تستعد الرياض لزيارتين مهمتين يومي السبت والأحد، من المحتمل أن تكون لهما انعكاسات إيجابية على علاقات الدول العربية بعضها ببعض والجوار، وخاصة تركيا التي توترت علاقاتها مع عدد من العواصم في السنوات القليلة الماضية ومن بينها السعودية ومصر.

نصر المجالي: بينما يصل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوم السبت في أول زيارة رسمية للمملكة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، أعلنت رئاسة الجمهورية في مصر، الجمعة، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيقوم بزيارة للرياض، الأحد، وهي الأولى من نوعها كذلك منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم.

وكانت الرياض استقبلت في الأيام الأخيرة العديد من الزعماء العرب من بينهم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

تساؤلات

ومع تزامن الزيارتين، فإن بوابات التساؤلات فتحت على مصاريعها حول إمكانية وجود مبادرة سعودية لاحتواء الخلافات المتفاقمة بين مصر وتركيا، على أنه لم يصدر أي تصريح رسمي يشير إلى أن السيسي سيلتقي اردوغان على هامش زيارتيهما.

لكن مصادر دبلوماسية عربية قالت انه ليس من المستبعد تقريب وجهات النظر بين الرئيسين المصري والتركي، رغم أن مصدرًا في السفارة التركية في الرياض أكد لـ"إيلاف" في وقت سابق اليوم عدم نية إردوغان مقابلة السيسي، إلا أن الأمور ربما تأخذ مجرى آخر من خلال تواجدهما في ضيافة خادم الحرمين الشريفين العازم على تنقية الأجواء العربية والإسلامية عبر مصالحات في مواجهة التحديات الراهنة.

كما لم تستبعد المصادر أن تقود الرياض مصالحة بين قطر ومصر، حيث من المتوقع أن يزور أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الرياض بعد عودته من الولايات المتحدة.

ويشار إلى أنّ العلاقات المصرية مع قطر وتركيا قد شهدت توتراً ملحوظاً في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013 واتهامات القاهرة المتكررة للدولتين بدعم جماعة الإخوان المسلمين.

اهتمام الصحف

واحتلت جهود المصالحات التي تقودها المملكة العربية السعودية، تدشيناً لعهد الملك سلمان، اهتمام الصحف العربية عامة، والمصرية بصفة خاصة. وتحت عنوان "السيسي وإردوغان في السعودية.. مصادفة أم مصالحة"، تقول جريدة الوفد المصرية إن هناك "ثمة بوادر مصالحة تلوح في الأفق بين مصر وتركيا".

وتضيف الوفد: "إن تواجد رأس النظامين التركي والمصري تحت سماء واحدة، بعد فترة من الجفاء، ليس مصادفة، ما قد يعزز احتمالية تقارب مرتقب بين البلدين بوساطة سعودية لدرء الخطر الأكبر الزاحف على البلدان العربية والأوروبية ألا وهو داعش والتنظيمات الإرهابية.

مفاجأة الملك

ومن جانبه، يقول الكاتب جمال سلطان، رئيس تحرير جريدة المصريون إن "زيارة إردوغان معلنة منذ أسابيع ومرتب لها، غير أن المفاجأة أن الملك سلمان دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة المملكة في اليوم السابق مباشرة لزيارة إردوغان... وفي مثل هذه الظروف يستحيل أن تبعد الارتباط بين الزيارتين وموضوعهما أو موضوعاتهما المشتركة".

السيسي وإردوغان

ويتساءل الكاتب المصري: "هل يرتب العاهل السعودي لاجتماع تاريخي ومفصلي بين السيسي وإردوغان، لأنه ليس من المتصور أن السيسي سيغادر صباح اليوم التالي، ومن ثم فهناك ترجيحات بأن لقاءً ما قد يجمع الثلاثة: الملك سلمان والرئيسان السيسي وإردوغان".

وإلى ذلك، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، إن زيارة السيسي للرياض تهدف إلى "تعزيز ودعم العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية، في ضوء المواقف المشرفة للمملكة، والتي ساندت من خلالها الإرادة الحرة للشعب المصري".

وأشار المتحدث المصري، بحسب ما أورد التلفزيون الرسمي نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أن الرئيس السيسي سيلتقي الملك سلمان، وولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، دون أي إشارة إلى ما إذا كان سيلتقي الرئيس التركي.

اليمن

واعتبر يوسف أن الزيارة تُعد مناسبة للتباحث بشأن مستجدات الأوضاع، ومختلف القضايا الإقليمية في المنطقة، ولاسيما في ما يتعلق بتدهور الأوضاع في اليمن، وضرورة تداركها، "تلافياً لآثارها السلبية على أمن منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر"، بحسب بيان رئاسة الجمهورية.

وأضاف أن "الرئيس يولي اهتماماً خاصاً للتواصل والتنسيق المشترك بين البلدين على كافة الأصعدة، في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأمة العربية، وسعي بعض الأطراف والجماعات المتطرفة لاستغلال الفراغ الذي خلفه الاقتتال الداخلي، وحالة الضعف في بعض الدول، للتوسع والإضرار باستقرار ومستقبل شعوب المنطقة".

وختم يوسف، لافتاً إلى أن القمة العربية المقبلة في القاهرة ستكون ضمن الموضوعات المطروحة على جدول أعمال محادثات السيسي في الرياض، خاصة أن الوضع الحالي يتطلب "أهمية تفويت كل محاولات بث الفرقة والانقسام بين الدول العربية، والتكاتف في ما بينها، لمواجهة المخاطر المتسارعة التي تتعرض لها المنطقة العربية".