دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي القوات الأمنية إلى الاستعداد لخوض حرب عصابات مع "داعش" لتحرير المدن التي يسيطرعليها موضحًا أن المرحلة الاخيرة شهدت زيادة وتيرة الدعم الدولي للعراق.. فيما بدأت قوات البيشمركة الكردية استعدادات لتحرير حدود محافظة كركوك الجنوبية والغربية من سيطرة التنظيم.


لندن: عقد القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اجتماعا في بغداد اليوم مع وفد رفيع المستوى من محافظة كركوك (255 كلم شمال شرق بغداد) ضم محافظها نجم الدين كريم وعضوي مجلس النواب خالد المفرجي وحسن توران وقائد شرطة المحافظة والقيادات الأمنية في المحافظة بحضور وزير الدفاع خالد العبيدي وعدد من القيادات العسكرية.

وناقش العبادي مع الوفد الكركوكي تشكيل قيادة عمليات مشتركة والتنسيق مع العاصمة بغداد في العمليات العسكرية ضد عصابات داعش الارهابية. كما بحث "الاوضاع الأمنية في المحافظة والخطط الكفيلة بتأمين المحافظة من خطر عصابات داعش والقضاء على هذا التنظيم الارهابي وقضية النازحين وتشكيل مقر للعمليات المشتركة" كما قال بيان صحافي صدر عن مكتبه أطلعت على نصه "إيلاف".. فيما قدم الوفد شرحا عن اوضاع المحافظة واحتياجاتها في العديد من الجوانب.

وأشار العبادي الى ان "تنظيم داعش يمثل تهديدا للمنطقة والعالم ونحتاج إلى دعم هائل من المجتمع الدولي للقضاء عليه وان الايام الماضية شهدت زيادة وتيرة الدعم الدولي للعراق وطالبنا باستمراره". وأوضح ان "داعش يستخدم اسلوب العصابات اذ انه كلما تضغط عليه في مكان يتحرك إلى مكان آخر وهو ما يستدعي التماسك بين مكونات الشعب العراقي للتغلب على العدو".

وأوضح رئيس الوزراء ان "أي تهديد يمس مكونا من المكونات يمثل تهديدا لجميع العراقيين وتنظيم داعش الارهابي لم يستثن اي مكون من مكونات الشعب العراقي باجرامه".. وأكد "اهمية التنسيق والتدريب لان الاخطاء تؤدي إلى افساح المجال للعدو وقد اتفقنا مع المجتمع الدولي على اهمية زيادة وتيرة الدعم والاستمرار بتزويد العراق بالذخيرة والسلاح والمعدات لان هناك عدة جبهات نخوض فيها القتال مع هذه العصابات الارهابية".

وأضاف العبادي ان "كركوك تمثل عراقا مصغرا يجتمع فيه جميع المكونات وهي رمز للتعايش السلمي الذي نسعى للحفاظ عليه ولذلك فان أمن محافظة كركوك وبقية المحافظات مهم جدا بالنسبة لنا ونحاول جاهدين وبسواعد قواتنا الأمنية طرد هذه الجماعات الارهابية من العراق". وأشار إلى اهمية ان يكون في المحافظة مقر للعمليات المشتركة ليكون هناك تنسيق تام مع القوات الموجودة في كركوك والعمليات المشتركة في بغداد.

واليوم أكدت صحيفة الواشنطن بوست المقربة من البيت الابيض ان تحرير الموصل ثاني اكبر مدن العراق من سيطرة تنظيم "داعش" بحاجة إلى قوات برية مدربة على حرب الشوارع.

وقالت الصحيفة في تقرير موسع إن "النجاحات المحققة في الاشهر الاخيرة على يد قوات البيشمركة والقوات العراقية والمدعومة من قبل الضربات الجوية التي نفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تواجه تحديا جديدا خصوصا في ما يتعلق بعملية استعادة السيطرة على بعض المدن العراقية الأكثر أهمية والتي لا تزال خاضعة لسيطرة داعش".

وأضافت أن "محاولة استعادة مدينة الموصل وكذلك تكريت والفلوجة اختبار ليس عسكريا فقط للقوات العراقية بل يمثل استراتيجية مهمة للبلاد الذي تواجه توترا طائفيا".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول اميركي في بغداد قوله ان "النصر شيء مهم ولكن لن نتمكن من تحقيق ذلك بالغارات الجوية". وأضاف "نحن نعلم جيدا اهمية تحرير المدن من سيطرة داعش ورمزية الانتصار لكننا بالتأكيد لا نريد أن تخوض القوات العراقية مثل هكذا معارك بدون ان يكون لديها هيكل تنظيمي سليم بحيث يحقق لها النجاح والانتصار".

ومن جانبه أوضح الجنرال المتقاعد اللفتنانت فرانك هيلميك الذي قاد جهود الولايات&المتحدة&الاميركية لتدريب الجيش العراقي بعد عام 2003 ان"الجيش العراقي لا يملك الخبرة للقتال او تنفيذ اشتباكات داخل المدن "، وأشار إلى أنّ& "الهدف من التدريب الذي تم تنفيذه في عامي 2008 و2009 هو بناء مؤسسة عسكرية أمنية فضلا عن تدريبات تقليدية وحماية الحدود". وأضاف ان "تحرير الموصل بكل بساطة سيكون صعبا للغاية خصوصا اذا حاول داعش اقحام القوات المهاجمة في حرب داخل المدينة".

