&
&
إمتنعت بعض وسائل الإعلام عن نشر صور الطيّار الأردني معاذ الكساسبة وهو يحترق، بينما قامت وسائل أخرى بنشر الصور كاملة بالإضافة لمقاطع الفيديو، والسؤال الذي يُطرح أي دور تلعبها تلك الصور إنسانيًا وما هو دور الأخلاق الإعلاميّة؟.

&
&
بيروت: بين أحقية نشر صور الطيّار الأردني معاذ الكساسبة وهو يحترق وعدم أحقيّتها، اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي تطالب وسائل الإعلام بعدم نشر صور الحرق والإكتفاء بنشر صور للطيّار الأردني في يومياته العاديّة.
ويقول الأكاديمي الدكتور أمين كركي ل"إيلاف" إن الصورة في الإعلام هي سلاح فتاك، أو ربما سلطة، وسلطتها خطيرة ومخيفة، الصورة أحيانًا "تقتل" على حد تعبير المخرجة الارجنتينية آنا كاتز، والصورة ليست حياديّة على الإطلاق، هي تهميش للآخر، وتعنيف له.
&
ويضيف:"الصورة رأي، موقف، ويبدو اليوم في أحداث المنطقة أن الصورة أخذت أعنف مظاهرها، خصوصًا مع عمليات الذبح والحرق الجارية التي تأتينا صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويتابع:"لا يمكن أن ننكر أن الصورة استخدمت في الدعاية والتلاعب في التضليل في الحرب النفسيّة، وفي الوقوف إلى جانب فريق ضد "الآخر"، وفي تفسير جوانب من دوافع الحرب وأسبابها ونتائجها في نقل ملامح مما تسببه من مآس وآلام، وما تلحقه من تدمير وتهجير.
&
وأضاف "لذلك تمطرنا بعض القنوات التلفزيونيّة ومواقع التواصل الاجتماعي بمئات الصور المؤذية، التي تعري الإنسان من إنسانيته والسؤال اليوم على من يقع اللوم، هل على من يقتل أو من ينقل الصورة؟
&
الأخلاق الإعلاميّة
ويتحدث كركي عن أهم أسس الأخلاق الإعلاميّة فيقول إن أهم أسسها احترام الكرامة الإنسانيّة، مما يقتضي عرض الأخبار و الصور بما لا يمس هذه الكرامة جماعيّة كانت أي فئة أو ثقافة أو دين أو فردية مثل عرض صورة شخص دون إذنه، إن هذا يقتضي استعمال وسائل قانونيّة سليمة للحصول على المعلومات، بحيث لا يجوز استعمال أساليب الخداع أو التوريط أو الابتزاز أو التلاعب بالأشخاص مثل التسجيل أو التصوير غير القانوني".
&
وتابع "كذلك من أسسها النزاهة، وتعني تقديم الخبر والصور بنوع من الحياد وتجنّب الخلط بين الأمور مثل الخلط بين الخبر والتعليق أو الإشهار وبين الصالح العام والصالح الخاص أي الاعتبارات الذاتيّة، كما تفيد النزاهة التجرّد من الهوى والاستقلاليّة في العمل وعدم الخضوع لأي تأثير أو رقابة داخليّة كانت أم خارجيّة والضغوط السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة بجميع أشكالها".
&
حرمة الميت
ويقول المحلل الاجتماعي رياض علم الدين ل"إيلاف" إن الصور التي تظهرها الأحداث السورية والعراقيّة والصور التي تأتينا من ذبح وحرق ل"داعش" تشير الى أن حرمة الميت مفقودة، في بلد لم تعد فيه مفردات الموت وصورها تحترم الفرد كقيمة إنسانيّة واجتماعيّة.
&
وأضاف "هذه الصور التي تأتينا من مختلف مناطق الحراك العربي تُعيد إلى الأذهان تصرفات غير انسانيّة، احتلتها وسائل الإعلام كافة، وتتكرّر المجازر المرتكبة اليوم بحق المدنييّن العزّل، أما هل الصورة المأساوية عن أفعال داعش في وسائل الإعلام كافة مسموحة؟ يجيب علم الدين :" لا يمكن تجاهل الخبر لأهميته ولكن لتكراره أصبحت ردود الفعل الانسانيّة والاجتماعيّة حول موضوع سوريا والعراق وداعش باردة، أما تأثير فظاعة الصورة على المشاهد، فيؤكد أن ما يجري من فظائع له تأثير نفسي كبير وكارثي على الأشخاص، لكل من يتابع هذه الصور، بأي مكان في العالم، لأن الصور الصادمة التي تأتينا من جرّاء الأحداث السورية وتنظيم داعش، لا يمكن أن يتصوّرها في بعض الأحيان الذهن البشري، وهذا يؤدي إلى صدمات لدى المشاهدين وإحساس المواطن، أو"الآخر" بالخيانة، ويمكن تشبيه الامر وكأن أي فرد يتعرّض لإساءة من شخص قريب جدًا منه كالأب أو أحد أفراد العائلة.
&