القاهرة: مع ترحيل الصحافي الاسترالي العامل في الجزيرة بيتر غريست الاحد، ازدادت فرص ترحيل زميله المصري الكندي محمد فهمي استنادا الى قانون مصري اقر قبل اشهر قليلة يتيح للمحكوم في مصر اكمال فترة سجنه في بلده. ويبلغ المصري الكندي محمد فهمي الاربعين من العمر، وكان تعاقد قبل بضعة اشهر من توقيفه للعمل كرئيس لمكتب قناة الجزيرة القطرية في القاهرة.

ولد فهمي في 27 نيسان/ابريل 1974 في القاهرة، وهاجر مع والديه في 1991 الى كيبيك حيث حصل على الجنسية الكندية. محمد فهمي الذي نال شهادة الدكتوراه في ادارة الاعمال من جامعة فانكوفر، بدأ العمل الصحافي في 2003 كمترجم لحساب صحيفة لوس انجليس تايمز في العراق حيث كان بدا الاجتياح الاميركي. وجعل من هذه التجربة كتابا بعنوان "الوجهة بغداد: وقائع الحرب العراقية كما يراها مترجم".

وعمل محمد فهمي لاحقا مع عدد من شبكات التلفزة في الخليج ثم في الصليب الاحمر الدولي قبل ان يتعاقد للعمل مع شبكة سي ان ان في 2011. وعمل ايضا بصفة مستقل لحساب البي بي سي. في ايلول/سبتمبر 2013، جاء اقتراح قناة الجزيرة عليه منحه رئاسة مكتب القاهرة ليقدم له امكانية الاستقرار في مسقط راسه مع الفتاة التي كان ينوي الزواج منها في نيسان/ابريل 2014 خطيبته مروة مجيد. الا ان الحكم عليه بالسجن سبعة اعوام جاء يعاكس خططه.

وعلى غرار بيتر غريستي، طلب ان يتم الافراج عنه ويطرد بموجب قانون يتيح ترحيل اجانب محكومين بموجب مرسوم رئاسي. واعرب وزير الخارجية الكندي جون بيرد الاحد عن "ثقته الكبيرة في ان حالة فهمي ستجد حلا لها في وقت سريع".

مصر ترحل بيتر غريست بعد سجنه لاكثر من عام
وكان الصحافي الاسترالي بيتر غريست غادر الأحد مصر اثر قرار القاهرة بترحيله، بعد ان امضى اكثر من سنة في السجن رغم التنديد الدولي بحبسه. واستقل غريست الصحافي في قناة الجزيرة القطرية الناطقة بالانكليزية طائرة مصر للطيران المتجهة الى لارنكا القبرصية بعد ظهر الاحد اثر قرار ترحيله من سجن طرة جنوبي القاهرة، حسب ما افاد مسؤولون في وزارة الداخلية ومطار القاهرة وكالة فرانس برس.

وافاد مطار لارنكا ان غريست وصل الى لارنكا برفقة شقيقه مايكل مساء الاحد. ومن سيدني اعلنت وزيرة الخارجية الاسترالية جولي بيشوب انها تحدثت مع غريست ونقلت عنه انه "مرتاح جدا ومتشوق جدا للعودة الى منزله". واضافت حسب ما نقلت عنها وكالة الانباء "استراليان اسوشيتد برس": "تحادثت مع بيتر غريست بعيد اطلاق سراحه وقبل ان يغادر مصر".

واوقفت مصر غريست وزميليه المصري محمد فاضل فهمي والمعد المصري باهر محمد في كانون الاول/ديسمبر 2013 في القاهرة، وبدأت محاكمتهم في شباط/فبراير 2014.
وصدرت احكام بالسجن من سبع الى عشر سنوات في حزيران/يونيو الفائت على غريست وزميليه بعد ادانتهم بنشر اخبار كاذبة ودعم جماعة الاخوان المسلمين. ثم الغت محكمة النقض هذه الاحكام وأمرت باعادة محاكمتهم في أول ايام العام 2015.

وعلى الفور، رحبت شبكة الجزيرة بافراج السلطات المصرية عن غريست بعد عام من سجنه، الا انها اعربت عن املها بالافراج عن صحافيين اخرين سجنا معه. واكدت الشبكة في بيان لها ان "حملة المطالبة بالافراج عن صحافييها لن تتوقف إلا بعد الافراج عن الزميلين المتبقيين" باهر محمد ومحمد فهمي. وجرى ترحيل غريست وفق قانون جديد تبنته مصر في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت يسمح بتسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم.

