ينشغل العالم اليوم بـ "قائمة لاغارد"، التي سرّبها هارفي فالسياني عن 100 ألف ثري أودعوا في "أتش أس بي سي" السويسري 180 مليار يورو، بعيدًا عن عيون السلطات الضريبية.


إعداد عبدالاله مجيد: سُرّبت منذ 2008 معلومات إلى الحكومة الفرنسية عن مخطط واسع في سويسرا للتهرب من الضرائب. وانفجرت الفضيحة قبل ايام بما كشفته صحف، بينها لوموند الفرنسية وغارديان البريطانية، عن تورط الوحدة السويسرية لمصرف اتش اس بي سي في هذا المخطط، ومساعدتها عشرات آلاف الأشخاص على التهرب من الضرائب.
&
قائمة لاغارد

أظهرت الأرقام ان 100 ألف ثري في أنحاء العالم اودعوا في المصرف 180 مليار يورو. وذهبت صحيفة لوموند إلى حد القول إن الفضيحة ستهزّ القطاع المالي الدولي من الجذور. وكان هارفي فالسياني، الفرنسي ذو الأصل الايطالي، هو الرجل الذي سرّب المعلومات وأتاح الكشف عن الفضيحة.

وبحسب موقع لوكال الالماني، بداية الفضيحة كانت في فرنسا، عندما ترك فالسياني وظيفته في قسم تكنولوجيا المعلومات بفرع مصرف اتش اس بي سي في جنيف، وانتقل في 2008 إلى فرنسا حيث سلم معلومات سرية إلى وزيرة المالية الفرنسية آنذاك كريستين لاغارد. ولهذا السبب يُشار إلى المعلومات المسربة احيانا بوصفها "قائمة لاغارد".

ويعود سبب اهتمام فرنسا بالقائمة إلى أنها تضم اسماء 6300 فرنسي أودعوا زهاء 5,8 مليارات يورو بعيدًا عن الضرائب.

يقولون الحقيقة

عقد البعض مقارنة بين فالسياني والموظف السابق في وكالة الأمن القومي الاميركية ادورد سنودن، الذي سرّب آلاف الوثائق عن برنامج الوكالة الواسع للتجسس على المكالمات الهاتفية واتصالات الانترنت في انحاء العالم.

وفي 2013، أجرت مجلة شبيغل الالمانية مقابلة مع فالسياني سألته فيها إن كان يشعر بصلة قربى مع سنودن. وجاء رده بالايجاب، مضيفًا انه حتى حاول الاتصال به.

وأكد فالسياني: "من المهم ان يكون هناك اشخاص مثل سنودن يقولون الحقيقة ويشيرون إلى وجود مشاكل في النظام، ومن المشروع ان نتساءل إذا كان هناك حاجة إلى أجهزة استخبارات، ولكني اعتقد ان الجواب هو نعم وما لا نحتاج اليه بكل تأكيد هو حكومات تقول لنا ما هو في صالحنا".

كما انتقد فالسياني في المقابلة مصرف اتش اس بي سي، قائلًا: "أوجدوا نظامًا لإثراء أنفسهم على حساب المجتمع".

جيمس بوند جديد

يعيش فالسياني اليوم مطلوبًا من عدة جهات، بينها الشرطة السويسرية التي تحاول القبض عليه بتهمة انتهاك قوانين السرية والتجسس الصناعي.& كما اتُهم بتسريب معلومات إلى زبائن في لبنان قبل تسليمها إلى فرنسا. ويُعتقد ان لدى فالسياني حراسًا شخصيين لا يفارقونه، حتى أمضى بضعة اشهر في سجن اسباني بعد أن اصدرت سويسرا مذكرة القاء قبض دولية بحقه. وأُفرج عنه لاحقًا بعد ان رفضت اسبانيا تسليمه.

&

&نواب بريطانيون يعلنون فتح تحقيق حول مصرف HSBC

&

لدى فالسياني (43 عامًا) طفل واحد، وكان متزوجًا حين بدأ تسريب المعلومات في 2008، لكنه لم يعد متزوجًا. ويُقال انه يعتبر نفسه جيمس بوند من جهة، وشخصًا مثاليًا خابت آماله من جهة أخرى. وتصوره الجمعية الدولية للصحافة الاستقصائية شخصية مثيرة، كثيرًا ما يلجأ إلى التنكر، ويسافر بأسماء وهويات مزورة.

هاجمه الموساد

ومضت مجلة بيزنس ويك، التي قابلت فالسياني في صيف 2013، إلى حد القول انه بمعرفته التقنية ومظهره المتوسطي يجمع بين ادورد سنودن وروبن هود.

وكشفت المقابلة التي اجرتها المجلة معه ان عملاء الموساد الاسرائيلي خطفوه في جنيف، حيث قفزوا من سيارة وأجبروه على الركوب معهم، ثم اخذوه إلى قبو في بناية مهجورة. وهناك سألوه، كما تردد، إن كان يستطيع المساعدة على وقف مصرف اتش اس بي سي عن "الاستمرار في ممارساته".

خاض فالسياني انتخابات البرلمان الاوروبي العام الماضي مرشحًا عن حزب شبكة المواطن أكس الاسباني، لكنه لم ينجح. ويعمل الحزب الذي تأسس العام الماضي من اجل مكافحة الفساد السياسي والمالي.

ويتوقع مراقبون ان تستمر فضيحة التسريبات السويسرية في تصدر العناوين الرئيسة، مع كشف المزيد من التفاصيل. ويمكن القول إن فالسياني في هذه الأثناء سيواصل التهرب من محاولات القبض عليه وتسليمه إلى سويسرا، حيث يمكن ان يواجه حكمًا بالسجن ثلاث سنوات.&