انقضى ثالث أيام مؤتمر "الإسلام ومحاربة الإرهاب" المنعقد بمكة المكرمة، وطغت على أعماله دعوات لتحديد مفهوم الإرهاب، لتجنب تداخله مع مفاهيم مقبولة عالميًا كالكفاح المسلح و(الجهاد) في سبيل القضايا المحقة.

الرياض: واصل المؤتمر العالمي "الإسلام ومحاربة الإرهاب"، الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بمقر الرابطة في مكة المكرمة اليوم أعماله. وكان يوم الاثنين حفل بجلسات نقاش، أدار الأولى الشيخ عبدالله دريان، مفتي الجمهورية اللبنانية، وتحدث فيها الدكتور محمد أمين البارودي، عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والأنظمة في جامعة الطائف،والأستاذ فيصل بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، والدكتور علي محي الدين القرة داغي، الأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قطر، والدكتور فخر الدين الزبير علي الأستاذ بكلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى.
&
تعريفات
&
تناول المشاركون تحديد مفهوم الإرهاب، وقالوا إنه عملية شائكة وطريق كثير المنعطفات، وهو ما يظهر من الخلاف بين الأفراد والجماعات في تحديد ماهية الإرهاب.
&
وأوضح المجتمعون أن من أهم الأسباب التي أسهمت في صعوبة تحديد مفهوم الإرهاب غياب الاتفاق الواضح بين المتخصصين والمهتمين على تحيد ماهية الإرهاب وتداخل مفهوم الإرهاب مع مفاهيم أخرى شبيهة له، وعدم وجود مرتكزات علمية دقيقة مفسرة لهذه الظاهرة لاختلاف المعارف أحيانًا. كما تحدثوا عن تعريف الإرهاب من المنظور الدولي، مؤكدين أن الأحداث الإرهابية ليس منتجًا خاصًا بديانة أو عرق أو جنس معين فالإرهاب ظاهرة بشرية، مع التفريق بين الإرهاب والكفاح المسلح، فمنظمة الأمم المتحدة حرصت في مواثيقها على تشريع حق الكفاح المسلح من أجل تقرير المصير أو تحرير أرض محتلة.
&
كما فرق المشاركون بين الجهاد الذي خاضه المسلمون عبر تاريخ الفتوحات وبين الأعمال الإرهابية أو ما يسمى بالعنف الديني.
&
أسباب دينية
&
أدار الجلسة الثانية، وعنوانها "الأسباب الدينية للإرهاب"، الدكتور عبدالحي عبدالعال عزب، رئيس جامعة الأزهر في مصر، وتحدث فيها الدكتور نورالدين الخادمي وزير الشؤون الدينية السابق في تونس، والدكتور مصطفى إبراهيم تسيرتش عضو المجلس الأعلى للرابطة عن البوسنة والهرسك،والدكتور عبد السلام العبادي نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة،والدكتور عصام البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي في السودان، فألقوا الضوء على الجهل بمقاصد الشريعة وأحكامها، وهي من الأسباب الرئيسية لانتشار الإرهاب فأسبابه كثيرة ومعرفتها في غاية الأهمية لأنه يحدد نوع العلاج وصفة الدواء.
&
أضافوا: "أسباب الإرهاب متعددة ومتنوعة قد يكون مرجعها فكريًا أو نفسيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو تربويًا، والجهل بالشريعة ومقاصدها وأحكامها من أكبر أسباب الإرهاب".
&
كما تناول المتحدثون التعصب المذهبي والتخريب الطائفي الذي أذاق الأمة الويلات، والخطأ في ضبط مفاهيم شرعية هامة.
&
تطبيق الشريعة
&
وترأس الجلسة الثالثة الدكتور أحمد محمد هليل، قاض القضاة وإمام الحضرة الهاشمية في المملكة الأردنية الهاشمية، وتحدث فيها الدكتور صهيب عبدالغفار، رئيس جمعية القرآن في لندن، والدكتور رضوان السيد رئيس المعهد العالي للدراسات الإسلامية في لبنان، والدكتور إبراهيم نورين إبراهيم مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية في السودان، فبحثوا مبحث "عدم تطبيق الشريعة الإسلامية أحد أسباب الإرهاب"، فتطرقوا إلى كثرة الحديث الحالي عن الشريعة والإرهاب، وتناولوا أهمية تطبيق الشريعة الإسلامية مؤكدين أن نزاهة القضاء طيلة العصر الإسلامي كانت كفيلة بتحقيق العدل المؤدي إلى إيجاد شعور من الأمن والطمأنينة لدى الناس.
&
كما تناولوا ضعف المؤسسات الدعوية والعلاقة بالتطرف والإرهاب، وقالوا إن الدين الإسلامي يعاني من ظهور جماعات متطرفة وعنيفة باسمه، وعلة ذلك الاختلالات في سياسات الدين من جانب الجهات الدولية والإعلام العالمي والدول العربية والإسلامية والمؤسسات الدينية معقودة عليها آمال كبيرة في نشر الاعتدال.
&
اجتماعية واقتصادية
&
وفي اليوم الثالث، ناقشت الجلسة الأولى محور الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تقف خلف ظهور الإرهاب بجميع أشكاله وصوره، وسبل محاربتهن عبر الوقوف على تلك الأسباب وتحليلها ووضع الحلول الممكنة لها.استهل الجلسة مدير عام مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" في الولايات المتحدة الدكتور نهاد عوض أحمد بالتطرق الى ضعف مؤسسات المجتمع المدني الذي يرى أنه أحد أهم الأسباب الاجتماعية التي تهيئ مناخًا مناسبًا لظهور الإرهاب ورواج الأفكار المنحرفة والمتطرفة.
وتحدث الدكتور أحمد محمد فرحان، الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك فيصل بالأحساء، عن الفساد الإداري والمالي كسبب اقتصادي يمنح الفكر المنحرف بيئة مثالية.
&
الإرهاب والمصالح
&
وخصصت الجلسة الثانية لمناقشة محور الأسباب التربوية والثقافية والإعلامية.ورد الدكتور الريح حمد النيل،من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، تنامي ظاهرة الإرهاب إلى ضعف الثقافة بمفهومها الواسع لدى المجتمعات البسيطة الناتج عن تواضع المناهج التعليمية مما يتسبب في تلاشي الثقافة المتزنة وبروز ثقافة العنف.
&
واستعرض الأمين العام للقمة الروحية الإسلامية في لبنان محمد السماك موضوع التطرف بجميع أشكاله وما يحمله من تصنيفات لا تخلو من إقصاء الآخر مما يولد البغضاء والكراهية التي تفتح الباب على مصراعية للإرهاب الذي يعتمد بشكل أساسي على العنف ونبذ الجميع.
&
وناقشت الجلسة الثالثة محور "الإرهاب والمصالح الإقليمية والعالمية"، فأكد الدكتور محمد عبدالواحد العسري بجامعة عبدالملك السعدي في المغرب أن موضوع التحيز غير العادل في قضايا المسلمين يزيد من فرص الاحتقان لدى الشعوب المسلمة والشعور بالظلم، فتكون بذلك فرائس سهلة للتغرير بأكثرهم حماسة ومن ثم تجنيدهم كإرهابين .
&
وتناولت الجلسة موضوع إثارة الطائفية والفتن بين أقطار العالم الإسلامي ومجتمعاته واستغلال الإرهاب لمصالح إقليمية وعالمية وطائفية والإرهاب السياسي وانتهاك حقوق الإنسان.
&