أثار تصوير فيلم إباحي روسي في سفح الأهرامات في مصر عاصفة من الغضب، لاسيما أنها ليست الواقعة الأولى، بل سبقها تصوير فيلمين آخرين، الأول في العام 1997، والثاني منذ عامين. واتهم سياسيون ومثقفون وزارتي الآثار والداخلية بالإهمال والفساد، مما ساهم في تشويه سمعة مصر وآثارها في الخارج.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: اعترف وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي بتصوير الفيلم الإباحي، مشيرًا إلى أن النيابة العامة تحقق في القضية. وفي فضيحة ليست الأولى من نوعها، كشف نشطاء أثريون عن تصوير فيلم إباحي جديد في الأهرامات في القاهرة.

رقابة غائبة
وقال أسامة كرار، منسق الجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار، "إن الفيلم مدته 10 دقائق، ومرفوع على المواقع الإباحية منذ 9 أشهر، ويتضمن أكثر من 5 مشاهد إباحية تم تصويرها في منطقة سن العجوز داخل منطقة الهرم والمنطقة الأثرية بجوار أبوالهول، ويظهر المرشد السياحي والشركة السياحية وأحد أفراد الشركة المسؤولين عن حراسة المكان في الفيديو بشكل واضح"، على حد تعبيره.

أضاف في تصريحات له: "أصحاب الفيلم من جنسية روسية، وترجموه إلى اللغة الإنجليزية"، متسائلًا: "أين الرقابة في هذه الواقعة؟. فمن المفترض وجود وحدة هندسية داخل الأهرامات مسؤولة عن مراقبة كل ما يتم، ولو ثبت وجود مخالفة يتم ضبطها على الفور".

ولفت إلى أن مشروع التطوير للمنظومة الأمنية تكلف 230 مليون جنيه. وكشف كرار أن الكاميرات الموجودة في المنطقة الأثرية معطلة منذ فترة، وبفعل فاعل، ولم تتحرك وزارة الآثار لصيانتها وإعادة تشغيلها، لافتًا إلى أن الوحدة الهندسية التي تراقب المنطقة الأثرية مغلقة بـ"الضبة والمفتاح"، على حد قوله.

سوابق ولواحق
ونبّه إلى أن الواقعة ليست الأولى، "بل سبق تصوير فيلم إباحي عام 1997، وحصل على جائزة أحسن فيلم بورنو في أحد المهرجانات الدولية، وتم تصويره كاملًا في الأقصر وأسوان والهرم، مطالبًا بالتحقيق الفوري في الواقعة، وتشديد الرقابة على السائحين وشركات السياحة".

وكشف مسؤول في قطاع التفتيش في منطقة آثار الجيزة، عن أن الواقعة ليست الأولى، بل تعد الثالثة من نوعها في الأهرامات، وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، خشية التعرّض للجزاء من الوزارة، أن هناك فيلمًا إباحيًا آخر جرى تصويره من نحو عامين في منطقة الأهرامات أيضًا، ولكنه فيلم إباحي فرنسي.

وأوضح المسؤول لـ"إيلاف" أن الفيلم جرى تصويره في "عز الضهر"، ومنتشر على المواقع الإباحية، منوهًا بأن الفيلم مدته 20 دقيقة، وجرى تصويره بطريقة حديثة، واستخدمت فيه تقنيات وكاميرات تصوير عالية الجودة، ويضم عملية جنس جماعي أيضًا، وليس مجرد عملية جنسية بين رجل واحد وامرأة واحدة.

رشى.. فتغاضٍ
ولفت إلى أن تكرار تصوير الأفلام الإباحية في الأهرامات، يرجع إلى الفساد الأمني والإداري، موضحًا أن كاميرات المراقبة التي تكلفت مئات الملايين من الجنيهات معطلة، إضافة إلى الفساد الإداري في وزارة الآثار، وضعف التواجد والرقابة الأمنية. ونبّه إلى أنه يمكن تقديم رشوة عبارة عن بضعة دولارات إلى رجال الأمن أو الآثار في الأهرامات، ويفعل أي سائح ما يشاء في الأهرامات.

وقال إنه شخصيًا تقدم ببلاغ للنائب العام في واقعة أخرى، وجرى التحقيق فيها مع وزير الآثار السابق زاهي حواس، عندما كان مسؤولًا عن المجلس الأعلى للآثار، ولكن لم يتم اتخاذ أية اجراءات حاسمة لعدم تكرارها. كما قال إنه يتعرّض للتحقيق حاليًا، بعد كشف العديد من وقائع الفساد في الوزارة، بدلاً من التحقيق مع الفاسدين أنفسهم.

في السياق عينه، تقدم المحامي مصطفى شعبان، ببلاغ في يناير/ كانون الثاني 2014 إلى النائب العام، اتهم فيه مدير أمن الجيزة ورئيس شرطة السياحة والآثار في مديرية أمن الجيزة ومأمور قسم شرطة الهرم ورئيس مباحث قسم الهرم، بـ"تسهيل تصوير فيلم إباحي داخل منطقة الأهرامات، مما يضر بسمعة مصر".

غير قانوني
وقال شعبان في بلاغه رقم 229 لسنة 2014: "تم تصوير أحد الأفلام الإباحية داخل منطقة الأهرامات بتقنية عالية جدًا في وضح النهار، وكان ذلك بتسهيل من قيادات مديرية أمن الجيزة المشكو في حقهم".

أضاف أنه تم سهيل ارتكاب هذه الجريمة في منطقة الأهرامات، بعد إخلائها من الناس، باستثناء كاميرات التصوير وطاقم الإنتاج والإخراج الخاص بالفيلم الجنسي، وحدهم داخل المنطقة.

ولفت إلى أن "الأهرامات الثلاثة تظهر خلفهم أثناء التصوير على مدار 14 دقيقة، مدة هذا الفيلم، الذي يبث على جميع المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت". من جانبه، اعترف وزير الآثار المصري، ممدوح الدماطي، بالواقعة، وقال في بيان له: "هناك تصوير غير قانوني لمشاهد إباحية في منطقة آثار الأهرامات لسائحة أجنبية أثناء زيارتها للمنطقة الأثرية، وتم تحويل الواقعة إلى النيابة للتحقيق".

&