وقع الكشف عن هوية سفاح داعش أو "الجهادي جون" كالصاعقة على المجتمع الجامعي في بريطانيا، لأنه خريج جامعة وستمينستر في لندن، فشاع الخوف من تفشي آفة التطرف بين طلاب الجامعات.


مروان شلالا من بيروت: تزايدت المخاوف بشأن توجه شبان مسلمين نحو التشدد داخل الجامعات البريطانية، بعد أن اتضح أن عضو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، المعروف إعلاميا باسم "الجهادي جون"، هو محمد الموازي خريج جامعة وستمينستر في لندن.

وقالت الجامعة إنها مصدومة ومشمئزة من نبأ أن الموازي هو الرجل الملثم، الذي يظهر في مقاطع فيديو ذبح الرهائن، التي ينشرها داعش.

دور الجامعة

والموازي ليس أول إسلامي متشدد درس في جامعة بريطانية، إذ تقول الحكومة إن ثلث من أدينوا في جرائم إرهاب في بريطانيا ارتادوا جامعاتها.

فعمر الفاروق عبد المطلب، النيجيري الذي حاول تفجير طائرة كانت في طريقها إلى ديترويت في 2009، بقنبلة أخفاها في ملابسه الداخلية، خريج جامعة لندن، وكان رئيسًا للجمعية الإسلامية بها ذات يوم.

وليس معروفا على وجه التحديد كيف ومتى اتجه الموازي للتشدد، لكن ثمة أدلة تشير إلى احتمال أن تكون تجربته في جامعة وستمينستر قد لعبت دورًا في ذلك.

وقال روبرت ساتون، مدير منظمة حقوق الطلاب التي تراقب التطرف في الجامعات وتقود حملات لمكافحته: "إنها واحدة من الجامعات التي كنت سأضعها على رأس قائمتي لو طلبت مني تخمين اسم الجامعة التي ارتادها."

دحضها قبل دفنها

منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، وبعد أن ترك الموازي وستمينستر، يسجل ساتون المناسبات التي تتحدث فيها شخصيات من خارج الجامعات من أصحاب الآراء المتشددة.

وقال إن 22 مناسبة من هذا النوع أقيمت في وستمينستر، وهو ما يفوق معظم الجامعات الأخرى.

وكان من بين المتحدثين أعضاء في حزب التحرير، وهو منظمة تدافع عن إقامة دولة خلافة إسلامية. وانتخب طالبان مؤيدان للمنظمة ليكونا ممثلين للطلاب.

ويرى أكاديميون ومدافعون عن حرية التعبير وبعض الساسة أنه من الضروري السماح لضيوف متشددين بالحديث في الجامعات، ويقولون إنه من الأفضل التعبير عن هذه الآراء ودحضها بدلًا من دفنها. لكن منتقدي هذه الممارسة يقولون إن المناسبات من هذا النوع نادرًا ما تأخذ شكل المناظرة الحقيقية بل يظهر المتحدثون بمفردهم او مع آخرين يشاركونهم وجهات النظر نفسها في غرف تمتلئ بالمؤيدين الذين لا يبدون أي معارضة.

رسالة الكراهية

وتنقل وكالة رويترز عن انتوني ليز، من مركز دراسات الأمن والمخابرات في جامعة بكنغهام، قوله: "تحت غطاء الحرية الأكاديمية وحرية التعبير، نعطي فرصًا للمتطرفين ليتسكعوا في الجامعات ويبثوا رسالة كراهية."

وقالت الجمعية الإسلامية في جامعة وستمينستر، في اليوم الذي أعلن فيه عن أن "الجهادي جون" هو الموازي، إنها لا تمارس أي نشاط متطرف، ونددت بالتغطية الإعلامية التي أدت إلى إلغاء ندوة كانت نظمتها لتلك الليلة.

وكان ضيف الندوة رجل الدين هيثم الحداد، الذي رفض آلاف الطلاب وجوده في الحرم الجامعي بسبب آرائه التي وصفوها بأنها تنم عن رهاب المثليين والتمييز على أساس الجنس ومعاداة السامية. وقالت الجمعية الإسلامية إن آراءه تعرض بصورة محرفة.

وشكك الطلبة في قرار الجامعة السماح للحداد بالحديث في ندوة داخلها. وكان من بواعث القلق أن هذا من مسؤوليات مستشار الجامعة لحوار الأديان يوسف قبلان، وهو من تلاميذ الحداد.

آراؤهم معتدلة

بعد انتشار الاخبار عن الموازي، ألغت الجامعة الندوة معللة ذلك "بزيادة الحساسية ومخاوف أمنية".

وقالت طالبة تدرس الصحافة في السنة الثانية في جامعة وستمينستر لرويترز إن معظم الطلبة مستاؤون من أن جامعتهم التي يدرس بها 20 الف طالب من 150 دولة تصور على أنها معقل للتشدد بسبب الموازي.

اضافت، طالبة عدم نشر اسمها: "كثيرون يعتقدون أن هذا كان يمكن أن يحدث في أي جامعة في لندن. هل حدوث هذا في وستمينستر يشكل فرقًا؟"

وتابعت أن الأغلبية العظمى من الطلاب من المسلمين وغير المسلمين آراؤهم معتدلة، "لكنني أعتقد أنه اذا انجذب شخص ما للأفكار الإسلامية المتشددة فإنه سيستطيع أن يعثر على أقلية صغيرة تشاركه التفكير نفسه".

وكتب جيمس تينينت، الذي يدرس اللغة العربية في وستمينستر، لصحيفة اندبندنت قائلًا إنه على مدار ثلاث سنوات في الجامعة، لم يلحظ قط أي علامات على ثقافة التلقين. لكن افيناش ثارورـ التي دخلت الجامعة بعد أن أنهى الموازي دراسته فيها مباشرة، كتبت في صحيفة واشنطن بوست: "الطلبة لا يجدون صعوبة في التعبير عن معتقدات خطيرة، تنطوي على تمييز، لأنهم لا يواجهون اعتراضًا موضوعيًا من أقرانهم أو من السلطات".

في المدارس أيضًا

لم تقتصر المخاوف بشأن سعي الإسلاميين المتشددين للوصول إلى الشبان في أماكن دراستهم في بريطانيا على الجامعات فحسب، بل امتدت للمدارس. ففي العام الماضي، ثار جدل كبير في برمنغهام، ثاني اكبر مدينة في بريطانيا، بسبب مزاعم عن أن إسلاميين متشددين يستهدفون المدارس التي توجد بها نسب مرتفعة من التلاميذ المسلمين في حملة منظمة للتأثير فيهم.

وفي الشهر الماضي، اضطرت مدرسة بيثنال جرين اكاديمي الثانوية في لندن للدفاع عن نفسها بعد أن هربت ثلاث تلميذات في سن المراهقة إلى سوريا للانضمام لداعش. وقالت المدرسة إن التلميذات لم يتجهن للفكر المتشدد داخل جدرانها.

وقالت وزيرة الأمن الداخلي تيريزا ماي لصحيفة صنداي تايمز إنها تتوقع من الجامعات أن تأخذ موقفًا أقوى، في ضوء النبأ عن دراسة الموازي في وستمينستر.