في أول رفض لقرار الحكومة المركزية العراقية بنزع سلاح مدينة البصرة الجنوبية، اعترضت قيادة الحشد الشعبي، الذي يضم مليشيات شيعية ومتطوعين لقتال تنظيم "داعش"، على القرار، رافضة تنفيذه ومعتبرة أن أهلها هم من سيتخذونه في الوقت المناسب.&
&
لندن: قال الشيخ أحمد السليطي، نائب رئيس لجنة الحشد الشعبي ورئيس كتلة منظمة بدر الشيعية بزعامة هادي العامري الذي يقود المتطوعين لمواجهة "داعش" في المحافظات الغربية، بأن "نزع سلاح أهالي البصرة قرار لا يتخذه إلا هم أنفسهم عندما يكون الوقت مناسبًا، وأما الآن فالظروف الأمنية والتهديدات الإرهابية والمؤامرات الإقليمية والدولية التي يواجهها البلد حاليًا لا تسمح بالتخلي عن أي قطعة سلاح ومن يدعو لذلك فهو جزء من هذه المؤامرات بقصد أو بدونه".

وأضاف السليطي، رئيس كتلة بدر في حكومة البصرة المحلية في بيان صحافي اطلعت على نصه "إيلاف" اليوم، أن وجود عشائر متمردة على القانون لايبرر نزع سلاح بقية المواطنين.. ودعا السلطات الحكومية الى تطبيق أقسى العقوبات بحق هؤلاء الخارجين على القانون وضربهم بيد من حديد دون أدنى رحمة بهم لأنهم لايبالون بأرواح الناس وممتلكاتهم، وهم وداعش وجهان لعملة واحدة، بحسب قوله.

وجاء موقف السليطي بعد ساعات من اعلان وزير الدفاع خالد العبيدي خلال زيارة الى مدينة البصرة امس يرافقه قائد القوات البرية الفريق الركن رياض جلال عن المباشرة بحملة أمنية في المحافظة لنزع السلاح غير المرخص وإعلان المحافظة منزوعة السلاح حسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيد العبادي.

وقال العبيدي في مؤتمر صحافي بمقر قيادة عمليات البصرة إن زيارته الى محافظة البصرة استهدفت الاطلاع ميدانيًا على واقعها الأمني والوقوف على تداعيات الأحداث الأخيرة من نزاعات عشائرية وحوادث أمنية مختلفة.. موضحاً أن& لقاءه مع القيادات في العمليات والشرطة ومفاصل الأجهزة الأمنية الأخرى وكذلك محافظ البصرة شخصت الخلل الذي يشير الى وجود اسلحة كثيرة غير مرخصة وخارج اطار الدولة.

وأكد الوزير المباشرة بجعل البصرة مدينة منزوعة السلاح وسحبه من كل من يحمله خارج اطار القانون، وبيّن انه سيوجه الأجهزة الأمنية بتنفيذ عملية نزع السلاح حيث سيكون القانون الفيصل في تنفيذ العقوبات وإصدار أوامر القاء القبض بحق المخالفين. واوضح أن المحافظة بحاجة الى أجهزة السونار القوسية لكشف المتفجرات ومتطلبات مسك الحدود لتأمينها ومنع عمليات التهريب عبرها التي يشوبها بعض المشاكل بسبب قلة العناصر الأمنية في تشكيلات الحدود. وحذر الوزير العشائر المتصارعة من خوض المزيد من النزاعات المسلحة.

تسليح العشائر يفوق ما تملكه الشرطة والجيش

وتشير تقارير إلى أن تسليح عشائر في شمال البصرة يفوق ما تملكه الشرطة والجيش في تلك المحافظة من اسلحة، حيث تجد الحكومة المحلية صعوبة بالغة في جمع تلك الاسلحة بسبب غياب تشكيلات للجيش لانشغالها بالحرب ضد "داعش".

