توقفت قرية توتاكال الكردية في اقليم كردستان العراق عن ختان البنات، بعدما وعدتها إحدى المنظمات الدولية بتقديم المدارس والتعليم الأساسي لأبناء القرية.

إعداد عبد الاله مجيد: ما زالت أميرة تتذكر بوضوح يوم اقتادتها قابلة القرية إلى الحمام وختنتها بالاكراه. قالت إنها كانت في بيتها مع ثلاث صديقات لقين المصير نفسه بختانهن قسرًا، الواحدة تلو الأخرى.

وأميرة (37 عاما) لديها اليوم تسعة اطفال، وهي واحدة من 8 بالمئة من نساء العراق بين 15 إلى 49 عاما، خضعن لختان الاناث في عملية محفوفة بالمخاطر الصحية. وتبين ارقام منظمة الصحة العلمية أن أكثر من 125 مليون فتاة وامرأة تعرضن للختان في افريقيا والشرق الأوسط.

أوقفوا الختان مقابل التعليم

قالت أميرة: "اجبروني على ذلك، وكان الألم شديدًا". وهي تعيش في قرية توتاكال الكردية التي تبعد نحو ثلاث ساعات بالسيارة جنوب مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق. ورغم القانون الذي أصدره برلمان الاقليم بمنع ختان الاناث في 2011، فإن هذه العادة شائعة في بعض المناطق الريفية، خضعت لها 70 بالمئة من النساء.

لكن الوضع بدأ يتغير في قرية توتاكال النائية. ففي 2012، قدمت منظمة "وادي" الالمانية غير الحكومية مقترحًا إلى أهل القرية احدث انقلاب في حياتهم، وهو توفير مدارس وخدمات تعليمية أساسية إذا وافقوا على إنهاء ختان الاناث. ومنذ ذلك الحين ولدت للقرية بنتان لم تتعرض أي منهما للختان.

لماذا نفعله؟

وساعدت منظمة "وادي" على إنهاء هذه الممارسة في سبع قرى وتهدف إلى انهائها في خمس قرى اخرى هذا العام بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة - يونسيف. وقال المحامي فلاح مراد خان، منسق مشاريع منظمة "وادي" في العراق: "ليس هناك فحوص طبية فنحن نثق بالقرويين والقابلات".

وقررت أميرة ألا تُختَن بناتها الأصغر سنًا لأنها تعتقد أن مستقبلهن سيكون أفضل وزواجهن أسعد من دون ختان. وتساءلت: "إذا كان ذلك خطأ فلماذا نفعله؟".

واعترف مختار القرية سرهاد عجيب بأنه احتاج إلى سنتين لإقناع سكان القرية بالاقلاع عن هذه الممارسة المؤذية. وقال: "منظمة وادي اعطتنا مناشير توضح كيف نكافح تشويه الأعضاء التناسلية الانثوية"، فكان يلصق المناشير خارج بيته لتُمزق في اليوم التالي.

تقليد

وقال الشيخ عجيب لصحيفة ديلي تلغراف: "اعضاء البرلمان والحكومة يخجلون من الحديث عن هذه المشكلة علنًا، ولهذا السبب لن يساعدونا ابدًا في هذا الأمر إلى أن يفهموا أن الحديث عنه ليس عيبًا". وأكد عجيب انه لم يجد في القرآن أو الحديث النبوي ما يسند الرأي القائل أن ختان الاناث وارد في الاسلام. ويرى آخرون أن ختان الاناث تقليد اجتماعي لا يمت بصلة إلى الاسلام.

وكثيرًا ما تواجه المحاولات الرامية إلى انهاء ختان الاناث معارضة من النساء أنفسهن. وقالت غورتشيل (52 عاما) إن عدم ختن الفتاة "حرام، والطعام الذي نطهيه حرام إذا لم نُختن، انه تقليد ولهذا السبب دأبنا على ختن بناتنا". وتتذكر غورتشيل يوم خُتنت قائلة انها ظلت تبكي وتصرخ عندما أمسكوا بها لختانها. وقالت: "طلبتُ منهم ألا يفعلوا لكنهم أجبروني".

كسدت مهنتها

وكان ابن غورتشيل من اوائل الآباء الذين قرروا ألا تُختن بناتهم في القرية الكردية. وتؤكد غورتشيل اليوم: "إذا حاول أحدهم تشويه حفيدتي سأقتله". واعترفت القابلة أمينة بكساد مهنتها قائلة انها توقفت عن ختان البنات لأن الأمهات لم يعدن يأتين ببناتهن إليها.

لكن منسقة مشاريع منظمة وادي النسائية سعاد عبد الرحمن لم تستبعد أن يقول القرويون انهم توقفوا عن ختن بناتهم ثم ينتهي بهم الأمر إلى ممارسة ختان الاناث سرًا. وأوضحت عبد الرحمن "ان هذه الممارسة متداخلة في المجتمع الكردي وان وقتًا سيمر قبل إفهام الناس أنهم ببتر قطعة من بناتهم لن يقتربوا من اضافة قيمة إلى حياتهم".