النار مستعرة من شمال سوريا إلى جنوبها، بالرغم من الجو البارد. ومع توجه الأنظار نحو الجبهة الجنوبية، سرقت المعارك الحلبية الأنظار، مع استعادة المعارضة ما كسبه النظام في الأيام الأخيرة بريف حلب الشمالي.


بيروت: قال ناشطون سوريون إن نطاق الاشتباك في حلب اتسع الأربعاء، فشمل الملاح وحندرات وسيفات مع تحرك مقاتلي المعارضة من غرب حلب نحو جنوبها، ليصبح محيط المدينة وريفها جبهات مفتوحة. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن مصادر ميدانية في المعارضة السورية تأكيدها السيطرة على الملاح بريف حلب، بعد اشتباكات سقط فيها أربعون قتيلًا من جيش النظام.

ونسب مكتب أخبار سوريا إلى مصدر ميداني تأكيده بما لا يترك مجالًا للشك أن فصائل المعارضة استعادت القرى التي تسللت إليها القوات النظامية الثلاثاء، وقتلت نحو 150 عنصرًا منهم، شاهد الناشطون جثثهم عند نقاط الاشتباك بين الطرفين، وأسرت عشرات المقاتلين، ينتمي أغلبهم إلى ميليشيات أجنبية.

وقال مصدر عسكري في المعارضة السورية لـ"الشرق الأوسط": "قوات المعارضة تحتجز زهاء 110 جثث من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم 9 جثث لعناصر من حزب الله، ووضع النظام في حلب لا يُحسد عليه".

استعدناها

قال ورد فراتي، مدير المكتب الإعلامي لـ"الجبهة الشامية"، إن قوات المعارضة السورية استعادت السيطرة بالكامل على محورين من أصل 3 نجح النظام ومسلحوه بالتقدم فيها، في هجوم مباغت شنّوه الثلاثاء، مستفيدين من سوء الأحوال الجوية والضباب.

وصرح فراتي لـ"الشرق الأوسط" مؤكدًا: "استعدنا السيطرة على كامل محور الملاح، وكبّدنا النظام خسائر فادحة، فسقط له وللمرتزقة والميليشيات الطائفية التي تقاتل بصفوفه أكثر من 150 قتيلًا، أما في محور الراشدين فلم نكتفِ باستعادة السيطرة على المناطق التي كانت معنا قبل هجوم النظام، بل سيطرنا على نقطة جديدة، وسقط للطرف المقابل 40 قتيلًا في هذه الجبهة".

وبحسب فراتي، المعارك مستمرة في المحور الثالث، أي محور رتيان وحردتين وباشكوي، مؤكدًا: "أغلبية المناطق تحت سيطرة المعارضة التي نجحت باستعادة السيطرة أيضًا على دوير الزيتون الذي يعتبر نقطة استراتيجية كونها خطًا أساسيًا لإمداد النظام".

أضاف: "النظام بدخوله إلى مناطقنا في الريف دخل محرقته، فقد أحصينا مقتل ما بين 250 و300 من عناصره والمسلحين الموالين له، معظمهم من النخبة، أما الحديث عن حصار حلب فمشروع فاشل منذ بدايته، لأننا نتخذ ومنذ أكثر من 4 أشهر كل الاحتياطات لمنع إحكام الحصار على المدينة".

استسلموا

واستسلم 17 عنصرًا من قوات النظام السوري والحرس الثوري الإيراني على أطراف بلدة رتيان بريف حلب الشمالي، وقاموا بتسليم أنفسهم، وأسلحتهم لعنـاصر الجيش الحر الأربعاء. وأسرت كتائب الثوار 10 عناصر آخرين بعد المعارك الضـارية الأربعاء، ليصل عدد إجمـالي الأسرى إلى 27 عنصرًا منذ دخول قوات النظام ومن يساندها من الميليشيات إلى الريف الشمالي، في عملية "ساعة الصفر".

ونقلت التقارير عن مصادر عسكرية للثوار السوريين تأكيدها أن بين الأسرى عناصر من الحرس الثوري الإيراني، ومن أفغانستان، ومنهم من تجند في صفوف حزب الله السوري، وعناصر سوريين من قوات النظام.

