كرّم الرئيس عبدالفتاح السيسي، إمراة مصرية تنكرت بزي رجال لمدة 43 عاماً كي تعيل ابنتها الوحيدة بعد وفاة زوجها.

القاهرة: لا يمكن للمرء أن يتبين حقيقتها الأنثوية، إلا لو تعرف إلى قصتها، لاسيما أنها تعيش في ملابس الرجال منذ 43 عاماً، وافتقدت كل ملامح الأنوثة، فالوجه الجامد، أقرب للرجال منه إلى النساء، والصوت الخشن الجهوري، لا يصدر إلا من حنجرة رجل حقيقي، لكنها إمرأة مصرية دفعتها الظروف القاسية إلى أن تتخلى عن أنوثتها، من أجل تربية ابنتها الوحيدة، بعد وفاة زوجها.
&
إنها المرأة المصرية البسيطة "صيصة أبو دوح النمر، التي تم إختيارها الأم المثالية في الإحتفال السنوي بعيد الأم، ويتولى الرئيس عبد الفتاح السيسي تكريمها مع أخريات في القصر الجمهوري.

قبل نحو 43 عاماً، توفي أحمد كامل زوج صيصة أبو دوح النمر، المقيمة في قرية البياضية بمحافظة الأقصر، تاركاً إياها تحمل في أحشائها جنيناً أنثى، ولم ترث عنه شيئاً من ميراث سواء أكان&أراضي زراعية أو أموالاً. نظرت حولها، ووجدت نفسها وحيدة في مجتمع لا يعترف بحقوق المرأة، ولا يتركها تكسب قوتها بدون منغصات عليها، إما بـ"التلسين" أو الخوض في عرضها.
&
حسمت "صيصة" أمرها وقررت أن تخلع عن نفسها ثوب المرأة، وتستبدله بملابس الرجال، ولم يقف الأمر عند تغيير المظهر، بل إحترفت أعمال الرجال التي تحتاج إلى عزم وعافية، لا تتوافر للنساء.
&
انخرطت "صيصة" في أعمال البناء والتشييد منذ أن كان عمرها 21 عاماً، ومسح الأحذية، وهي ترتدي ملابس الرجال، تخرج بعد آذان الفجر للعمل، ولا تعود إلا في المساء.
&
العادات والتقاليد القاسية، وعزة النفس دفعت "صيصة" إلى أن تسلك مسالك الرجال، وكسبت صفاتهم، وتحورت ملامحها، وصار صوتها خشناً، من كثرة التعامل معهم.
&
تقول "صيصة": شليت قصرية (إناء يوضع فيه الخرسانة المسلحة) وعزقت ونقرت في الجناين (الحرث في الحدائق)".
&
لما هرمت "صيصة"، وصار العمل في البناء والتشييد قاسياً، احترفت العمل في تلميع أحذية المارة بالشوارع، وترفض أن يقدم لها أي إنسان المساعدات، ولا تحصل إلا على مال من عرق جبينها.
&
لم يخطر ببال "صيصة" ذات 64 عاماً، أنها سوف تحصل على لقب الأم المثالية، وتقابل رئيس الجمهورية، لتنال التكريم ويقدم لها درع الكمال، لكنه حصل، والتقت بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أهداها الدرع ومبلغ خمسين ألف جنيه مصري.
&
بكت "صيصة" عندما تقدم السيسي ليصافحها، وعندما سألها عن مطالبها، قالت له: "كفاية اني شفتك".
&
لم تتخلّ "صيصة" عن ملابسها الرجولية، وهي تقابل الرئيس عبد الفتاح السيسي، لاسيما أنها لم تعد تطيق ملابس النساء التقليدية، وتقول "بحس أني محنوقة فيها". وأضافت: "أموت وأحيا بالجلابية ما أقعلهاش".
&
ولم تكن "صيصة" وحدها التي ألتقاها السيسي وكرمها، بل إلتقى بـ31 آخريات ممن حصلن على لقب الأمهات المثاليات، وضربن أروع الأمثلة في التضحية وإنكار الذات، ومنحهن درع الكمال من الدرجة الثانية، ومبلغ خمسين ألف جنيه مصري. ومنهن: آمال حسن أبو الدهب، التي توفي زوجها، وترك لها خمسة أبناء صغار بدون أية مصادر للدخل، فاحترفت العمل في تلميع الأحذية بالجيزة، طوال عشرين عاماً. واستطاعت تعليم أبنائها، فحصلت الإبنة الكبرى على بكالوريوس التمريض، والثاني حاصل على بكالوريوس الهندسة، والثالث طالب بكلية السياحة والفنادق، والرابع طالب بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية، أما الخامس فهو طالب بالصف الخامس الإبتدائي.
&
لم تكتفِ "آمال" بأن يحصل أبناؤها على حقهم من التعليم الجامعي، بل التحقت هي أيضاً بالتعليم، وتدرس حالياً بكلية الخدمة الإجتماعية جامعة القاهرة.
&
وقال المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، إن "الرئيس استهل اللقاء بالإعراب عن خالص الاحترام والتقدير للأمهات المثاليات اللواتي يمثلن قدوة رائعة ويضربن مثلًا عظيمًا للتضحية والعطاء، ويبرزن النماذج المشرفة والنقاط المضيئة في حياة الشعب المصري، واشار&إلى أهمية التعريف بتلك الخبرات الإنسانية الراقية وما شهدته من مسيرات للكفاح من أجل تربية الأبناء ومواجهة أعباء الحياة".
&
ولفت يوسف إلى أن السيسي وجه &التحية لأمهات مصر المُكافِحات، وأضاف أن الرئيس قال إن "من تم تكريمهن يعبرن عن تقدير الدولة لكافة الأمهات المصريات، حيث أصدر قرارًا جمهوريًا بمنح أمهات مصر المثاليات وسام الكمال من الطبقة الثانية".
&
وذكر يوسف: وجه الرئيس (السيسي) تحية خاصة إلى أمهات الشهداء المُكرمات، وكذا للأم المثالية المعيلة من محافظة الأقصر السيدة "صيصة حسانين"، والتي اضطرتها ظروف الحياة إلى التنكر في زي الرجال لمدة 40 عامًا، مقدرًا تضحيتها وإنكارها لذاتها من أجل تربية أبنائها، مؤكدًا على ضرورة العمل على تحسين ظروف أمهات مصر المُعيلات".