وقعت كل من مصر والسودان وإثيوبيا اليوم، إتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة الإثيوبي، وحماية مياه نهر النيل.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تُعقد في العاصمة السودانية الخرطوم قمة ثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والسوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي مريام ديسالين، وسط أنباء عن توقيع وثيقة إعلان مبادئ لسد النهضة، تنص على إعتراف إثيوبي بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل وعدم تأثر حصتها ببناء السد الإثيوبي.

وكانت إثيوبيا قد بدأت عام 2013 مشروعًا لبناء سد على نهر النيل الأزرق الذي يمد مصر بأكثر من 80 في المئة من حصتها في النهر.

استقبل الرئيس السوداني عمر البشير، نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في مطار الخرطوم، كما استقبل رئيس الوزراء الإثيوبي هايلا مريام ديسالين، في إطار المباحثات التي تجريها الأطراف الثلاثة من أجل الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف بشأن إنشاء إثيوبيا سد النهضة على النيل الأزرق، الذي من المتوقع أن يؤثر بالسلب على حصة مصر من المياه.

وأجريت للسيسي مراسم الإستقبال الرسمية في المطار، وعزفت الموسيقى العسكرية السلامين الوطنيين للسودان ومصر، ويشارك رئيس وزراء أوغندا زمانا موتامازى، ووزير الطاقة الرواندي، في المباحثات التي من المتوقع أن تنتهي بتوقيع وثيقة إعلان مبادئ لسد النهضة، كما يشهد توقيع الوثيقة مسؤولون في مؤسسات دولية.

وتنص الوثيقة الثلاثية التي اتفق عليها وزراء الخارجية في كل من مصر والسودان وإثيوبيا على الإعتراف بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، والحفاظ على حصتها من المياه، وإشراكها في إدارة سد النهضة، والتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، وعدم الإضرار بمصالح الدول التي يمر بها نهر النيل، في إطار مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.

ديسالين: الاتفاق يحمي مصالح الجميع

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين خلال مراسم توقيع الإتفاقية: "نحن عائلة واحدة ومرتبطون بنهر النيل، الذي هو أساس جوهري لبلاد حوض النيل، ونسعى لتحقيق التنمية للاستفادة من مياهه"، مشيراً إلى أن الإتفاق سوف يحقق مصالح الجميع.

وقال "سد النهضة لن يهدد الشعبين المصري والسوداني"، وتابع: "حققنا خطوة جديدة بالوصول إلى اتفاق على إعلان المبادئ الذي ستبنى عليه اتفاقاتنا المستقبلية".

ولفت إلى أن "سد النهضة مشروع يمكن أن يبلور أساسًا للتعاون الإقليمي، لتحقيق مصالح الدول الثلاث"، منوهًا بأن بلاده "أثبتت التزامها بالتعاون مع مصر والسودان، وقطعت شوطًا كبيرًا حتى يكتسب المشروع الثقة، وستواصل العمل لإبراز كل الوثائق في لجنة الخبراء والمفاوضات والمناقشات".

وأعلن عن توقيع بلاده على الوثيقة، وقال: "سأكرس نفسي وفريقي لنبني التعاون بالتوقيع على إعلان المبادئ، والذي يثبت التزام إثيوبيا، ويؤكد الثقة بين الدول الثلاث، فلا يوجد خاسر من هذا الاتفاق، الذي يمهد الطريق ويضع أساسًا للتعاون المتجدد والالتزام ببناء الثقة"، وتابع: "لن نلحق ضررًا بدول المصب".

السيسي: النيل محور تعاون

وقال السيسي خلال مراسم التوقيع: "دول مصر والسودان وإثيوبيا اختارت التعاون والبناء والتنمية"، مضيفًا: "إحنا كنا ممكن نشكك في بعض، ومنتحركش من مكاننا، لكن إحنا اختارنا العكس، وثقنا في بعض، وشجعنا بعض على التعاون والبناء".