وسيطر الثوار على دبابة تابعة لقوات النظام، وفجروا أخرى في الملاح، ودمروا مدفعاً ثقيلاً من عيار 23مم في المنطقة نفسها. كما نجحت كتائب الجيش الحر من تدمير دبابة ثانية، ورشاش مضـاد للطـيران من عيـار 14,5، في قرية باشكوي.

القتلى بالعشرات

أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلي الكتائب المعارضة استعادوا السيطرة على بلدة رتيان وقرية دوير الزيتون في ريف حلب الشمالي، عقب سيطرة قوات النظام مدعمة بالميلشيا عليها صباح الثلاثاء.

ورجّح المرصد أن يكون عدد القتلى من جانب النظام السوري أكثر من 70، لأن مصير 25 من مقاتليه لا يزال مجهولاً. وأضاف أن&"66 من مقاتلي المعارضة التابعين لجماعات مختلفة قتلوا في المعارك، إلى جانب 20 على الأقل من جبهة النصرة".

وقال المرصد إن الفصائل المقاتلة والإسلامية تمكنت من أسر ما لا يقل عن 32& عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها خلال اشتباكات في مزارع بلدة رتيان، فيما قتل 6 عناصر آخرين على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، أثناء محاولتهم الفرار من مناطق تمركزهم بريف حلب الشمالي.

توحيد الراية

في جنوب غربي دمشق، قال المرصد إن جبهة النصرة وفصائل مقاتلة وإسلامية اعلنت بدء معركة "توحيد الراية"، لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها المعارضة، وفتح الطريق لريف دمشق الغربي، بين العاصمة ودرعا قرب حدود الأردن.

فقد أعلنت حركة المثنى الإسلامية عن بدء عملية "توحيد الراية" لفتح الطريق من درعا إلى الغوطة الغربي بريف دمشق، وفك الحصار عن كناكر.

وأشارت الحركة، في بيان نشرته على حسابها الرسمي على موقع فايسبوك، أن عمليتها العسكرية للسيطرة على كل من تل مرعي، وتل السرجة، وتل العروسة، وقرية الدناجي، ضمن غرفة عمليات حركة المثنى الإسلامية والتي تضم عدة فصائل هي حركة المثنى الإسلامية وكتيبة أنصار السنة وكتيبة سعد وكتيبة الأمة الواحدة، بمشاركة عدة غرف عمليات، هي غرفة جبهة النصرة، وفجر التوحيد، والجيش الأول، والفيلق الأول، والطريق إلى دمشق، وفتح الشام، بالإضافة إلى حركة أحرار الشام الإسلامية.

إستعادة ريف درعا

كما تسعى فصائل المعارضة في هذه المعركة لاستعادة السيطرة على قرى وبلدات بريف درعا الشمالي، سيطرت عليها أخيرًا القوات السورية النظامية المدعومة بمقاتلين أجانب، كبلدتي دير العدس والدناجي وقرية الهبارية.

وأوضح النقيب المنشق عن الجيش النظامي محمد قدور، العامل في فوج المدفعية بالجيش الأول، لمكتب أخبار سوريا، أن المعارضة تعتزم استعادة جميع المناطق التي خسرتها قبل أيام، "لأن استعادتها تشكل خطّ دفاع أول في أقصى شمالي درعا، لكبح محاولات القوات النظامية المتكررة للتقدم في هذا الجزء من المحافظة".

وأضاف قدور أن عددًا من الجنود النظاميين ومقاتلي حزب الله اللبناني قُتلوا جراء استهداف رتل عسكري لهم قرب بلدة الدناجي. ويأتي إطلاق هذه المعركة بعد محاولات كثيرة من قبل القوات النظامية للتقدم باتجاه مناطق تسيطر عليها المعارضة شمال درعا والقنيطرة، آخرها محاولة تقدّمٍ، الثلاثاء،& إلى بلدة مسحرة شمال شرقي القنيطرة، تصدت لها فصائل من الجيش الحر ومنعتها من اقتحام البلدة.