ينقسم الخبراء حول اقتراح إشراك الجيش السوري، بعد رحيل الأسد، في الحملة الدولية لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وفق طرح غير مسبوق قدمته فرنسا الاثنين، وأيّدته ألمانيا. ففي وقت يرى البعض بضرورة الاستعانة بالجيش السوري كجزء من منظومة مكافحة داعش الغربية، يقول آخرون إن التعامل مع الأسد فكرة فظيعة لكن لا بد منها.


باريس: يبحث الغربيون الذين يشنون غارات ضد داعش، لكنهم يعارضون نشر قواتهم على الأرض، عن حلول تساهم فيها قوات من المنطقة وتخدم مصالحهم. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الجمعة عن امكانية مشاركة قوات النظام السوري في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية. واعتبر انه من اجل مكافحة التنظيم المتطرف "هناك سلسلتان من الاجراءات: عمليات القصف.. والقوات البرية، التي لا يمكن أن تكون قواتنا، بل ينبغي ان تكون قوات الجيش السوري الحر وقوات عربية سنية، ولم لا؟، قوات للنظام وأكراد كذلك بالطبع".

هواجس العراق
واوضح فابيوس الاثنين ان التعاون مع الجيش السوري لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية ممكن فقط بعد رحيل الاسد. وقال فابيوس الاثنين "اذا توصلنا الى عملية انتقال سياسي، ولم يعد بشار قائدًا للجيش السوري، عندها يمكن القيام بأعمال مشتركة لمكافحة الإرهاب، لكن ذلك غير ممكن في ظل حكمه". وشدد فابيوس "من الواضح ان الجيش لا يمكن ان يعمل الى جانب المعارضة المعتدلة طالما انه تحت قيادة الاسد".

وراء موقف باريس، هاجس تكرار سيناريو العراق في 2003 عندما فكك الأميركيون الجيش العراقي، ما ادى الى حال من الفوضى. وافاد مصدر دبلوماسي فرنسي أن "الفكرة هي عدم تكرار ما فعله بول بريمر (المسؤول الاداري الاميركي عن بغداد) عندما أطلق عملية تطهير النظام العراقي من حزب البعث". وانقلب عدد كبير من المسؤولين في عهد صدام حسين، بينهم العديد من العسكريين، على القوات الاميركية، وانضموا الى صفوف التمرد الاسلامي. ويشكل هؤلاء الرجال اليوم قسمًا من قادة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا.

قال المصدر نفسه "يجب تفادي تدمير الركائز الاساسية في النظام السوري... يجب القيام بعملية هبوط مبرمجة وعملية انتقالية منظمة". وتؤيد المانيا التي قررت حكومتها الثلاثاء تقديم مساعدة عسكرية إلى التحالف الدولي في سوريا، اقتراح فرنسا. والاحد اكدت وزيرة الدفاع الالمانية اورسولا فون دير ليان أن "ثمة اطرافًا من القوات في سوريا يمكن تمامًا التعاون معها، كما حصل في العراق، حيث تم تدريب قوات محلية بنجاح". لكنها شددت على ان "لا مستقبل مع الاسد، هذا واضح".

أي جيش سوري؟
وتساءل ديفيد باتر من معهد شاتهام هاوس في لندن، "عن أي جيش سوري نتحدث؟". أضاف "هل نتحدث عن اجهزة استخبارات أو ميليشيات قوات الدفاع الوطني ومرتزقة وحزب الله (قوات شيعية لبنانية) وايران (الحرس الثوري) أو الجيش السوري وسط كل هؤلاء؟".

كما يتساءل "فهل للجيش النظامي السوري حوافز أو هو قادر على السيطرة على اراضٍ، حيث غالبية سنية واقعة تحت هيمنة تنظيم الدولة الاسلامية؟"، ويقول ستيف بيدل الخبير في شؤون الدفاع في مجلس العلاقات الخارجية (واشنطن) إن لا شيء اكيدًا. يضيف: "من غير الاكيد أن يكون لدى الجيش السوري (الذي يقوده علويون) حافز لاستعادة اراضٍ سنية".

واوضح "حتى وإن نجح في استعادة الرقة (معقل تنظيم الدولة الاسلامية) فمن غير المؤكد أن يكون قادرًا على الحفاظ على الاستقرار في هذه المنطقة، في حين ينظر السنة الى العلويين باعتبارهم مضطهدين لهم". وبالنسبة الى فرنسوا هيسبورغ، الباحث في معهد الابحاث الاستراتيجية، ومقره باريس، من المستحيل التوفيق بين الجيش النظامي والمتمردين، الذين يتحاربون منذ اكثر من اربع سنوات.

خيار بالإكراه
ويرى أن "القول انه ينبغي تحفيز الجيش السوري لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية قبل تسوية المشكلة السياسية هو منطق معكوس. يجب اولًا التوصل الى وقف لاطلاق النار وايجاد واقع سياسي جديد". واكد فابيوس الاثنين "نعمل للتوصل الى مرحلة سياسية انتقالية".

عقد في فيينا اجتماعان دوليان شارك فيهما للمرة الأولى، الحليفان العسكريان للنظام السوري، موسكو وطهران. ووضعت خارطة طريق تنص على اجتماع للمعارضة وعناصر من النظام السوري وتشكيل حكومة انتقالية وصياغة دستور جديد.

ويعتبر آخرون أن من يظن انه يمكن التعاون مع الجيش السوري في غياب بشار الأسد فهو واهم. وقال مسؤول عسكري فرنسي "من المستحيل الفصل بين الجيش السوري وبشار. فالجيش مخلص له تمامًا"، مؤكدًا انه يعبّر عن رأيه الشخصي. اضاف "أن نستمر في القول بأن بشار ليس جزءًا من مستقبل سوريا غير مفيد. سنضطر الى التعامل مع رجل ونظام فظيعين، لكنني لا أرى خيارات أخرى".

&