أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو غداة خطابه في الكونغرس الأميركي أنه لا يتمنى الحرب ضد إيران، لكنه يريد "اتفاقًا أفضل" حول النووي من الاتفاق الذي تتفاوض بشأنه حاليًا القوى العظمى.


إيلاف - متابعة: قال نتانياهو في بيان "بدلاً من منع ايران من امتلاك اسلحة نووية، فإن الاتفاق الجاري بحثه سيسهل تطويرها. إن البديل من هذا الاتفاق السيئ ليس الحرب، وانما اتفاق افضل".

وقف الإرهاب شرطًا
واضاف: "عرضت على واشنطن اللجوء الى معيارين في كل اتفاق مع ايران". واوضح: "الاول يتضمن فرض قيود اكثر تشددًا على البرنامج النووي الايراني، ما سيسمح بتمديد المهلة الضرورية لايران لانتاج قنابل لسنوات عدة".

وقال: "والثاني، ادعو الى رفع هذه القيود فقط عندما ستتوقف ايران عن تشجيع الارهاب، وتضع حدًا لاعتداءاتها على جيرانها، وتوقف التهديد بتدمير دولة اسرائيل". وتابع نتانياهو يقول: "اعتقد ان هذه المقترحات تشكل بديلاً (...) لما هو مطروح حاليًا على طاولة المفاوضات".

واثارت زيارة نتانياهو، الذي يسعى الى اعادة انتخابه للمرة الثالثة على التوالي، الى واشنطن، انتقادات واسعة، خاصة انها اتت بدعوة مباشرة من الجمهوريين في الكونغرس من دون اشراك البيت الابيض. وقال اوباما من البيت الابيض إن "لا جديد" في الخطاب الذي ألقاه نتانياهو الثلاثاء امام الكونغرس، موضحًا انه "لم يقدم بديلاً قابلاً للتطبيق" حول الملف النووي الايراني.

ولدى عودته الى اسرائيل صباح الاربعاء، رفض نتانياهو انتقادات اوباما ورحب بالردود "المشجعة لخطابه من الديموقراطيين والجمهوريين على السواء".

فرص انتخابية
جازف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو باحتمال الحاق الضرر بالعلاقات الاسرائيلية الاميركية من خلال القائه خطاباً في الكونغرس الاميركي وتحديه الرئيس باراك اوباما بشأن النووي الايراني، ولكنه قد يكون عزز فرص فوزه في الانتخابات التشريعية في 17 من اذار/مارس.

وانقسمت الصحف والخبراء الاربعاء بشأن اثر خطاب نتانياهو على الساحة السياسية الاسرائيلية قبل اقل من اسبوعين من الاقتراع غير المعلوم النتائج. وبحسب استطلاعين نشرا مساء الاربعاء من قبل القناتين "العاشرة" و"اروتز 2" الخاصتين، فإن خطاب نتانياهو في الكونغرس ادى الى تحسن طفيف في شعبية حزب الليكود، لكن من دون تحقيق اختراق، ومنح الاستطلاعان حزب نتانياهو 23 مقعدًا من 120.

في المقابل، فإن "المعسكر الصهيوني"، ابرز قوى المعارضة بقيادة العمالي اسحق هرتزوغ، المتضامن مع الوسطية تسيبي ليفني، بقي مستقرًا، حيث منحتهما الاستطلاعات على التوالي 23 و24 مقعدًا. واعتبر معلقو القناتين أن نتانياهو يبقى حتى الان في وضع افضل من هرتزوغ لحشد غالبية مع الاحزاب الوطنية والدينية المتطرفة.&&&&&&

حتى الآن نجح نتانياهو المرشح لولاية جديدة، في اعادة توجيه النقاش العام للحملة الانتخابية بعيدًا عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية، التي تشكل نقطة ضعفه، بحسب ما لاحظ المحلل الاستراتيجي السياسي الاسرائيلي الاميركي ستيفن ميلر.

تحشيد إعلامي
وقال ميلر: "ما ساعد نتانياهو هما الاسبوعان اللذان مرا في الحديث عن خطابه في كل عمود صحافي، وفي كل دقيقة بث تلفزيوني. تم تخصيص هذا الوقت لايران والعلاقات الاسرائيلية الاميركية. وهو وقت غابت فيه القضايا الاقتصادية".

واضاف أن زعيم الليكود يبدو "غير قادر على الدفاع عن حصيلته او عرض استراتيجية حول القضايا التي تشغل اكثر بال الناخبين، وبالتالي فان افضل استراتيجية هي محاولة تغيير مجرى النقاش".

ويؤكد انصار نتانياهو على واقع أن الخطاب لم يهدف الا الى منع اتفاق سيئ مع ايران. اما خصومه فيرون فيه محاولة لكسب اصوات. وبالنسبة إلى ايتان جيلبوع، وهو خبير في العلاقات الاميركية-الاسرائيلية في جامعة بار ايلان، فإن القاءَه الخطاب جاء للجمع بين الهدفين. وقال جيلبوع "ان كان الامر يقتصر على المسألة النووية، فقد كان بامكان نتانياهو ان يتصرف بشكل آخر" مثلا بـ"تأجيل الخطاب الى ما بعد الانتخابات". لكن بإلقاء خطابه الثلاثاء "اثار شبهات في أن كل هذا يرتبط فقط بالانتخابات".

رسائل ضمنية
يضيف: "لكن لا يمكن تجاهل حصيلة نتانياهو بالنسبة الى القضية الايرانية"، في اشارة الى تصريحاته المتكررة حول الخطر الذي يمثله البرنامج النووي الايراني. وانتقدت احزاب المعارضة خطاب نتانياهو، وقالت انها تخشى أن يؤدي الى الاساءة الى العلاقات مع الحليف الاميركي القوي.

وفي الواقع فإن اوباما، الذي رفض استقبال نتانياهو خلال زيارته واشنطن، ابدى عدم رضاه، مؤكدًا ان الخطاب لا يأتي "بأمر جديد"، ولا يطرح "اي بديل". لكن بدا وكأن نتانياهو يرد على هذه الانتقادات من خلال بيان مساء الاربعاء اقترح فيه "بديلاً" من الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه، وتقديم مقترحات من اجل "اتفاق افضل مع ايران".

وقال نتانياهو في بيان "بدلاً من منع ايران من امتلاك اسلحة نووية، فإن الاتفاق الجاري بحثه سيسهل تطويرها. إن البديل من هذا الاتفاق السيئ ليس الحرب، وانما اتفاق افضل". ورأى غابريل شيفر استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية أن هجوم نتانياهو يمكن أن تكون له آثار سيئة، لكن عدم التفاهم بين اوباما ونتانياهو لا يمكن ان يمس الاسس التاريخية للعلاقات بين البلدين.

ضغوطات إضافية
واضاف انه في الاشهر المقبلة يمكن ان تمارس واشنطن المزيد من "الضغط" على القيادي الاسرائيلي مثلا "بشأن بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ومفاوضات السلام مع الفلسطينيين". وتابع أن واشنطن يمكن حتى ان تحاول "تقليص المساعدة المالية" أو كمية الاسلحة التي تزود بها اسرائيل.

بيد أن اميلي رندو المتخصصة في الاستراتيجية النووية رأت أن نتانياهو نجح على الارجح في لفت انتباه الرأي العام الاميركي الى المفاوضات الماراتونية بين طهران والقوى الكبرى. واوضحت: "هناك تغيير اكيد في الموقف بين عشية الخطاب واليوم (..) وسيكون اصعب تهميش معارضي الاتفاق" مع ايران.
&