منذ شهور تنشر المعارضة الاسلامية تسجيلات صوتية لمكالمات منسوبة لمسؤولين كبار في الجيش المصري يفترض انها جرت اثناء تولي عبد الفتاح السياسي وزارة الدفاع، ولكن هذه "التسريبات"، التي تسبب حرجًا للسلطات احيانا، لا تؤثر على ما يبدو على شعبية الرئيس المصري.


القاهرة: تذاع هذه "التسريبات بانتظام على قنوات تبث من خارج مصر، خصوصا من تركيا، وتابعة لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها محمد مرسي الرئيس الاسلامي الذي اطاحه السيسي في تموز/يوليو 2013.

وتؤكد هذه القنوات ان الهدف من اذاعتها هو كشف ممارسات الجيش.

تشكيك في مصداقيتها

وتشكك السلطات في صدقية هذه التسجيلات التي تستقبلها بعدم اكتراث غالبية المصريين اذ ترى في السيسي الرجل القادر على اعادة الاستقرار وانعاش اقتصاد البلاد.

ويعد بث هذه التسجيلات احد اساليب الاسلاميين وخصوصا جماعة الاخوان لمحاولة نزع شرعية نظام السيسي الذي انتخب رئيسا في العام 2014 ويواصل سياسية قمع الموالين لمرسي.

آخر تسجيل من هذا النوع تمت اذاعته في الاول من آذار/مارس وهو عبارة عن محادثة مفترضة بين اللواء عباس كامل، الذي كان مديرا لمكتب السيسي إبان توليه وزارة الدفاع، وبين رئيس الاركان آنذاك الذي صار الآن وزيرا للدفاع الفريق اول صدقي صبحي.

وبحسب هذا التسجيل فان الحوار يدور حول اموال يفترض ان الجيش تلقاها من الامارات لتمويل حملة تعبئة للتظاهرات غير المسبوقة المطالبة برحيل مرسي التي شهدتها مصر في 30 حزيران/يونيو 2013.

ويرى الخبراء ان هذه "التسريبات" يمكن ان تعكس قصورا كبيرا في الاجهزة الامنية يثير القلق بالنظر الى المرتبة الرفيعة للمسؤولين المعنيين بها.

مزعجة للجيش

ويقول اتش اي هيليار من معهد بروكينغز، وهو مؤسسة بحثية في واشنطن، ان "هذه التسريبات مزعجة" لانها تثير تساؤلات بشأن "إجراءات الامن".

وتطرح هذه "التسريبات" تساؤلات اخرى، بحسب هيليار، مثل "كيف حدثت هذه التسريبات ومن كان له مصلحة في تسريبها؟"

اما التسجيل الذي اخرج السيسي عن صمته فأذيع في اول شباط/فبراير الماضي. وفي هذا التسجيل نسمع صوتا تم تقديمه على انه صوت السيسي يتحدث مع شخص قدم كذلك على انه اللواء عباس كامل وهما يتحدثان عن نيتهما طلب مساعدات مالية جديدة من دول الخليج، وهي حليف قوي لنظام السيسي وقدمت له مليارات الدولارات بعد اطاحة مرسي.

استهداف علاقة الخليج بمصر

وفي هذا التسجيل يؤكد الرجل الذي قدم باعتباره السيسي ويفترض انه يتحدث لمدير مكتبه "نحن بحاجة" الى 30 مليار دولار من بينها 10 مليارات من الامارات و10 مثلها من الكويت، ثم يضيف في جزء آخر من المحادثة " يا عم الفلوس عندهم زي الرز".

وخرج السيسي عن صمته بعد اذاعة هذا التسجيل في 22 شباط/فبراير ليدين "الحرب الاعلامية" وقال انه بفضل التطور التكنولوجي فان أي شخص "يمكن ان يأخذ اي كلام ويفعل به ما يشاء".

وتابع "ان اشقاءنا في الخليج يجب ان يعرفوا اننا نقدرهم ونحترمهم ونحبهم".

وبعد اذاعة هذه التسجيلات، سارع الملك سلمان عاهل السعودية والامير محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابو ظبي الى طمأنة السيسي الى متانة العلاقات بين دولهم وبين مصر.

مصالح استراتيجية

ويرجع حرص دول الخليج على الحفاظ على علاقاتها مع القاهرة، بحسب استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية جمال عبد الجواد سلطان، الى "مصالح اسراتيجية في غاية الاهمية لا يمكن ان يؤثر فيها كلام يصدر عن مسؤول خلال محادثة خاصة".

وفضلا عن السعي المشترك الى تحجيم جماعة الاخوان المسلمين، فان مصر ودول الخليج تتعاون، بحسب عبد الجواد، من اجل التصدي للنفوذ الايراني المتنامي وصعود "الجهاديين" المنتمين لمجموعة "الدولة الاسلامية".

المصريون لا يكترثون

وفي مصر حيث يؤيد الاعلام وجزء كبير من السكان قمع الاسلاميين، مرت هذه التسجيلات من دون ان يشعر بها أحد تقريبا.

وفي كانون الاول/ديسمبر الماضي، بث تسجيل لمحادثة بين شخصيات قيادية في الجيش تتناقش في تزوير اوراق حتى يتسنى إثبات احتجاز محمد مرسي في مكان قانوني رغم انه كان آنذاك محبوسا في قاعدة عسكرية بالمخالفة للقانون.

ويقول عبد الجواد سلطان ان "أغلبية كبيرة من الرأي العام المصري تؤيد السيسي وبالتالي فهي مستعدة للتقليل من شأن بعض المسائل او التجاوزات".