا طالما ظلت تحتل شطرها الشمالي. واضاف ان قبرص "لن تغيّر موقفها، طالما لم يتم توحيد الجزيرة" المقسمة منذ الاجتياح التركي في 1974.

ويتردد الاتحاد الاوروبي كذلك في فتح ذراعيه لتركيا، وسط مخاوف بشأن انتهاك حقوق الانسان، مع تزايد الميول التسلطية للرئيس رجب طيب اردوغان، الذي يحكم البلاد منذ 2003.

وقال مارك بيريني المحلل لدى الفرع الاوروبي لمؤسسة كارنيغي والسفير الاوروبي السابق لدى انقرة، "لم ترد حتى كلمة واحدة (في البيان المشترك) حول حقوق الانسان والصحافة والقضية الكردية. انها سياسة الواقعية الاوروبية في اسوأ تجلياتها". لكن المفوضية الاوروبية وعدت بحل المشكلات العالقة في وقت لاحق.

وعود عسلية
وقال رئيس المفوضية جان كلود يونكر: "لم ننسَ الخلافات الباقية مع تركيا بشأن حقوق الانسان وحرية الصحافة، وسنعود اليها". وتساءل استاذ العلوم السياسية سركان دميرتاش حول فرص عقد القمة لولا ازمة الهجرة.

وقال لفرانس برس: "لقد غازل الاوروبيون الاتراك حقًا للحصول على وعود علنية من انقرة لاقناع الرأي العام لديهم الساخط على التدفق الكثيف للمهاجرين". وحذر قائلاً إن "الاتحاد الاوروبي مؤسسة ذات قيم وتشريعات، والقيادة التركية غير مستعدة للقبول بها ككل متكامل".