أغضب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي معارضيه وقطاعا واسعا من الشعب، عندما تحدث في حوار قال إنه موجه للتونسيين كافة، عن مشاكل الحزب الذي أسسه واقترح التوسط لحل أزمته.


مجدي الورفلي من تونس: اتهمت اطلقت أحزاب تونسية، الرئيس الباجي قائد السبسي بالخلط بين منصبه في الدولة كرئيس لكل التونسيين، وبين صفته الحزبية كمؤسس ورئيس شرفي لحركة نداء تونس، وذلك بعد خطاب القاه الاحد الماضي وخصّص حيزا كبير منه للحديث عن ازمة سياسية تعصف بالحزب الذي أسسه (نداء تونس)، واقتراح لجنة لايجاد مخرج لها فيما دافعت حركة النهضة عن طرح رئيس البلاد لمبادرة في خطاب رسمي قصد ايجاد مخرج للصراعات التي اندلعت في الحزب منذ اشهر.

واعتبرت احزاب المعارضة ان قائد السبسي "اعاد تكريس الخلط بين الحزب والدولة الذي عانت منه تونس منذ استقلالها عن فرنسا في 1956" واعتبرت انه "خرق الدستور في فصله ال76 الذي ينص على انه يُمنع على رئيس الجمهورية الجمع بين مهامه الحزبية ومنصبه كرئيس لكل التونسيين"، اضافة الى ان تطرقه للصراعات داخل حزبه في خطاب رسمي موجه لكامل الشعب "كان مخيبا لآمالهم خاصة مع التهديدات الارهابية وحالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ الليلة الفاصلة بين 24 و25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".

خطاب السبسي

دعا قائد السبسي في خطابه الذي بثه التلفزيون الرسمي حزبه حركة نداء تونس، الذي فاز في الانتخابات التشريعية والرئاسية في العام الماضي، إلى تجاوز الانقسامات العميقة التي يعانيها، والتي تهدد بتفككه وقال ان الحزب الذي اسسه يمر بأزمة قيادة وان "القيادة الحالية غابت عنها ثقافة التحاور، ولم تأخذ في الاعتبار الوضع المتأزم الذي تمر فيه تونس، ولا صورة تونس في الخارج، وبالخصوص الشعار الذي اتخذناه لهذه الحركة، وهو الوطن قبل الأحزاب".

وأضاف الرئيس التونسي إن "هذه الأزمة تفاقمت إلى أن وصلت الآن إلى طريق يبدو وكأنه مسدود"، الأمر الذي أجبره على التدخل وطرح مبادرة تتلخص في تكوين لجنة تظم 13 شخصية من قيادات الحزب لكي تقوم بدور الوساطة بين المعسكرين اللذين يتنازعان إدارة الحزب لبلوغ تحديد موعد لمؤتمر الحزب.

المعارضة تنتقد

الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري (المعارضة) عصام الشابي انتقد في تصريح لـ"ايلاف" تخصيص الرئيس التونسي الجانب الأكبر من خطابه الموجه لكل التونسيين، الذي استمرّ 17 دقيقة خصّص منها حوالي 12 دقيقة لتناول الصراعات داخل حزبه.

وقال الشابي ان تصريحات الرئيس "لا تعني التونسيين في شيئ".

ووصف الشابي خطاب السبسي بانه "مخيب للآمال بعد العملية الارهابية التي اودت بحياة 12 عنصر من الامن الرئاسي".

وقال "السبسي خرق الدستور وراينا فيه رئيس نداء تونس وليس رئيسا لكل التونسيين وذكرنا بالتداخل المقيت بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم الذي عانت منه تونس على امتداد عقود".

ويذهب القيادي في الجبهة الشعبية المعارضة (تكتل لاحزاب يسارية وقومية) زياد لخضر، في نفس اتجاه الشابي، واكد في تصريح لـ"ايلاف" انه حين علم بعزم قائد السبسي التوجه بكلمة تبثها كل وسائل الاعلام الرسمية اعتقد انه "سيعلن عن قرارات تهم التونسيين في علاقة بالارهاب او التنمية ولكنه صدم بحديثه المطول عن ازمة لا تعني غير المنتمين لحزبه، حركة نداء تونس".
&
الغنوشي في صف حليفه

راشد الغونشي رئيس حركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانيا في الانتخابات بعد "نداء تونس" وتشاركه تشكيل الحكومة، اصطف حذو حليفه الرئيس الباجي قائد السبسي.

