يدشن الرئيس العراقي فؤاد معصوم في قطر اليوم مرحلة علاقات جديدة بين البلدين تطوي صفحة التوتر السابقة وارساء دعائم تعاون سياسي وأمني، وخاصة في مواجهة الارهاب والتعاون في مجال الاستثمار النفطي.

لندن: بدأ الرئيس العراقي فؤاد معصوم اليوم الاربعاء زيارة رسمية إلى قطر يجري خلالها مباحثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل خليفة، ويرافقه وزراء الدفاع خالد العبيدي والداخلية محمد سالم الغبان والنفط عادل عبد المهدي ومسؤولون كبار آخرون لاجراء مباحثات سياسية وامنية واقتصادية مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.

وقال طورهان المفتي مستشار معصوم إن الرئيس العراقي سيبحث مع المسؤولين القطريين الوضع الأمني في المنطقة والحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، اضافة إلى ازالة جميع أنواع الخلافات السابقة بين العراق وقطر حيث تأتي الزيارة بعد سنوات من توتر العلاقات بين حكومتيهما.

وأوضح المفتي أن زيارة الرئيس العراقي هذه تستمر يوماً واحدًا سيبحث خلاله جميع الملفات ذات الاهتمام المشترك، والتي يتصدرها التنسيق مع قطر في الحرب ضد تنظيم داعش، إضافة إلى العمل على تسوية جميع الخلافات السابقة وتعزيز التعاون الامني والسياسي والاقتصادي.

بحث الحشد الاقليمي والدولي ضد داعش

ومن جهته، قال مصدر عراقي رسمي إن زيارة معصوم هذه تأتي في إطار سياسة العراق الجديدة بالانفتاح على الدول العربية والاقليمية، مشيرًا إلى أنّ اهم ما ستتناوله هذه الزيارة هو التحشيد الدولي عامة والخليجي خاصة في الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".. فضلاً عن مناقشة تطورات الملفين الامني والسياسي في العراق والمنطقة وسبل تعزيز العلاقات العراقية القطرية بما يخدم مصلحة البلدين.

وهذه أول زيارة للرئيس العراقي معصوم إلى قطر في عهد اميرها الجديد الشيخ تميم، لبدء مرحلة علاقات جديدة تتخطى الاتهامات العراقية السابقة لقطر بدعم الارهاب في العراق وهجوم الدوحة لبغداد لما تسميه التهميش والاضطهاد الذي تعانيه مكونات عراقية من قبل السلطات العراقية.

وتأتي زيارة معصوم إلى الدوحة بعد مباحثات اجراها هناك اواخر العام الماضي رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري انطلاقًا من رغبة العراق في العودة إلى حاضنته العربية والإقليمية من خلال توطيد العلاقات. ويؤكد مسؤولون عراقيون أن بلدهم ماضٍ في تفكيك المشروع الإقليمي في العراق وإذابة الجليد وإعادة صياغة العلاقات مع الدول الاقليمية والمجاورة.

دعوة الشركات النفطية القطرية للاستثمار في العراق

ومن جهتها، أعلنت وزارة النفط العراقية اليوم أن وزيرها عادل عبد المهدي سيبحث في الدوحة فتح آفاق جديدة للتعاون النفطي ودعوة الشركات القطرية للاستثمار في العراق. وقال مستشار وزير النفط احمد الساعدي في بيان صحافي إن "وزير النفط عادل عبد المهدي سيفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين البلدين ودعوة الشركات القطرية في المجال النفطي للاستثمار في حقول النفط العراقية".

وأوضح أن "زيارة الوزير تأتي في ظل حراك واسع أجراه على الدول المنتجة للنفط ومشاركات متواصلة في مؤتمرات للطاقة وتطوير البنى التحتية الخاصة بها".. مؤكداً أنه "سيتم إعطاء امتيازات أكثر للشركات الأجنبية لتشجيعها على تطوير الرقع الغازية الاستكشافية". واشار إلى أنّ العراق يطمح إلى سد حاجته وزيادة احتياطاته من الغاز.

وكانت قطر وعدت العراق مؤخرًا بفتح صفحة جديدة من التعاون البناء في مختلف المجالات وخاصة الامنية منها، واكدت انها تفتح قلبها قبل ابوابها للمسؤولين العراقيين، واتفق البلدان على تشكيل لجنة للتعاون الامني المشترك والبدء بمرحلة تعاون مبنية على العمل المشترك والمشاركة الفعالة في مكافحة الارهاب والتصدي للفكر المتطرف.

وجاء ذلك خلال اجتماع عقده في الدوحة وزير الداخلية العراقي محمد سالم الغبان مع الشيخ عبد الله بن ناصر ال ثاني رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين.

وتم الاتفاق خلال الاجتماع على تشكيل لجنة للتعاون الامني ستباشر أعمالها في القريب العاجل، من جهته دعا وزير الداخلية العراقي المسؤولين في قطر لزيارة بغداد وفتح صفحة جديدة من العلاقات مبنية على أساس الاحترام والتعاون والعمل المشترك والمشاركة الفعالة في مكافحة الارهاب والتصدي للفكر المتطرف.

انفتاح يتجاوز أزمات الماضي

وتأتي مباحثات الرئيس معصوم في الدوحة بعد ان ظلت علاقات البلدين تشهد ازمات مستمرة بسبب اتهامات مسؤولين عراقيين ونواب وكتل سياسية لقطر بدعم الارهاب في العراق. وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي اتهم العام الماضي قطر والسعودية بدعم المقاتلين الذين يواجهون سلطاته في عدد من المحافظات العراقية وقال إن هاتين الدولتين الخليجيتين تقدّمان الأموال لتجنيد مقاتلين في الفلوجة.

وقال المالكي إنه يتهم الدولتين "بالتحفيز لهذه المنظمات الإرهابية.. بدعمها سياسياً وإعلامياً.. بدعمها السخي مالياً.. بشراء الأسلحة لحساب هذه المنظمات الإرهابية وبالحرب المعلَنة من قبلهم على النظام السياسي في العراق وإيوائهم لزعماء الإرهاب والقاعدة والطائفيين والتكفيريين.. هذا هو دعم غير محدود"، بحسب تعبيره.

وزعم المالكي أن "أزمة العراق الطائفية والإرهابية والأمنية مسؤولة عنها هاتان الدولتان بالدرجة الاولى". وأضاف: "يهاجمون العراق عبر سوريا وبشكل مباشر بل هم أعلنوا الحرب على العراق كما أعلنوها على سوريا ومع الأسف الخلفيات طائفية وسياسية في الوقت نفسه".