شدّد الرئيس المصري عشية زيارته إلى السعودية على عمق العلاقات بين الرياض والقاهرة، مهيبا بالمستثمرين الخليجيين والسعوديين للاستثمار في مصر. كما ذكّر الجميع بأن العاهل السعودي الملك سلمان شارك في القتال إلى جانب المصريين في السابق.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يزور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السعودية اليوم، الأحد، وقال إنّ زيارته تهدف إلى تقديم التهنئة إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، بالإضافة إلى التباحث حول مختلف القضايا.

وأضاف أن الزيارة تهدف أيضاً إلى التنسيق مع السعوديين، بشأن مؤتمر مصر الإقتصادي، المزمع عقده في 13 مارس/ آذار الجاري.

تهنئة سلمان

وقال السيسي: "كان لازم نروح لأشقائنا في المملكة ونلتقي بجلالة الملك كي نهنئه على توليه مسؤولية قيادة المملكة في ظل ظروف صعبة تمر بها المنطقة، وأيضاً لتبادل الرؤى والنقاش حول الموضوعات التي تمر بها منطقتنا العربية، وأنا أتصور أن خريطة الواقع العربي تستدعي من المملكة ومصر مزيدا من التنسيق والتعاون، لأن المنطقة العربية في ظروف صعبة، وفي الظروف الصعبة محتاجون أن نتحرك بشكل أكثر فاعلية وأكثر تفهما لهذا الواقع. النقطة الثالثة أننا نعد للمؤتمر الاقتصادي يوم 13 مارس".

وتابع: "كما تعلمون أن المغفور له الملك عبدالله هو من بادر بالدعوة لعقد المؤتمر الاقتصادي، ونحن نستعد لهذا المؤتمر واستقبال أشقائنا المستثمرين في الوطن العربي، خاصة السعوديين".

لا أزمة مع الرياض

ونفي& تلميحاً أن تكون الزيارة بهدف احتواء أية تأثيرات سلبية للتسريبات التي بثتها قنوات فضائية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، حول الإساءة للسعودية ودول الخليج.

وقال السيسي في مقابلة مع قناة "العربية" السعودية: "العلاقات بين مصر والسعودية وبين مصر وأشقائها في الخليج قوية ومستقرة منذ سنوات طويلة، ولا أعتقد أن أي محاولة للإساءة أو الإسقاط ستفلح، لا توجد تنقية للعلاقات، فهي من الأساس لم تكن معكرة".

عدوان 1956

وشدد السيسي على عمق العلاقات بين مصر والسعودية، وقال: "وراء العلاقات المصرية السعودية تاريخ طويل من الاستقرار والتضامن والتفاهم، وبالنسبة لشخص الملك سلمان، ارجع للتاريخ، فعندما تعرضت مصر لعدوان 56 (عدوان 1956) كان الملك سلمان من المقاتلين، ثم تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية في دعمها في 67 وموقفها البارز في حرب 73، ووقف تصدير النفط للعالم ليكون هناك موقفا في تلك الحرب، إلى جانب أن موقف المملكة في 30 يونيو الواضح والداعم لإرادة الشعب المصري".

ويتداول نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي صورة تجمع الملك سلمان مع شقيقيه الملك الراحل فهد والأمير تركي، أثناء مشاركتها في تدريبات عسكرية ضمن قوات الجيش المصري، للتصدي للعدوان الذي شنته قوات فرنسا وإسرائيل وبريطانيا ضد مصر. وهو ما أكده الرئيس المصري في حديثه لقناة العربية.

واستطرد: "الملك سلمان كان على رأس الحاضرين للتهنئة في حفل التنصيب، العلاقة طيبة جداً، والتفاهم محترم جداً، ولن يستطيع أحد أن يبث فرقة أو يؤثر على التفاهم بين المملكة ومصر".

إمتنان للخليجيين&
&
وأعرب السيسي عن امتنانه لدعم دول الخليج لمصر، وقال: "دول الخليج، السعودية والإمارات والكويت قامت بدور هائل في دعم إرادة الشعب المصري وصموده حتى اليوم، وهذا أمر لن ينسى".

