يبدو أن كل المحاولات التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لطمأنة الحلفاء الخليجيين، بتقديم التعهدات لردع طموحات إيران الاستراتيجية في الإقليم وكذلك تدمير تنظيم (داعش)، تبدو غير موثوقة ولا تحمل صدقية ناجزة.


نصر المجالي: تركزت كل رسائل التطمينات التي تبعث بها الإدارة الأميركية لحلفائها في الخليج العربي وآخرها لقاء وزير خارجيتها جون كيري مع نظرائه الخليجيين في الرياض يوم الخميس 5 مارس (آذار) على مبدأ أن أي اتفاق مع إيران لن يضرّ بمصالح هؤلاء الحلفاء.

&وقال كيري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السعودي سعود الفيصل إن الولايات المتحدة ستتابع أنشطة إيران الأخرى في الشرق الأوسط عن قرب، مؤكدًا أن التزام واشنطن تجاه ضمان أمن دول مجلس التعاون الخليجي مستمر.

كلام كيري

وشدد كيري على أهمية شراكة الولايات المتحدة مع دول الخليج لا سيما "في هذه الأوقات الصعبة" أن واشنطن عازمة على التعامل مع إيران بشكل آخر إن لم تتوصل إلى اتفاق إيجابي حول برنامجها النووي. ورغم أن إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لأن تذهب إلى أبعد مدى لطمأنة حلفائها في دول الخليج حتى لو اقتضى الأمر لتأمين "مظلة نووية أميركية" لحماية هذه الدول.

الغالبية لا تثق

واضح أن مثل هذه التعهدات لم تقابل بثقة من جانب قراء (إيلاف)، إذ كشف استفتاء حول مدى الثقة بتعهدات الأميركيين لحلفائهم بردع طموحات إيران وتدمير داعش؟ أن الغالبية لا تثق بتلك التعهدات. فمن بين المشاركين الـ 2856 في الاستفتاء، قالت ما نسبته 88% (2514 صوتاً) إنها لا تثق بالتعهدات الأميركية، بينما رأت نسبة ضئيلة 12 % (342 صوتاً)& أن الإدارة الأميركية ستنفذ تعهداتها.

يشار إلى أن دول الخليج العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تخشى من أن يؤدي أي اتفاق نووي محتمل بين إيران والمجتمع الدولي إلى تهديد أمنها القومي وإلى تعزيز النفوذ (الشيعي) في الشرق الأوسط.

كما أن هذه الدول قلقة من أن يمنح أوباما الإيرانيين اتفاقًا بأي ثمن لأنه بات يرى في ذلك عنوانًا لإرثه في السياسة الخارجية، وأن تحصل طهران بالتالي على وضع إقليمي أفضل، وهذا ما يبدو أنه يسير نحو التطبيق عملياً وخاصة بعد رسالة أوباما التي هنأ فيها الإيرانيين بالسنة الجديدة ويوم (نوروز).

وحسب الباحث الإيراني علي نوري زاده، مدير مركز الدراسات الإيرانية العربية في لندن، فإن "المشكل أيضاً يكمن في غياب الثقة بين إيران وجيرانها الخليجيين بسبب التجارب المريرة السابقة".

لا وضوح ولا شفافية

وبغض النظر عن الملف النووي، فإن السعودية قلقة أيضًا من أن يسمح الاتفاق المحتمل لطهران بتكريس المزيد من إمكانياتها لحلفائها في سوريا والعراق ولبنان واليمن، مما يهدد بتفاقم الصراعات هناك، خصوصًا وأن موقف الإدارة الأميركية الحالية لا يتسم دائمًا بالوضوح والشفافية.

وبهذا الصدد، يوضح نوري زاده أن هناك شكوكًا خليجية حول التدخل الإيراني في اليمن مثلاً، "فإدارة أوباما لم تدن هذا التدخل لحد الآن بشكل صريح واكتفت بموقف خجول".

وإلى ذلك، فإنه مع التصريحات الأميركية (المتذبذبة ـ الحائرة) في شأن التدخل الإيراني العسكري في العراق والقتال ضد تنظيم (داعش) والخشية من عمليات انتقام من السنة، فإن خشية الحلفاء وخاصة الخليجيين تأخذ مساراً آخر لا يوحي بالثقة بتعهدات الإدارة الأميركية مع تباطوء العمليات العسكرية التي&انطلقت ضد التنظيم منذ أغسطس (آب) الماضي، إذ مع كل الضربات الجوية، فإن التنظيم لا يزال يتمدد على الأرض في كل من العراق وسوريا، لا بل أن عملياته صارت علنية في ليبيا واليمن وتونس.