ما القاسم المشترك بين خبير نووي وأم لسبعة أطفال وموظف لدى الكنيسة الأرثوذكسية؟... جميعهم زُجّوا في صلب قضايا تجسس تهزّ روسيا، في وقت وصل التوتر إلى ذروته بين موسكو والغرب على خلفية أزمة أوكرانيا.


إيلاف - متابعة:&أمام هذه القضايا المتسلسلة، تحدث عدد من وسائل الإعلام الروسية عن "داء تجسس" يكتسح البلاد. فمنذ أيام يتم الكشف دوريًا عن قضايا تجسس، معظمها مرتبط بأوكرانيا، حيث يتواجه الجيش الأوكراني منذ عشرة أشهر مع متمردين موالين لروسيا في معارك طاحنة شرق البلاد. واتهمت سفيتلانا دافيدوفا، البالغة 36 عامًا، وهي أم لسبعة أطفال، أصغرهم يبلغ عامين ونصف عام، بالخيانة العظمى، لأنها اتصلت بالسفارة الأوكرانية لإبلاغها عن تحركات قوات روسية.

خيانة عظمى!
أوقفت دافيدوفا في كانون الثاني/يناير، ووضعت قيد الحجز الاحترازي في سجن ليفورتوفو في موسكو، الذي تديره الاستخبارات الروسية، وهي تواجه عقوبة سجن قد تصل إلى 20 عامًا. وأثارت قضيتها تعاطف الرأي العام الروسي، حيث وقع عشرات الآلاف، من بينهم مشاهير، عريضة من أجل الإفراج عنها. وأخلي سبيل دافيدوفا في مطلع شباط/فبراير. كذلك اتهم يفغيني بترين، الموظف السابق في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في أوكرانيا، بالخيانة، وسجن في ليفورتوفو.

كما اتهم فلاديمير غولوبيف، الباحث السابق في مركز الأبحاث الرئيس حول تطوير أسلحة نووية في روسيا، بإفشاء أسرار دولة، بعد نشره مقالة في مجلة تشيكية، ومنع من مغادرة مدينة إقامته. أخيرًا أوقف المدير السابق المتقاعد لمصنع عسكري في أوكرانيا يوري سولوشنكو في روسيا بتهمة التجسس.

أوقف بترين وسولوشنكو على التوالي في حزيران/يونيو وآب/اغسطس، ولم تكشف الصحافة قضيتيهما، وكذلك قضية غولوبيف، إلا أخيرًا، بعدما أثارت قضية دافيدوفا ردود فعل عارمة في المجتمع الروسي.

فزاعة "الأجانب"
مع جميع قضايا التجسس والخيانة هذه "تريد الدولة أن تظهر للمواطن أنه ينبغي عدم التواصل كثيرًا مع الأجانب"، على ما اعتبر المحلل أندري سولداتوف، فيما باتت روسيا المتهمة بدعم المتمردين في شرق أوكرانيا عسكريًا، معزولة على الساحة الدولية من طرف الغربيين.

وصرح سولداتوف المسؤول عن موقع أجنتورا الروسي، المتخصص في شؤون الاستخبارات الروسية، لوكالة فرانس برس، إن "التوجه الرئيس الحالي هو الدفاع عن البلاد أمام أي محاولة سيطرة خارجية". وهذا التوجه أبداه الكرملين بنفسه، ما حدا بجهاز الاستخبارات "إف إس بي (وريث الكاي جي بي) أن يبذل ما في وسعه" للتنفيذ، بحسب المحلل.

تأويلات خيالية
ويُعزى تكاثر قضايا الخيانة في روسيا أيضًا إلى تشريع غامض جدًا، وبات يجيز بعد تعديلات في 2012، اتهام الجميع تقريبًا بالخيانة العظمى، بحسب خبراء. بالتالي يعرف القانون الجنائي الروسي حاليًا "الخيانة العظمى" ليس فحسب بـ"إفشاء أسرار دولة لدولة أجنبية، بل كذلك تقديم "المساعدة المالية أو الفنية أو الاستشارية وغيرها لدولة أجنبية أو منظمة أجنبية أو دولية (...) ترمي أعمالها إلى إلحاق الضرر بأمن الاتحاد الروسي".

وأوضح سولداتوف أنه "بات يمكن توجيه تهمة الخيانة العظمى إلى أفراد لم يتعاملوا قط مع أسرار دولة. يكفي أن ينقلوا معلومات يمكن تأويلها على أنها خطر على أمن روسيا".
وأفاد إيفان بافلوف محامي دافيدوفا "إن أفلت محقق العنان لمخيلته فأي اتصال مع أجنبي قد يعتبر خيانة عظمى"، وذلك في مقابلة مع صحيفة ذا نيوتايمز المعارضة.


&