وتابع: "إحنا لما نتعاون مع بعض، ربنا اللي كلنا بنؤمن بيه هيساعدنا".

وأعلن السيسي أن مصر لا تعترض على تنمية إثيوبيا، ولكنه حذر من الإضرار بمصالح مصر، وقال: «في أول لقاء مع رئيس الوزراء الاثيوبي، أنا قولتلهك إحنا معندناش أي تحفظ أنكم تطوروا من أجل الشعب الإثيوبي، أنت هتطور وتنمي، لكن خلي بالك إن في مصر شعب بيعيش فقط على النهر، والمياه تأتي بأمر من الله منذ آلاف السنين عشان الناس تعيش فيها وتقوم فيها حضارة".

وأضاف السيسي: "كتير في السنين اللي فاتت حصل قلقل وشكوك بين الشعوب وبعضها، وإحنا لما تحركنا مع بعضنا قولنا نبدأ حقبة جيدة من التعاون والمحبة والثقة، وإن إحنا نقدم لشعوبنا في مصر واثيوبيا والسودان التنمية". وتابع: "شعوبنا تتطلع إلينا، آملة في بزوغ فجر جديد ومستقبل واعد، ونسعى لجعل نهر النيل محورًا للتعاون والإخاء".

وذكر السيسي أن "توقيع اتفاق إعلان المبادئ الخطوة الأولى للتعاون بين مصر والسودان وأثيوبيا".

واستطرد: "ما نقوم به اليوم خطوة مهمة على طريق التواصل لاتفاقيات تفصيلية من أجل مزيد من الخطوات العالقة المرتبطة بحوض نهر النيل". وأضاف: "نريد أن نعمل سويًا لتعويض شعوبنا ما فاتها، ومن أجل تحقيق الاستقرار"، مستكملاً: "مصممون على تحمل مسؤولياتنا تجاه شعوبنا".

البشير: الثقة عادت!

وقال البشير في كلمته أثناء التوقيع: "بالتوقيع على الاتفاقية نخطو على طريق إرساء الثقة وتعزيز التعاون، والتي تنعكس على تحقيق التنمية في حوض النيل الشرقي"، مشيراً إلى أن المفاوضات مستمرة من أجل التوصل إلى إتفاق تفصيلي يحقق مصالح البلدين.
وأعرب عن أمنياته بأن يتم التوصل إلى إتفاق "يمتد لكل أنشطة التعاون للوصول إلى تفاهم على اتفاقية حوض النيل، تجمع كل دول الحوض، لتأمين سيادتها وحرية قرارها".

قال البشير في تصريحات له أمس، إن "العلاقات المصرية الأثيوبية هي علاقة مهمة جداً". وأضاف: "أثيوبيا الآن عاصمة أفريقيا لأن بها مقر الاتحاد الأفريقي، ومصر غابت عن أفريقيا لمدة طويلة بسبب اتفاقية كامب ديفيد"، مشيرًا إلى أن "عودتها (مصر) شيء مهم لإزالة جميع الشكوك بين الطرفين، فهناك مخاوف من أثيوبيا لاعتراض مصر على سد أثيوبيا التي تعتبره أثيوبيا مشروع الألفية، ولذا فإن توقيع وثيقة النيل سيكون مهماً جدًا في هذا التوقيت بالذات".

ولفت إلى أن "الدول الأفريقية تتفهم خوف مصر من بناء السد، ولكن سد النهضة لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على مصر، وهذا ما ستؤكده وثيقة النيل التي تؤكد أن السد سيستخدم في توليد الطاقة".

وأفاد بأن هناك مشروعًا للربط الكهربائي بين الدول الثلاث، وقال: "لدينا مشروعات للربط الكهربائي مع أثيوبيا وسيمتد هذا الربط إلى مصر، والفائض في الكهرباء لدى الإثيوبيين نهارًا سيعود بالنفع على مصر والسودان".