البيشمركة تعد لتحرير مناطق كركوك الجنوبية

إلى ذلك، تجري قوات البيشمركة استعدادات لشن هجوم واسع في مناطق جنوب كركوك لتطهير حدود المحافظة من مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية إلا أنه لم يتم اصدار أمر بالبدء في الهجوم بعد.

وتسبب القصف الجوي للمقاتلات الحربية في قتل 25 مسلحا من داعش كما صدت قوات البيشمركة هجومين للتنظيم خلال اليومين الماضيين.. وقال مقاتل في البيشمركة "نحن على اتم الاستعداد وأعيننا مفتوحة على مدار الساعة ومتهيئين لأي مواجهة". وخلال الايام الاخيرة قام مسلحو داعش بتفجير جسرين استراتيجيين يربط أحدهما بين ناحية الرشاد وكركوك والآخر يقع بين قريتي مكتب خالد ومجمع النهروان جنوب المحافظة.

وقال قائد اللواء الاول لقوات المشاة في البيشمركة اللواء هيوا عبد الله، إن مسلحي داعش "يعتقدون أنهم بتفجير الجسور قد يستطيعون وقف تقدم البيشمركة نحوهم لكنهم لن يتمكنوا بأي شكل من الاشكال وقف تقدم البيشمركة إذا حدث في أي وقت".

ولتقوية جبهات البيشمركة في تلك المناطق تم استقدام قوات إضافية وقال قائد اللواء الثالث لقوات المشاة في البيشمركة بارزان علي "جئنا مع قوات اخرى إلى هنا، ومعنويات البيشمركة والقادة عالية جدا ونحن بانتظار إصدار الامر للبدء في الهجوم".

ومن جهته قال مسؤول محور غرب كركوك عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني كمال كركوكي ان قوات البيشمركة الكردية لا تحتاج إلى وجود قوات الحشد الشعبي للمتطوعين او اية ميليشيا اخرى في كركوك.

وقال كركوكي في تصريح نقلته وكالة "اسنيوز" الكردية حول تحركات الحشد الشعبي في حدود المناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور حول المناطق المتنازع عليها مع بغداد إن البيشمركة هي التي قاتلت في الظروف الصعبة وهي التي يجب ان تتولى حماية اقليم كردستان.

وعن محاولات نقل مسلحي الحشد الشعبي إلى بعض محاور كركوك قال "لن نقبل بوجود الحشد الشعبي في حدود مناطق المادة 140 وسيعتبرون ميليشيا هناك ويتعين ابعادها لأن البيشمركة وهي قوة دستورية تولت عملية التصدي والمقاومة في اوقات الصعاب".

وأشار إلى أنّ رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني كان أكد مؤخرا عدم الحاجة للحشد الشعبي والميليشليات على أي شبر من أراضي كردستان، وبشكل خاص في كركوك.. وقال "اذا احتجنا إلى ذلك سنطرح ذلك في حواراتنا معهم". وأضاف كركوكي انه لا تزال لدى تنظيم داعش قدرات مادية لكن معنوياته منهارة واذا ما كانت الاجواء ملائمة فسيكون سهلاً دحره في جميع المواقع ولن يكون له مستقبل في هذه المناطق.

ومنذ ايام يحشد تنظيم "داعش" عناصره جنوب وغرب كركوك تحضيراً لمهاجمة مناطق التماس مع قوات البيشمركة وقال مصدر محلي ان التنظيم جلب عشرات المقاتلين من الموصل صوب قضاء الحويجة وقام بتهيئة عربات ومركبات وانتحاريين لمهاجمة مناطق التماس مع البيشمركة صوب مدينة كركوك ومواقع إنتاج النفط والغاز جنوب وغرب كركوك.

وأشار المصدر إلى أن "الأوضاع في مناطق كركوك الغربية والجنوبية تشهد حالة من الترقب في الوقت الحاضر، وإن جبهات القتال تشهد عمليات قصف متقطعة وضربات موجهة لطيران التحالف الدولي صوب تجمعات وأهداف لتنظيم داعش".

يذكر أن مدينة كركوك شهدت في الثلاثين من الشهر الماضي هجوماً عنيفاً نفذه عناصر تنظيم "داعش" بسيارات مفخخة وانتحاريين تمكنت القوات الأمنية من إحباط الهجوم بعد ساعات على تنفيذه فيما قتل خلال الهجوم آمر اللواء الأول في قوات البيشمركة اللواء شيركو فاتح رؤوف الشواني وخمسة من عناصر البيشمركة وإصابة 40 آخرين بجروح متفاوتة.

يشار إلى أن مناطق جنوب كركوك وغربها تخضع لسيطرة "داعش" منذ العاشر من حزيران (يونيو) الماضي.