واعتبر الغنوشي في تصريحات اعلامية ان "النقطة المركزية في كلمة رئيس الجمهورية هي دعوته للتوافق باعتبار أن التوافق هو الاستراتيجيا العامة التي تقود المرحلة".

وقال "الرئيس يقود سياسة التوافق ومن موقع أنه مسؤول عن الامن الوطني والسلم الاجتماعية واستمرار التوافق في البلاد نعتبر ان تدخله كان ايجابيا".

وأضاف أن دعوة رئيس الجمهورية للتوافق بصفة عامة سواء بين الأحزاب أو داخل الحزب الحاكم ليست من باب التدخل او المسؤولية الحزبية بل من باب النصح باعتبار أن تحقيق التوافق داخل الحزب الحاكم جزء من تحقيق الأمن الوطني والسلم الاجتماعية في البلاد.

وأكّد رئيس حركة النهضة أن قائد السبسي قدّم مقترحا "لأهل هذا الحزب ولهم قبوله أو رفضه"، وبالتالي لا ترى الحركة (النهضة) ضيرا في تدخل الرئيس عبر تقديم مقترح لحل الازمة داخل نداء تونس لا سيما ان البلاد تواجه خطر الارهاب وعديد التحديات الاخرى.

وقتل 12 من عناصر الأمن الرئاسي وأصيب عشرون آخرون بجروح الأسبوع الماضي عندما هاجم انتحاري تونسي يرتدي حزامًا ناسفًا يحوي 10 كيلوغرامات من المتفجرات ، حافلتهم في شارع يبعد 200 متر عن مقر وزارة الداخلية في قلب العاصمة تونس.

الازمة داخل نداء تونس

بعد خروج الباجي قائد السبسي من الحزب وتقلده منصب رئيس الجمهورية ظهرت الخلافات بين تيارات متعددة داخله، كل منها يحاول السيطرة على مراكز القرار وبعد صراعات سياسية عنيفة لم يبق سوى تيارين متصارعين الأول يُعرف بالشق التابع للأمين العام للحزب محسن مرزوق فيما يطلق الشق الثاني على نفسه صفة التيار التصحيحي، أو الدستوري، ويضع في الواجهة حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس التونسي)، الذي كان مكلفاً بمسألة هياكل الحزب قبل تنحيته عنها بضغط من شق الامين العام، خوفاً من إزاحتهم خلال المؤتمر الأول، ووقع تنصيب حافظ السبسي كنائب رئيس للحزب.

وتواصلت الازمة او صراع المواقع في الحزب الاول في تونس طيلة اشهر دون ايجاد حل له بل زادت حدة الصراعات لتاخذ شكل تبادل عنف بين مناصري الشقين وبلغت حد اعلان 31 نائبا من الكتلة النيابية للحزب عن استقالتهم الى حين ايجاد مخرج من الازمة التي باتت تهدد وحدة الحزب الذي اسسه الباجي قائد السبسي في 2012 وقاده للفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية ودخل به في تحالف مع حركة النهضة الاسلامية وحزبين آخرين هما آفاق تونس والاتحاد الوطني الحرّ.

لجنة محايدة

الناطق الرسمي لحركة نداء تونس وعضو اللجنة التي اعلنها قائد السبسي لايجاد مخرج للازمة داخل الحزب بوجمعة الرميلي اكد في تصريح لـ"ايلاف" ان اللجنة لن تكون في صف أي من المتصارعين، فمهمتها هي ايجاد توافقات لمنع انشقاق الحزب.

واعتبر الرميلي ان مبادرة الباجي قائد السبسي هي الفرصة الاخيرة لمنع انقسام الحزب الذي سيكون له تاثيرات سلبية على التوازنات السياسية والتشريعية وعمل الحكومة.

ومهمة اللجنة التي انطلقت اجتماعاتها امس وفق الناطق الرسمي لحركة نداء تونس الوصول الى حلّ يرضى الاطراف المتصارعة داخل حزب الرئيس السبسي وتحديد طبيعة المؤتمر (مؤتمر تأسيسي ام مؤتمر عادي) وموعده في مرحلة اولى وتشرف لاحقا على تفاصيل إعداده.