باريس: في سابقة هي الأولى منذ عام ألفين و اثني عشر، توجه وفد من النواب الفرنسيين إلى العاصمة السورية دمشق في زيارة سرية التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد&فيما أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن تنصلها من هذه المبادرة.
&
وفي معلومات نشرتها صحيفة لو موند الفرنسية على موقعها الإلكتروني، الوفد ضد أربعة نواب فرنسيين ترأسه جيرار بابت، نائب عن الحزب الإشتراكي الحاكم و رئيس لجنة العلاقات الفرنسية السورية في الجمعية الوطنية وضم نوابا من الحزب اليمين الوسط المعارض ك'جاك ميارد' و 'جان بيار فيال' و نائب عن حزب إتحاد الديمقراطيين و المستقلين 'فرانسوا زوكيتو'.
&
هذه المبادرة أثارت امتعاض الخارجية الفرنسية التي أعادت التذكير بموقف وزارة الخارجية الذي يحظر أي اتصال بالنظام السوري و علق أحد الدبلومسيين الفرنسيين قائلا: 'هذه الخطوة لا تلزم& السياسية الخارجية الفرنسية ، فهم لم يطلبوا رأينا عندما توجهوا إلى سوريا و لم يذهبوا إلى سوريا بناء على طلب من الخارجية الفرنسية، معيدا التأكيد على أن سياسة فرنسا لا تزال على موقفها القائم أن لا محادثات مع النظام السوري'.
يذكر أن فرنسا أقفلت سفارتها في دمشق بعد أشهر على بدء الثورة السورية و قامت بالمقابل بطرد السفيرة السورية في باريس.
&
في أروقة الجمعية الوطنية، أكثر من نائب بات يتحدث اليوم عن أن توجه وفد من النواب الفرنسيين إلى سوريا ليس إلا عامل إختبار لمعرفة مدى قابلية النظام السوري لإستنئاف العلاقات الديبلوماسية وهو ما تم نفيه من قبل أليزابيت غيغو، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في الجمعية الوطنية، أما في قصر الرئاسة الفرنسية فقد علق أحد مستشاري الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قائلا 'إنه إذا ما كان هناك اليوم من رسائل نريد توجيهها إلى النظام السوري فلن تكون عبر النائب جيرار بابت، رئيس لجنة العلاقات الفرنسية السورية في الجمعية الوطنية الذي ترأس الوفد'.
&
في حين كان أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس 'أن الإعتقاد اليوم بأنه يُمكن أن تنعم سوريا بالسلام من جديد& عبر إعادة الثقة ل بشار الأسد فهذه فكرة خاطئة'.
&
وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في استقبالهم الثلاثاء، كما تناولوا طعام العشاء مع مفتي الجمهورية الشيخ احمد حسون. وصرح ميار في اتصال هاتفي مع فرانس برس "لقد التقينا بشار الاسد لمدة ساعة. وكانت الامور جيدة جدا"، رافضا في الوقت نفسه تحديد مضمون المحادثات. غير ان التلفزيون السوري افاد ان المحادثات دارت حول "واقع العلاقات السورية الفرنسية والتطورات التي تواجه المنطقتين العربية والاوروبية، لا سيما ما يتعلق بالارهاب".
&
وقللت باريس التي اغلقت سفارتها في دمشق في اذار/مارس 2012 من اهمية الزيارة، حيث اعتبرها المتحدث باسم الحكومة ستيفان لوفول "مبادرة شخصية، وليست مهمة رسمية ودبلوماسية فرنسية على الاطلاق". وعلق مصدر دبلوماسي "توقعنا ان يبسط لهم بشار (الاسد) السجاد الاحمر، فهذا يخدم استراتيجيته في محاولة استعادة الشرعية".
&
ومنذ بداية النزاع السوري الذي اوقع اكثر من 210 الاف قتيل في غضون اربعة اعوام، تتخذ فرنسا موقفا متشددا وتطالب بمغادرة الاسد، مكررة انه لا يمكن ان يكون جزءا من حل سياسي. وتدعم باريس عسكريا وسياسيا "المعارضة المعتدلة" في سوريا، والتي ضعفت بشكل كبير وانقسمت، وتعتبر ان اي حل للنزاع يمر بمفاوضات بين ممثلي هذه المعارضة وعناصر من النظام السوري لكن من دون الرئيس الاسد.
غير ان الحرب الدامية المستمرة منذ اربع سنوات وفشل المبادرات الدبلوماسية وعلى الاخص بروز تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي، ادت الى ضرب هذه الاستراتيجية. كما بدت الاصوات المطالبة باستئناف الاتصال بنظام الرئيس السوري اكثر اصرارا في عدة دول غربية نتيجة الخشية من ارتفاع عدد مواطنيها الذين انضموا الى صفوف تنظيم الدولة الاسلامية وقد يعودون لارتكاب هجمات على اراضيها.
&
وصرحت الاكاديمية المعارضة بسمة قضماني أخيرا "مع الاسف باتت تتعالى اصوات في اوروبا لتقول ان الاسد في النهاية اهون الشرور" معربة عن القلق من "تغطية ظاهرة داعش (تسمية اخرى لتنظيم الدولة الاسلامية) على جميع انحاء القضية السورية الاخرى".
&
في فرنسا، اقتصرت هذه الاصوات في البدء على الاوساط الموالية لروسيا او جمعيات لدعم مسيحيي الشرق. لكنها امتدت لاحقا لتبرز في اوساط الاستخبارات، حيث شهد التعاون مع دمشق على مستوى مكافحة الارهاب فترات مثمرة في السابق.
&
واعتبر رئيس الاستخبارات الداخلية السابق بيرنار سكارسيني الاربعاء عبر تلفزيون بي اف ام تي في "لا يمكننا العمل على داعش وضد داعش من دون المرور بسوريا، اي ان استئناف الحوار الزامي". واقر دبلوماسيون اوروبيون أخيرا ان "الكثير من اجهزة الاستخبارات تحبذ العودة الى دمشق" واشاروا الى ان باريس ولندن ما زالتا تتخذان في الاتحاد الاوروبي موقفا "متشددا جدا" ازاء استئناف الاتصالات ولو بحدها الادنى مع دمشق. وكرر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في 15 الشهر الحالي ان "فكرة امكانية التوصل الى السلام في سوريا عبر الثقة ببشار الاسد واعتبار انه مستقبل بلاده فكرة خاطئة حسب اعتقادي".

&

&