وتنطبق حالة ترحيل غريست ايضا على المصري الكندي محمد فهمي. وتقدم فهمي باكثر من طلب للسلطات المصرية لترحيله من مصر. وتأمل أسرة فهمي في الافراج عنه وفق القانون الجديد نفسه. لكنه ليس معلوما على وجه الدقة متى سيتم الافراج عنه. واعربت الحكومة الكندية الاحد عن املها باطلاق سراح فهمي. ووصف وزير الخارجية جون بيرد في بيان من اوتاوا اطلاق سراح غريست بـ"التطور الايجابي" معربا عن "ثقته بان وضع فهمي سيجد طريقه الى الحل سريعا جدا".

واعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرارا انه يفضل ان يتم طرد الصحافيين بدلا من محاكمتهم. واثار توقيف صحافيي الجزيرة الثلاثة رد فعل دوليا غاضبا حول حرية الصحافة في مصر. وضغطت استراليا وكندا مرارا على مصر للافراج عن مواطنيها غريست وفهمي. وقال مسؤول مصري الأحد ان هناك "قرارا جمهوريا بترحيله (غريست) لاستراليا لاستكمال مدة عقوبته".

ومن المستبعد ان يحاكم غريست او فهمي في بلديهما بالتهم الموجهة اليهما في مصر. ويقول مراقبون ان القانون الذي تبنته مصر جرت صياغته بشكل يحفظ ماء وجه السلطات المصرية. ورحبت منظمات حقوقية دولية بالافراج عن غريست لكنها طالبت القاهرة ان يلقى زميلاه فهمي وباهر افراجا مماثلا. وقالت منظمة العفو الدولية ان "الافراج عن غريست يجب الا يغطي على المحنة المستمرة لزميليه محمد فهمي وباهر محمد".

وذكرت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها في بيان ان "الاثنين لا يجب ان يتم نسيانهما مع ترحيل زميلهما بيترغريست من مصر". وطالبت لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في بيان السيسي بالافراج عن فهمي وباهر. وقال شريف منصور منسق برنامج اللجنة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا "ندعو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى العفو واطلاق سراح زميلي غريست في قناة الجزيرة محمد فهمي وباهر محمد والصحافيين الاخرين القابعين خلف القضبان بسبب ادائهم عملهم".

وقالت اللجنة ان مصر تسجن 12 صحافيا بما فيهم صحافيو الجزيرة الثلاثة ما يجعلها في المرتبة السادسة لاسوأ الدول بالنسبة الى حرية الصحافيين في العالم في العام 2014.
والقت مصر القبض على صحافيي الجزيرة الثلاثة في كانون الاول/ديسمبر 2013 في خضم ازمة سياسية حادة مع قطر الداعم الرئيسي لجماعة الاخوان المسلمين التي اطاحها الجيش من الحكم في تموز/يوليو 2013، واعتبرتها الحكومة تنظيما ارهابيا في كانون الاول/ديسمبر 2013.

وكانت القاهرة تأخذ على قطر احدى الدول القليلة التي دعمت الاخوان المسلمين ابان وجودهم في السلطة، تغطية قناة الجزيرة التي وصفتها ب "المنحازة" خلال فترة الاطاحة بالرئيس الاسلامي محمود مرسي وما تلا ذلك من قمع دام لانصاره ادى الى سقوط اكثر من 1400 قتيل في صفوف المتظاهرين الاسلاميين وتوقيف ما يزيد على 15 الف شخص. لكن العلاقات المتأزمة بين القاهرة والدوحة شهدت تحسنا خلال الفترة الاخيرة.

ففي تشرين الثاني/نوفمبر وبعد فترة من العلاقات المتوترة تصالحت قطر مع السعودية والامارات والبحرين وهي ثلاث دول كانت تتهم الدوحة بزعزعة الاستقرار في المنطقة بسبب دعمها للاسلاميين. وفي 20 كانون الاول/ديسمبر، وبعد زيارة غير مسبوقة منذ اطاحة مرسي قام بها الى القاهرة موفد من امير قطر، اعلنت مصر انها تتطلع الى "حقبة جديدة" في العلاقات مع الدوحة واكدت قطر انها "تحرص على دور قيادي لمصر في العالمين العربي والإسلامي وعلى علاقات وثيقة معها".

وبعد 48 ساعة، اعلنت الجزيرة بشكل مفاجئ اغلاق قناتها "الجزيرة مباشر مصر" التي كانت تثير غضب القاهرة. وسبق لغريست الذي اتم عامه التاسع والاربعين في السجن العمل في عدة مؤسسات اخبارية مرموقة منها وكالة رويترز وشبكة "بي بي سي" قبل ان يلتحق بمحطة الجزيرة الانكليزية.

ومنذ عام 2009 عمل غريست مراسلا مقيما في نيروبي لصالح "بي بي سي" حيث قام بتغطية الصراع في منطقة القرن الافريقي ومنها نال جائزة بيبودي المرموقة في 2011 على تحقيق صحافي اجراه حول الصومال. ووصل غريست الى القاهرة قبل اسبوعين فقط من القاء القبض عليه مع زميليه في القاهرة في 29 كانون الاول/ديسمبر الماضي.