يتحضر نتانياهو للسفر إلى أميركا لإلقاء كلمة في الكونغرس تندرج ضمن حملة يشنها على "الاتفاق النووي" بين إيران والغرب، معتبرًا إياه، في حال أقرّ، خطرًا وجوديًا وقوميًا على "دولة إسرائيل"، ولترسيخ هذه القومية المهددة بهذا الاتفاق عرّج على حائط المبكى عشية السبت متضرعًا ومتبركًا قبل أن يلقي خطابًا، قرر بعض نواب الكونغرس مقاطعته سلفًا.


إيلاف - متابعة: توجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الاحد الى واشنطن في مهمة وصفها بـ "التاريخية"في مسعى لنسف المفاوضات حول الملف النووي الايراني. وخلال زيارته المثيرة للجدل التي تستغرق 48 ساعة، سيلقي نتانياهو خطابا في الكونغرس الاميركي في مسعى اخير لنسف اتفاق بين القوى العظمى وايران.

وقال نتانياهو للصحافيين في مطار بن غوريون قرب تل ابيب قبل صعوده الى الطائرة "اتوجه الى واشنطن في مهمة مصيرية وحتى تاريخية". واضاف "اشعر بقلق عميق وصادق على امن مواطني اسرائيل وعلى مستقبل الدولة وعلى شعبنا". واكد "سأفعل كل ما بوسعي لضمان مستقبلنا".

وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء السبت بزيارة حائط المبكى قبل مغادرته إلى واشنطن. وووضع نتانياهو وهو يعتمر قلنسوة سوداء، يديه على حائط المبكى في مدينة القدس القديمة، حيث صلى لفترة وجيزة، قبل ان يتوجه الى العديد من الصحافيين المتواجدين في المكان.

اعتمد رئيس الوزراء الاسرائيلي لهجة تصالحية معبّرًا عن احترامه للرئيس الاميركي باراك اوباما، بعدما اثار غضب البيت الابيض بقبوله التحدث الثلاثاء من على منصة الكابيتول هيل، مقر الكونغرس الاميركي، بدعوة من الجمهوريين. وقال بحسب بيان لمكتبه "انني احترم الرئيس الاميركي باراك اوباما. اؤمن في قوة العلاقة بين اسرائيل والولايات المتحدة وفي قدرتهما على تجاوز خلافات الرأي بينهما، خلافاتهما الماضية والمقبلة".

تكون أو لا تكون
لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي اكد مجدداً ايضًا رغبته في اقناع الكونغرس بالتصويت على فرض عقوبات جديدة على ايران واحباط أي اتفاق مع هذا البلد. وقال: "بصفتي رئيس وزراء اسرائيل من واجبي السهر على امن اسرائيل". واضاف: "بالتالي نعارض بشدة الاتفاق الذي يجري العمل عليه بين ايران والقوى العظمى، اتفاق قد يعرض وجودنا للخطر".

واستبعدت الرئاسة الاميركية الغاضبة من هذه الزيارة التي نظمت من دون علمها بين رئيس الحكومة الاسرائيلية والجمهوري جون باينر. وسيكون نائب الرئيس جو بايدن الذي يحضر تقليديًا خطابات القادة الاجانب غائبًا بسبب زيارة الى الخارج نظمت في الوقت نفسه.

كذلك سيكون وزير الخارجية جون كيري خارج البلاد. وقد تكثفت المفاوضات بين القوى العظمى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والمانيا) وايران قبل شهر من الموعد المحدد في 31 اذار/مارس للتوصل الى اتفاق شامل حول الملف النووي الايراني.

وينقل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو حملته ضد حيازة ايران اسلحة نووية الى الكونغرس الاميركي ليطلب منه نسف أي اتفاق مرتقب بين الولايات المتحدة وايران.& واثار نتانياهو غضب البيت الابيض والبرلمانيين الديموقراطيين بقبوله دعوة الجمهوريين إلى القاء خطاب في الكابيتول وصفته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية بأنه "خطاب حياته".

ديمقراطيون يقاطعون
ويقول معلقون اسرائيليون ومسؤولون اميركيون إن من شأن خطاب نتانياهو الثلاثاء أن يعرّض للخطر دعم الحزبين الاميركيين التاريخي لاسرائيل. ويأتي الخطاب قبل اسبوعين من انتخابات الكنيست التي يأمل نتانياهو ان تتيح له تشكيل حكومة لولاية ثالثة على التوالي. وتأكيدًا لرفضهم خطوة نتانياهو اعلن عدد من البرلمانيين الديموقراطيين مقاطعتهم للخطاب.