ولفت إلى العلاقة بين مصر والسعودية ممتدة منذ عهد الملك المؤسس، وقال: "توجد رؤية للقيادة السعودية منذ أكثر من 60 سنة كانت متمثلة في المغفور له الملك عبدالعزيز عندما قال إن بين مصر والسعودية علاقة استراتيجية مستقرة، وأمن المنطقة مرتبط بهما، والقيادة السعودية مدركة لذلك جيدا، وتعمل عليه، كل الكلام الذي سمعته من الملك سلمان يصب في هذا الاتجاه، وأخبرني أن الملك عبدالعزيز أكد لهم على أهمية العلاقة الاستراتيجية بين مصر والمملكة السعودية".

وأضاف: "مصر لن تنسى لكم شعبا وحكومة وقيادة كل الدعم المعنوي والمادي والسياسي على مدار السنين الماضية، ومصر ستنطلق بسواعد أبنائها ودعم أشقائها، ولن يستمر هذا الدعم الاقتصادي للأبد، فمصر ستتحرك بشكل قوي".

المصالحة مع قطر

وأكد السيسي إحترام مصر لمبادرة المصالحة مع قطر، وقال: "نحن حريصون على تقدير الملك الراحل باحترامنا لمبادرته، أريد أن يكون هذا واضحا للجميع".

ورداً على سؤال حول انتقادات تقول إن السيسي يستخدم الدعم الخليجي لصالح المؤسسة العسكرية وتقوية الجيش، قال الرئيس المصري: "هذا ليس دقيقا، فآخر معدات من فرنسا كانت بقرض فرنسي من الحكومة الفرنسية قيمته 3.2 مليار يورو، هذه محاولة ليقولوا إنهم لا يساعدون البسطاء بل الجيش، وهذا غير حقيقي، رغم أن مساعدة الجيش ليست خطأ، لو لم يكن الجيش المصري موجودا ويدافع عن هذه الدولة كان مصير مصر سيكون كمصير دول أخرى، وهذا لا يقبله أحد، علاوة على أن تأثيره مدمر، عدم استقرار مصر وسقوطها في الفوضى يعني سقوط المنطقة العربية وتهديد الأوروبيين لسنين طويلة قادمة".

"مسافة السكة"

وجدد السيسي تأكيد على أن أمن الخليج حزء من أمن مصر، وكرر عبارته الشهيرة "مسافة السكة".

وقال: "استقرار الخليج أيضا هو استقرار لمصر. نحن متأكدون من هذا، وأشقاؤنا في الخليج مدركون هذا، وكلام "مسافة السكة" لم يتغير، وهو موجود ومستمر".

القوة العربية المشتركة

وتابع: "وعندما نقول قوة عربية مشتركة لا نقصد الهجوم، بل نريد الدفاع عن أمن بلادنا. نحن نطرح هذا الطرح لأشقائنا، وهناك فرصة نبدأ نقاشا كيف يحقق ذلك أمن واستقرار بلادنا".

وأردف قائلاً: "أنا أتصور السعودية والإمارات والكويت والأردن يمكن أن تتحرك، ملك الأردن أيد التحرك، فنحن في أمس الحاجة لتنفيذ تلك المبادرة في الوقت الحالي".

ولفت إلى أن الهدف من انشاء قوة عربية مشتركة هو حماية الأمن العربي، وقال: "لا أحد يستطيع أن يقول كلمة سلبية عن الفكرة أو تنفيذها، لأنها ليست موجهة ضد أحد، وليست توسعا أو غزوا، فقط نقول نحمي بلادنا".

مصر وتركيا والإخوان

ونفى السيسي وجود أية مبادرات سعودية للتقريب بين مصر وتركيا خلال وجود الرئيس التركي في السعودية، وقال: "صدفة، المملكة دولة تمارس علاقاتها مع العالم كله".

ولفت إلى أن هناك شروطا مصرية للتصالح& مع تركيا، وقال: "العنوان الرئيسي هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومحاولة التأثير أو اتخاذ طرق مناوئة للواقع الموجود في مصر نكون غير مقدرين لإرادة الشعب المصري. نحتاج عدم التدخل في شؤوننا الداخلية، كما نحترم نحن شؤون الآخرين في إدارة أمور دولهم".

