في محاولة للتخفيف من تأثيرات أكبر تحدّ سياسي يواجهه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي منذ تشكيله حكومته الحالية قبل خمسة أشهر، بإعلان الوزراء والنواب السنة مقاطعة أعمال مجلسيهما احتجاجًا على قتل شيخ عشيرة سني، فقد أكد أنه ستتم ملاحقة الجناة واعتقالهم وتقديمهم إلى القضاء والضرب بحديد على كل من يريد العبث بحياة المواطنين.


أسامة مهدي: أكد العبادي استنكاره "عملية اختطاف النائب زيد الجنابي واغتيال من معه"، وهم زعيم عشيرة سنية كبرى، وستة من مرافقيه.. وقال "إن من نفذ هذه الجريمة يريد أن يشغل قواتنا الأمنية عن مواجهة العدو الحقيقي للشعب العراقي وإحداث شرخ في العملية السياسية". وشدد بالقول على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" واطلعت على نصها "إيلاف" اليوم: "نؤكد مجددًا بأننا سنضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن وحياة العراقيين، وستتم ملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى القضاء".

للتوحد ضد الإرهاب
ودعا رئيس الوزراء الجميع إلى "ضرورة التحلي بأعلى درجات المسؤولية وعدم الانجرار إلى ما يريده العدو، إذ إن البلد بحاجة إلى وحدة الموقف والتكاتف للانتصار على تنظيم داعش الإرهابي وطرده وتحقيق الأمن والاستقرار للعراقيين"، على حد قوله.

جاء رد فعل العبادي هذا بعد ساعات من إعلان نواب ووزراء تحالف القوى السنية وائتلاف الوطنية بزعامة نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي، الليلة الماضية، عن مقاطعة أعمال مجلسي الوزراء والنواب، مؤكدين أن قرارهم هذا سيستمر حتى إشعار آخر، محمّلين العبادي ووزيري الدفاع خالد العبيدي والداخلية محمد الغبان مسؤولية الانفلات الأمني وفقدان الدولة سيطرتها على الأمن في العاصمة بغداد، مما شجّع الميليشيات على اختطاف النائب زيد عبد الله سويدان الجنابي بعد اعتراض موكبه في منطقة أبو دشير وقتل عمه ونجله وستة من أفراد حمايته، بعد اقتيادهم إلى منطقة الشعب في ضواحي بغداد الشمالية ليل الجمعة الماضي.

وقال النائب عن تحالف القوى السنية أحمد المساري خلال المؤتمر الصحافي إن التحالف وائتلاف الوطنية بزعامة نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي يدينان ما يحدث يوميًا من جرائم وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في حزام بغداد والمناطق المحررة من سيطرة تنظيم "داعش"، وهو يدعو إلى التساؤل عن دور الحكومة الغائب والأجهزة الأمنية العاجزة عن فعل أي شيء ومصير الاتفاق السياسي الذي لم يجف حبره بعد.

لسحب مظاهر التسلح
ودعا المساري العبادي إلى سحب الميليشيات من الشوارع وحصر السلاح بيد الدولة فقط، ومنع أي مظهر من مظاهر التسلح لأية جهة أو حزب، ومطالبة الولايات المتحدة الأميركية بتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية الاستراتيجية الأمنية الموقعة بين البلدين، والتي تلزم الجانب الأميركي بحماية الشعب العراقي، إذا لم يكن هو قادرًا على ذلك.

من جهته، أعلن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك أن نواب تحالف القوى العراقية وكتلة الوطنية خوّلوه ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ونائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي لإدارة ملف الأزمة السياسية والأمنية، مبينًا أنه سيتم اتخاذ القرار المناسب بشأن موقف الوزراء في مجلس الوزراء، بعد إجراء مشاورات مع القوى السياسية. وأكد أن تحالف القوى العراقية والوطنية سيدفعان بقانون يجرم الميليشيات، التي تعبث بالمواطن، وسيعملان ويضغطان باتجاه حصر السلاح بيد الحكومة.

وأوضح أن لقاءات ستعقد مع سفراء المجتمع الدولي من جهة ومع المرجعيات الدينية وقادة القوى السياسية من جهة أخرى، ومن ثم إبلاغ تحالف القوى العراقية بنتائج هذه اللقاءات، لاتخاذ الإجراءات والخطوات اللاحقة لمعالجة الانهيار الأمني.

اغتيال الشيخ الجنابي
وكان مصدر في وزارة الداخلية العراقية أكد مقتل زعيم عشيرة الجنابيين وابنه مساء الجمعة في هجوم استهدف موكبهم في جنوب بغداد، مما يثير تساؤلات بشأن الوضع الأمني في العاصمة، ويهدد بتصعيد التوتر الطائفي. وقالت مصادر أمنية وسياسية إن الشيخ قاسم الجنابي وابنه محمد قتلا بالرصاص، إضافة إلى ستة حراس، بعدما أوقفهم مسلحون وهم عائدون من منزلهم في اللطيفية في جنوب بغداد، موضحًا أن النائب زيد الجنابي قريب الشيخ قد احتجز أيضًا، لكن أفرج عنه في وقت لاحق.

وقد اتهم اقارب الشيخ قاسم سويدان الجنابي ميليشيات شيعية موالية للحكومة بالوقوف خلف العملية، في إشارة إلى فصائل شيعية تقاتل إلى جانب القوات العراقية ضمن تشكيلات الحشد الشعبي لاستعادة مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

وأشار هؤلاء إلى أن الجنابي الذي عثر عليه مقيّد اليدين ومقتولًا برصاصة في الرأس كان ضمن موكب من ثلاث سيارات وبرفقته ابن أخيه النائب زيد الجنابي، الذي أفرج عنه المسلحون، بعد تعرّضه للضرب. وقال مصدر مقرب من النائب إن مسلحين يرتدون ملابس عسكرية أقاموا سيطرة وهمية في جنوب بغداد، وقاموا باعتراض موكب الضحايا واعتقلوهم، ثم قتلوهم في ما بعد.&

وقاسم الجنابي من مواليد عام 1952، وقد اعتقلته القوات الأميركية لأكثر من عامين، بعد غزوها للعراق عام 2003. أما نجله أحمد فقد عاد إلى العراق منذ نحو أسبوع بعد إنجازه دكتوراه في القانون الدولي من جامعة غلاسكو في اسكتلندا.

واستنكر مجلس النواب في جلسته أمس السبت هذه الجريمة، ودعا رئيسه سليم الجبوري الحكومة إلى توضيح ملابسات ما حصل، معلنًا استدعاء وزيري الدفاع والداخلية إلى جلسة نيابية غدًا الاثنين لتبيان أسباب الخروقات الأمنية، وآخرها جريمة قتل هؤلاء الأشخاص.. وشدد بالقول على "أن البرلمان لن يسكت عن أي فعل من شأنه المساس بهيبة الدولة".. معتبرًا أن ما جرى "دليل على وجود أيادٍ لا تزال تعمل لتخريب إنجازات الدولة"، بحسب قوله. من جانبه فقد دعا نيكولاي ملادينوف ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق إلى التحقيق في الحادث وسوق المنفذين إلى العدالة.
&
&

&