إستكمل رئيس الحكومة التونسية المكلف الحبيب الصيد مشاوراته حول تركيبة الحكومة الجديدة يوم الأحد. ومن المنتظر أن يعرض أسماء وزارئه الاثنين لرئيس الجمهورية. وتتضارب الأنباء حول شكل الحكومة الجديدة بين حكومة إئتلافية تضم حركة النهضة الإسلامية وخصومها، أم حكومة تدفع بالنهضة إلى المعارضة؟


إسماعيل دبارة من تونس: يستعدّ رئيس الحكومة التونسية المكلّف، الحبيب الصيد، لإعلان تركيبة فريقه الوزاري غدا الاثنين.

وذكرت تقارير صحافية محلية إنّ تركيبة الحكومة الجديدة التي سيتولى الصيد عرضها صباح الاثنين على رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، قبل الإعلان عنها، سيكون "ثلثا عدد أعضائها من ممثلي أحزاب سياسية، في حين يتكون الثلث المتبقي من كفاءات عليا من أهل الخبرة والاختصاص وممثلين عن المجتمع المدني".

وأفاد مصدر مقرب من رئيس الحكومة المكلف في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (وات) الأحد، بأن التشكيلة الحكومية التي تم الإعلان عنها يوم 23 جانفي / يناير الماضي "قد تم توسيعها" لتشمل أحزابا أخرى، دون أن يفصح عن هوية هذه الأحزاب.

ويأمل التونسيون في الاعلان عن حكومة جديدة تنتظرها البلاد منذ إجراء الانتخابات التشريعية قبل أكثر من ثلاثة اشهر، بعدما اضطر رئيس الوزراء المكلف الحبيب الصيد الى تغيير التشكيلة الاولى لحكومته اثر انتقادات أحزاب برلمانية، وتهديد أبرز الاحزاب بعدم منحها الثقة.

وفضلا عن كونها تضم أسماء "تمثل مختلف جهات البلاد"،& فإن الحكومة الجديدة، وفق المصدر نفسه، تضم في عضويتها "9 كفاءات نسائية بين وزيرات وكاتبات دولة".

وأعلن المصدر لوكالة تونس افريقيا للأنباء أن تركيبة الحكومة الجديدة "ستعرض على مجلس نواب الشعب يوم الأربعاء المقبل 4 فبراير لنيل الثقة، حيث سيتولى الحبيب الصيد تقديم برنامج حكومته، الذي قال إنه "مستمد أساسا من برنامج حزب حركة نداء تونس، إلى جانب مقترحات الأحزاب الأخرى والمنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني".

وأوضح أن "هذا البرنامج يتضمن إجراءات عاجلة للتنفيذ خلال المائة يوم الأولى من عمر الحكومة، إضافة إلى إجراءات تتصل بإصلاحات هيكلية على المديين القريب والمتوسط تشمل عددا من القطاعات الحيوية".

وترجح عديد المصادر، استنادا إلى سلسلة المشاورات التي أجراها الحبيب الصيد مع مختلف الأحزاب السياسية خلال الأسبوع المنقضي، أن تكون أحزاب "نداء تونس" و"الاتحاد الوطني الحر" و"الجبهة الوطنية للإنقاذ" (ممثلة في شخص النائب التوهامي العبدولي) و"حركة النهضة" و"آفاق تونس"، ممثلة في التشكيلة الحكومة الجديدة.

لكن الناطق الرسمي بإسم "حركة النهضة" زياد العذاري، قال ان رئيس الحركة راشد الغنوشي لم يصرح بما يفيد مشاركة النهضة في تركيبة الحكومة من عدمها إثر لقائه بالوزير الأول المكلف اليوم الأحد.

وأكد العذاري في تصريح صحافي، أنّ رئيس الحكومة المكلف هو الذي سيقرر ويعلن غداً الاثنين عن الأحزاب المشاركة في تركيبة حكومته، مبيناً انه "لا يمكنه من جهته تأكيد مشاركة النهضة من عدمها في الحكومة الجديدة".