وانتقد السيسي الدعم التركي لاسيما الإعلامي لجماعة الإخوان، وقال: "الدعم ووسائل الإعلام التي تقوم بدور سلبي والإساءة المستمرة، نحن لا نفعل هذا على الجانب الآخر".

ورفض السيسي المصالحة مع الإخوان، وقال: "تصور أنك عايز تهد بلد وبقالك سنة ونصف مستمر في هذا، كنت أتمنى أن تلتقي بالناس في الشارع وتسألهم عن استعدادهم لأن يندمج هذا الفصيل في العملية السياسية وترى رد الفعل".

وأضاف: "في إعلان 3/7 (عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ووضع خارطة المستقبل) كان الأمر مفتوحا دون أي ضغوط للمشاركة في كافة الأعمال من تعديل دستور لبرلمان وغيره دون عمل سلبي ضد الدولة والناس".

النزاع السوري

ودعا السيسي إلى حل الأزمة السورية سياسياً، وقال: "نريد أن نحل الأزمة السورية بشكل سلمي وسياسي، مازالت آثار الحل العسكري مدمرة على سوريا بالكامل، بعدما انتهت مهمة الناتو في ليبيا تركوها وأصبحت ليبيا بؤرة إرهاب وتطرف. أتحدث عن وحدة سوريا، التقسيم ليس في صالحنا، ليس من المعقول عدم وجود علاج لوجود الإرهابيين والمتطرفين في سوريا".

المستنقع الليبي

وأكد الرئيس المصري إنه يدعم الجيش الليبي في مواجهة الميلشيات المسلحة، وقال: "نحن نحترم إرادة الشعب الليبي ولا نريد أسره بواسطة الميليشيات المسلحة، ندعم شرعية البرلمان الليبي المنتخب، ندعم الجيش الليبي رغم ظروفه الصعبة ليقوم بدوره في حماية بلده، نريد عدم إمداد الميليشيات بالأسلحة، ندعم الجيش والحكومة الليبية".

الانقلاب الحوثي في اليمن

وفيما يخص الأزمة اليمنية، قال: "المشكلة اليمنية معقدة جدا، لكن نستطيع التحرك وبذل جهد لحل تلك القضية، بحاجة إلى لم الشمل وتطييب جراح الوطن العربي وهذا يحتاج لإرادة مخلصة".

وحول أفاق مؤتمر دعم مصر إقتصادياً المزمع عقده في 13 مارس/ آذار الجاري، قال السيسي: "نعمل على هذا المؤتمر منذ 10 شهور، وأنجزنا الكثير من أجل جذب المستثمرين، وأكرر لأشقائنا المستثمرين في السعودية والخليج، إننا انتهينا من قانون الاستثمار الموحد، قمنا بحل أزمات المستثمرين لتأكيد ثقة المستثمر في الدولة المصرية. تخلصنا من الإجراءات التي كانت تسبب صعوبات للمستثمر بعيدا عن البيروقراطية والفساد، نحرص على عمل قانون استثمار منفصل خاص بمنطقة قناة السويس بشرق التفريعة وغرب خليج السويس لمزيد من التسهيلات".

سلبيات محمد مرسي

وأشار السيسي إلى الرئيس السابق محمد مرسي، لم يكن يمتلك رؤية واضحة للحفاظ على الدولة، وقال: "فكرة الدولة والحفاظ عليها وتلبية مطالبها لم تكن واضحة للقيادة السابقة. أي حاكم مسؤول عن المصريين يجب أن يضع نصب عينه الـ90 مليونا وليس أشخاصا بعينهم، لم أقسم المصريين".

وأضاف: "إرادة المصريين وضحت في 30/6، شوفوا الناس خرجت ليه وكانت عايزة إيه، وماذا لو لم نلب هذه الإرادة؟ كانت هناك مؤشرات قبل 30/6 لكن 30/6 كان واضحا بخروج ملايين من البشر خرجت لتقول لا".