بعد فرض قيود غير مسبوقة في 2014 على الانترنت في روسيا، قد يعتمد الكرملين سلسلة قوانين جديدة، تشدد سيطرته على الفضاء المعلوماتي الروسي، الذي يرى فيه أداةً استراتيجية وخطرة.


إيلاف - متابعة: واجهت الانترنت الروسية، آخر فضاء للحرية في مشهد إعلامي مغلق من قبل السلطة، في 2014 زيادة غير مسبوقة بمحاولات السلطات الروسية تشديد قبضتها عليها مع مروحة من القوانين القمعية، كما قال سركيس دافيديان، رئيس الجمعية الروسية لمستخدمي الانترنت، الذي شارك في صياغة تقرير نشر الخميس.

ولفت التقرير إلى أن السلطات الروسية حدّت في العام الماضي من دخول المستخدمين إلى الانترنت بـ2591 مرة، أي بارتفاع 141 بالمئة قياسًا إلى العام السابق، مؤكدًا: "الاتجاه يتوقع أن يترسخ في 2015، فنحن نعيش سنة مفصلية للانترنت الروسية، إنه عام كل المخاطر".

حجر عثرة
وفي صلب هذه المخاوف دخول قانون حيز التنفيذ يرغم شركات الانترنت الروسية والأجنبية على تخزين بيانات مستخدميها في روسيا. وقال دافيديان: "إنها حجر عثرة كبير بين عمالقة الانترنت والسلطات الروسية، فإن خسرت الشركات معركتها قد تصبح روسيا صينًا جديدة".

وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اتخذت غوغل قرارًا بنقل جميع مهندسيها إلى خارج روسيا. وقال مصدر من الشركة: "إننا نتخذ احتياطاتنا". وقال الخبير ألكسي ماكاركين: "هذا القانون قد يعلن رغبة السلطات في قطع الانترنت الروسية عن الشبكة العامة".

مجرد مدعٍ عام
فإن كان 2014 مرادفًا لتراجع حريات مستخدمي الانترنت، فذلك بسبب قانون دخل حيز التنفيذ في شباط (فبراير)، يسمح لمدعٍ عام بمجرد أمر إغلاق باب الدخول إلى مواقع أنترنت، بحسب دافيديان.

وأكد "أن المدعي العام يستهدف عمومًا صحافيين ومدونين أو وسائل إعلام المعارضة، لكن أحيانًا أيضًا يستهدف&أفرادًا عاديين من الروس". من هؤلاء مواطن يدعى فلاديمير إتش. (46 عامًا)، نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: "بين ليلة وضحاها، جمّد موقعي، الذي يبيع كتبًا إلكترونية، لأن عنوان أي بي، الخاص بي، يشبه عنوان موقع محظور".

يبقى مغلقًا
قال الشاب الروسي، الذي اضطر للمرور أمام محاكم عدة، قبل أن يستعيد موقعه الالكتروني: "الكرملين لم يكن يسيطر سوى على حياتنا الحقيقية، لكنهم يريدون الآن السيطرة على حياتنا الافتراضية".

وفي الإجمال، نفذت سلطة مراقبة وسائل الإعلام "روسكومنادزور" هذه السنة 1448 طلبًا من النيابة العامة مقابل 514 في 2013 فقط، كما أشار التقرير. ولفت ألكسي ماكاركين إلى أن الأسباب التي يمكن أن تدفع إلى حظر موقع تتوسع بشكل مستمر، "حتى إنها أحيانًا لا تتوضح بغية عدم التمكن من تصحيحها، ويبقى الموقع مغلقًا لفترة أطول".
وقال هاريتونوف بغضب: "نعتقد أن الدولة تختلق مبررات لقوانين جديدة".

غرامة أو توقيف!
وضع رسالة على موقع فكونتاكتي، الموازي لفايسبوك في روسيا، تتعلق بظاهرة يمكن من الآن فصاعدًا أن تؤدي إلى فرض غرامة، وحتى إلى التوقيف، كما حدث مع أوكسانا بوريسوفا، الطالبة البالغة 21 عامًا، التي أوقفت لفترة وجيزة في أواخر كانون الثاني (يناير).

واعتبر النائب فاديم دنغين، الذي يترأس لجنة حول الإعلام السياسي، أن القوانين الجديدة تسمح "بإعادة كامل المسؤولية للمواطنين على الانترنت التي ليست منطقة للاقانون".
وتابع: "يمكن أن نغضب من الرئيس، لكن يجب أن تكون ملاحظات بناءة، وسيكون لدينا في وقت قصير إنترنت بحدود معينة، وذلك سيسمح لنا بالسيطرة على ما يمكن أن نفعله عندنا وما لا يمكن أن نفعله".

توتر كبير
وأوضح ماكاركين أن الرئيس فلاديمير بوتين، الذي واجه في السابق التظاهرات التي نظمت عبر الانترنت أثناء الحملة الرئاسية قبل إعادة انتخابه في 6 أيار (مايو) 2012، وضع السيطرة على الانترنت في سلم أولوياته بعد الانتفاضة الشعبية في الميدان في كييف، التي قادت في مطلع 2014 إلى عزل الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش.

وأضاف الخبير: "في نظر الكرملين، يرغب الغرب في قلب الحكم في روسيا، ويسعى لذلك إلى إحكام السيطرة على الانترنت، التي يعتبرها واحدة من أدواته"، في وقت تشهد موسكو والغرب أسوأ مواجهة منذ نهاية الحرب الباردة. لكنه ذكر في الوقت نفسه: "يجب ألا ننسى أن الروس بغالبيتهم يؤيدون الرقابة على الانترنت، ويعتبرونها مثله وسيلة وخطرًا".
&