لكن تقارير أخرى تشير إلى اتفاق ضمني بين النهضة وخصمه نداء تونس، على تشكيل حكومة وفاقية، وهو ما أكده القيادي بالنهضة الحبيب اللوز لقناة "العربية" بقوله: "يبدو أن الأمور داخل النهضة تتجه نحو المشاركة في الحكومة رغم أنني لست راغبا في ذلك، فأنا أخيّر النهضة في المعارضة".

أما الطيب البكوش، الأمين العام لحركة "نداء تونس" وهو الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، فقد شدد على "ضرورة أن يتواجد حزب حركة النهضة في صفوف المعارضة"، مرجحا هذه "الإمكانية"، ومعلنا أن "حركة نداء تونس ستدافع عن توجهها القاضي بعدم مشاركة النهضة في الحكومة الجديدة".

وقال البكوش الأحد لمتظاهرين صوتوا لحزب نداء تونس ويرفضون اشراك النهضة في الحكم: "من الطبيعي أن يكون الحزب الذي تحصل على الأغلبية في مجلس نواب الشعب، في الحكم، في حين يكون الحزب الثاني ضمن المعارضة"، بما يجسد، وفق رأيه، "التداول السلمي على السلطة".

وكان مقررا أن يعقد "مجلس نواب الشعب" (البرلمان) جلسة يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي، للتصويت على منح الثقة للحكومة التي اقترحها الحبيب الصيد، لكنه أرجأها في آخر لحظة الى موعد غير محدد، بعدما أعلنت عدة أحزاب رفضها ذلك.

وأعلن البرلمان انه سيعقد جلسة عامة في الرابع من فبراير/شباط الجاري للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة.

وكان الرئيس الباجي قائد السبسي كلف في الخامس من يناير/كانون الثاني، الصيد تشكيل ورئاسة الحكومة الجديدة بعدما رشحه الى هذه المهام حزب "نداء تونس" باعتباره الفائز في الانتخابات التشريعية التي اجريت في 26 أكتوبر/تشرين الاول 2014.

وقد شرع الصيد مباشرة اثر تكليفه، في اجراء مشاورات حول تركيبة حكومته مع الاحزاب البرلمانية التي كانت لها رؤى متضاربة، أحيانا، حيال التركيبة.

وفي وقت دعت "حركة النهضة" الاسلامية التي حلت ثانيا في الانتخابات التشريعية (69 نائبا) الى حكومة "وحدة وطنية" تضم مختلف الاحزاب، اعلنت "الجبهة الشعبية" اليسارية (15 مقعدا) التي حلت رابعا، أنها ستكون في المعارضة في حال ضمت الحكومة اسماء من النهضة.

من ناحيته، انسحب حزب "آفاق تونس" الليبيرالي (8 مقاعد) من مشاورات تشكيل الحكومة بسبب خلافه مع الصيد حول ذلك.

وأعلن نواب عن حزب نداء تونس رفضهم ضم الحكومة اسماء من حركة النهضة مؤكدين ان حزبهم الذي اسسه في 2012 قائد السبسي، قدم نفسه منذ تأسيسه، كبديل في الحكم لحركة النهضة التي حكمت تونس من نهاية 2011 حتى مطلع 2014.

وفي 23 يناير/كانون الثاني، أعلن الصيد تشكيلة حكومة "كفاءات وطنية" تضم اسماء مستقلين ومنتمين الى "نداء تونس" (86 نائبا في البرلمان) و"الاتحاد الوطني الحر" وهو حزب ليبرالي حل ثالثا في الانتخابات (16 مقعدا).

وبحسب الدستور الجديد، يتعين على الحكومة التي اقترحها الصيد نيل ثقة "الغالبية المطلقة" من النواب، أي 109 من إجمالي 217 نائبا.

ولا يملك نداء تونس والاتحاد الوطني الحر مجتمعيْن الغالبية المطلقة. وقد احتجت "حركة النهضة" و"الجبهة الشعبية" وآفاق تونس" و"المؤتمر" (4 مقاعد) و"المبادرة" (3 مقاعد) على تركيبة الحكومة التي اقترحها الصيد.

&