تظهر من خلال متابعة تصريحات قيادات هيئة التنسيق الوطنية التي أدلت بها إلى وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة سجالات واضحة تعكس خلافات في وجهات النظر المختلفة على خلفية منتدى موسكو.


بهية مارديني: على سبيل المثال، هيثم مناع القيادي في الهيئة وممثلها في الخارج قدم نفسه في الإعلام أخيرًا على أنه عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر القاهرة، وصعد في التصريحات من انتقاد الروس، واعتبر وساطتهم غير مقبولة، إلى درجة أنه وصف تصريحات المنسق الروسي بأنها "مضحكة".

فيما صفوان عكاش القيادي في هيئة التنسيق، الذي شارك في منتدى موسكو، فاعتبر أن "هيئة التنسيق في المنتدى لم توافق ولم ترفض مبادئ منتدى موسكو"، بينما كتب القيادي في هيئة التنسيق ماجد حبو على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أنه طرح في المؤتمر الصحافي في موسكو وجهة نظره الشخصية، وأنه لم يشاور الهيئة في ما قاله. وكان حبو قد أكد "أن المشاركين كانوا يأملون تحقيق نتائج أفضل من تلك التي جرى التوصل إليها في النهاية".

مجرد مأدبة
من جانبه اعتبر عبد العزيز التمو السياسي الكردي المستقل لـ"إيلاف" أن "لقاءات موسكو لم تسفر عن شيء سوى أنه كانت هناك مأدبة غداء على شرف الراعي الروسي لمجموعة من وجهاء معارضة الشعب السوري أو ما يسمى بمعارضة المعارضة، وبالتالي لم يكن هناك شيء جديد إلا إذا كانت هناك أوامر أو تعليمات جديدة أراد النظام إيصالها إلى أزلامه في ما يخص العمل بالمرحلة المقبلة".

ورأى أن "الموقف الكردي طبعًا يختلف عن موقف صالح مسلم وحزب البي يه ديه، الذي كان حاضرًا على رأس وفد من خمسة أشخاص، ولم يصدر صالح مسلم وحزبه أي رد على كلام بشار الجعفري رئيس وفد النظام، بأن عين العرب تحررت بفضل السلاح الذي قدمه النظام إليه".

وقال التمو إن "الكرد بشكل عام يَرَوْن أن روسيا ليست طرفًا محايدًا في الأزمة السورية، وإنما هي شريك للأسد في قمع الثورة وقتل السوريين، ولم تصدر أية نوايا حسنة من الروس تثبت بأنهم يسعون إلى حل سياسي للأزمة، وهم في عقدهم هذا اللقاء حاولوا يائسين نسف بنود جنيف 1 وقرارات الأمم المتحدة بخصوص الحل السياسي في سوريا وأرادوا من اللقاء إعادة تأهيل النظام، ليكون الشريك الأساسي للتحالف الدولي في الحرب على داعش أو الإرهاب".

فشل روسي
أضاف "بتصوري فشل الروس في تحقيق هذا الهدف، لأن المدعوين إلى اللقاء جاؤوا من حضن الوطن، وبالتالي لا يملكون أية أوراق تستطيع أن تبيّن للمجتمع الدولي بأنهم معارضة وراضون بأن يكون بشار الأسد رئيسًا لهم، وهو الوحيد الذي يحارب الاٍرهاب، وبقاؤه ضروري". وعقّب قائلًا "لذلك عدم حضور أية شخصية معارضة حقيقية بغضّ النظر عن الكتلة السياسية التي ينتمي إليها هذا المعارض أفشلت لقاء موسكو".

لكن وسائل إعلام ومواقع الكترونية قالت إن الجعفري بعدما قال إن النظام السوري هو من سلّح الأكراد، وخصوصًا pyd كي يقاوموا داعش، وبعدما رفض أفكارًا من قبيل أن يتعلم الأكراد اللغة الكردية في المدارس، وكذلك مبدأ اللامركزية، بحيث يكون لكل محافظة محافظ من أبنائها. وتابع الجعفري "إذا لم يعجبكم الأمر إرحلوا من سوريا". انتفض صالح مسلم، ورد عليه: "نحن سوريون، وسنبقى في سوريا، وندافع عنها، ومع وحدتها ووحدة ترابها، وعلينا كأكراد أن نتعلم لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وإذا لم يعجبك هذا، فأنت من يجب أن يخرج خارجًا" .

وجهة نظر
وكان عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي صفوان عكاش نفى أن يكون المشاركون في منتدى موسكو رفضوا مبادئ المنتدى، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام، مؤكدًا أن المشاركين من الهيئة لم يرفضوا ولم يقبلوا بمبادئ المنتدى، لأنها عبارة عن انطباعات شخصية لميسر المنتدى فيتالي نعومكين. وقال عكاش الذي شارك في منتدى موسكو لصحيفة الوطن القريبة من النظام إن "مبادئ منتدى موسكو هي وجهة نظر شخصية لميسر منتدى موسكو السيد فيتالي نعومكين".

وأشار إلى أنها عبارة عن انطباعات شخصية تولدت لدى نعومكين من المناقشات، وليست نصًا تمت مناقشته والموافقة عليه. ونقل عكاش عن نعومكين أنه أدخل في صلب هذا النص "بعض الفقرات المقتبسة من رسالة دعوة وزارة الخارجية الروسية التي وجّهت إليكم وكذلك بعض أفكار المشاركين من مختلف الأطراف" و"لا تنطوي على طابع إلزامي ولا تلزم أحدًا بأي شيء، وإنما هي استنتاجاتي الشخصية، وهي قراءتي التي حظيت بتأييد بعض المشاركين من الجانبين، وهي قابلة للنقد، ولأي تعديلات أرجوكم توجيهها عبر البريد الإلكتروني، وإذا استطعتم تدريجيًا وعبر النقاش".

بيان مضحك
وأعرب عكاش في تصريحه عن استغرابه من الضجة الإعلامية ووصول الأمر إلى التخوين والفرز "الوطنية وعدم الوطنية". فيما قال مناع لوكالة إيطالية إن الروس وسيط غير مقبول، ووصف منّاع "كلام نعومكن عن عدم توافق المعارضة على بيان جنيف بالمضحك".

وقال "المشاركون من المعارضة الجدية لم يكونوا طرف إعاقة أو إفشال، بل حاولوا جهدهم بأن يُشكّل الاجتماع خطوة نحو مؤتمر جنيف على أساس بيان جنيف". وأضاف "من المضحك أن يقول نعومكن إن المعارضة مختلفة على هذه النقطة، لأنه يعلم أن المجتمع الأمني، وليس المجتمع المدني، هو من انتقد مسار جنيف، في تكرار لما فعلته بثينة شعبان قبل مؤتمر القاهرة، الأمر الذي أعطى الوفد الحكومي فرصة الحديث عن معارضات، وهو يعرف جيدًا كيف دعيت معارضات لا يمكن توحيد صفوفها.
&