وعادة ما تسخدم "الهاونات" والاسلحة الثقيلة بين تلك القبائل لفض النزاعات التي تعود أحيانًا لاسباب بسيطة كخلاف على عائدية سيارة أو تحويل مجرى البزول أو حتى على قضايا الزواج والطلاق.

وتعزو لجنة عشائرية متكونة من بعض وجهاء البصرة، هدفها "تصفير المشاكل" بين تلك الجهات، هذه النزاعات الى ضعف الوعي لدى بعض الاهالي والبطالة المتفشية بين الشباب، فضلاً عن استغلال تجار الاسلحة لتلك النزاعات لبيع العتاد في معارك قد تستمر في بعض الحالات الى 12 ساعة، كما اوضحت وكالة المدى بريس من المدينة. وأشار أحد نواب البصرة إلى أن "عشائر وافدة" الى المحافظة كانت تسكن قرب الاهوار اعتادت أن تستخدم "العنف" كبديل للحوار في حل النزاعات.

وعلى غرار ما حدث في بغداد، قبل اشهر بإعلان خمسة أحياء في العاصمة "مناطق منزوعة السلاح"،& نقلت حكومة البصرة التجربة الى شمالها الذي تحول الى مسرح لنزاعات عشائرية في مسعى لوضع حد لانتشار السلاح وحصره بيد القوات الأمنية.

وفشل هذا الاجراء بوقف الاشتباكات الدائرة بين العشائر، ويقول جبار الساعدي، رئيس اللجنة الامنية في البصرة إن "العشائر المتقاتلة بسبب خلافات بسيطة في أغلب الاحيان تستخدم الهاونات وقذائف الار بي جي، و البي كي سي في حل النزاعات"، منوهاً الى أن "اسلحة العشائر لا تملكها الشرطة المحلية ولا حتى الجيش".

ويضيف الساعدي أن "البصرة لديها نقص في عدد القوات الامنية، حيث غادر معظم عناصر الفرقة 14 التابعة للجيش لمحاربة داعش خارج المحافظة واللواء 64 المتبقي من الفرقة لا يمتلك الكثير من السلاح".. مشيراً الى أن "البصرة بحاجة الى دعم الحكومة الاتحادية، المشغولة بمحاربة المسلحين في شمال وغرب البلاد، لغرض تطويق مشكلة الخلافات العشائرية في المحافظة".

وشهدت ناحية الكرمة شمال محافظة البصرة مؤخراً نشوب نزاع مسلح عنيف بين عشيرتي الحمادنة والبطوط على خلفية انتهاء الهدنة "العطوة" بين العشيرتين. واستخدم الجانبان أنواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وأسفرت عن جرح مدنيين وقطع الطريق الرابط بين مركز المدينة وقضاء القرنة.

والجمعة الماضي، عبر معتمد للمرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني عن الاسف للقتال بين العشائر العراقية في بعض المناطق (خاصة في جنوب البلاد) وبشكل يبعث على الاسف ويؤكد عدم شعور المتورطين فيها بالمسؤولية الوطنية والشرعية واسترخاصهم للدماء المسالة من اجل تحقيق مكاسب تافهة.

وطالب الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة من مدينة كربلاء الحكومة بالتحرك لوقف هذه المصادمات، وتقديم المسؤولين عنها الى العدالة وبذل كل الجهود لايقاف هذه المصادمات التي وصفها بالعبثية.

وخلال اليومين الماضيين، حوّل الخلاف العشائري ناحية العدل جنوب مدينة العمارة (320 كم جنوب شرق العاصمة بغداد) إلى "ساحة حرب" يسودها الرعب وجعل الأهالي يتصورون أن منطقتهم تعرضت لغزو خارجي نتيجة كثافة النيران التي أطلقت من مختلف أنواع الأسلحة بدءاً من الرشاشات الخفيفة والمتوسطة إلى القناصات والقاذفات، ما أوقع الكثير من الضحايا بين قتيل أو جريح، ما جعل الأهالي يطالبون عشائر المنطقة الإسراع بتسوية الخلاف لحقن الدماء وإشاعة السلام وفقاً للأعراف السائدة والقانون.