وكتب بين كاسبيت في صحيفة "معاريف" الاسرائيلية أن "فرص الاطاحة بالاتفاق (مع ايران) تعتمد على اقناع غالبية ثلثي اعضاء الكونغرس. وبالتالي سيكون بمقدور تلك الغالبية أن تصوّت لمصلحة فرض عقوبات جديدة على ايران متخطية بذلك فيتو متوقع من قبل الرئيس (باراك) اوباما". وتابع أن "بعد فضح هذه الخدعة، ارتفع عدد اعضاء الكونغرس الذين تراجعوا، وقرروا عدم دعم هذا المسار ضد رئيسهم، وبالتالي تراجعت نسبة نجاحها".

تحزب ثنائي
وانتقدت مستشارة الامن القومي الاميركية سوزان رايس قبول نتانياهو الدعوة إلى القاء الخطاب. وقالت ان "ما حصل في الاسابيع الماضية بسبب دعوة وجّهها رئيس مجلس النواب وقبولها من قبل رئيس الوزراء نتانياهو قبل اسبوعين من انتخابات تعني أن هناك سياسة تحزّب من قبل الطرفين". وتابعت: "الامر المؤسف هو انني اعتقد بان ذلك يترك اثرًا مدمرًا على العلاقة".

بدوره، قال مارك هيلير، المحلل السياسي في معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي، إن الخطاب وُضع تحت اطار سياسة التحزب. وتابع لفرانس برس "ليس مفاجئًا ان يحاول الجمهوريون فعل ذلك، المفاجئ اكثر ان يقبل نتانياهو باستخدامه بهذه الطريقة، خاصة انه شخص من المفترض ان يفهم اميركا، وان يفهم اهمية الحصول على تأييد الحزبين في العلاقات الاميركية - الاسرائيلية".

ورفض الرئيس الاميركي أن يلتقي بنتانياهو خلال تلك الزيارة، فيما سيكون كل من نائب الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري خارج البلاد. وبحسب كاسبيت، فإن مناورة نتانياهو قد لا يكون لها أي تأثير. ويتساءل الكاتب "هل يعتقد فعلياً أن من شأن خطاب واحد أن يوقف سير عملية مع ايران تحافظ الدول الكبرى عليها، او انه سيقنع الرئيس، ويخضع الكونغرس، ويرغم الصين روسيا والمانيا وغيرها على اتباع خطاه والغاء المفاوضات فورًا؟".

ليبرلمان يحجّم
كما ان حليف نتانياهو وشريكه في الائتلاف الحكومي وزير الخارجية افيغدور ليبرلمان اعتبر أن الخطاب "ليس بهذه الاهمية". وقال في مقابلة تلفزيونية "ليس هناك أي اتفاق من شأنه منع ايران من الحصول على الاسلحة النووية، ولذلك علينا أن نتولى زمام الامور". وطالما حذر نتانياهو خلال سيرته السياسية الطويلة من أن ايران تسعى الى الحصول على السلاح النووي.

وفي العام 1996، وخلال اول ولاية على رأس الحكومة، وصف في خطاب امام الكونغرس النظام الايراني بـ"أخطر" الانظمة الديكتاتورية. وقال ان "حصول هذا النظام، او جاره المستبد في العراق، على السلاح النووي ينذر بنتائج كارثية، ليس فقط على دولتي، وليس فقط على الشرق الاوسط، ولكن على البشرية كلها".

وفي العام 2012، خلال خطاب في واشنطن امام اللوبي الاسرائيلي، لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك)، حذر نتانياهو من ان "ايران تدعو الى تدمير اسرائيل وتعمل يوميًا من دون كلل من اجل تدميرها". وتابع "هكذا تتصرف ايران اليوم من دون اسلحة نووية. كيف تعتقدون انها ستتصرف غًدا وبحوزتها اسلحة نووية".

وقال نتانياهو الاربعاء انه سيبذل قصارى جهده للحيلولة دون التوصل الى اتفاق مع ايران. واضاف "احترم البيت الابيض والرئيس الاميركي، لكن عندما يتعلق الامر بمسائل جدية، فمن واجبي ان افعل كل ما يلزم لضمان امن اسرائيل". واوضح "بموجب الاتفاق الذي تم اعداده، هناك سبب يدعو الى القلق (...) اذا توصلت القوى العظمى الى اتفاق مع ايران".