بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنطلاق الصفحة الاخيرة من عملية تحرير مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين الغربية، باشرت المدفعية العراقية قصفها والطائرات الأميركية والعراقية غاراتها فجر اليوم على أهداف ومراكز تجمعات مقاتلي "داعش". فيما دعا الحكيم إلى اتخاذ اجراءات حاسمة لوقف الاقتتال الناشب بين العشائر العراقية والبدء بحملة كبرى لفضح ما اسماه المشروع الخبيث الذي يقف خلف هذه النزاعات.

لندن: انطلقت فجر الخميس عملية تحرير تكريت بسلسلة من الغارات الجوية نفذتها الطائرات الأميركية والعراقية بالترافق مع قصف مدفعي عراقي لاهداف "داعش" في مدينة تكريت (180 كم شمال غرب بغداد) والتي يحتلها التنظيم منذ حزيران (يونيو) 2014.

ومن جهته، أكد قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي قائلاً "حصلنا على اذن من القائد العام بعدم توقف العمليات الا بعد تحرير تكريت بالكامل".

وكانت القوات الأمنية العراقية وتشكيلات الحشد الشعبي للمتطوعين قد اوقفت تقدمها نحو مركز تكريت قبل عشرة ايام بهدف ما قال عسكريون عراقيون انه للحفاظ على ارواح المدنيين المتبقين في المدينة البالغ عدد سكانها حوالي 400 الف نسمة وعلى البنى التحتية بعد تحصن مقاتلي "داعش" فيها.

ومن جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" عن صدور أوامر خلال الساعات الاخيرة بتنفيذ ضربات جوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" في تكريت على خلفية طلب تقدمت به الحكومة العراقية.

وكان العبادي أعلن في وقت متأخر الليلة الماضية عن بدء الصفحة الأخيرة من معركة مدينة تكريت بعد 25 يومًا من بدء العمليات العسكرية في المحافظة، مشددًا على ان "داعش" لن يبقى له موطئ قدم على أرض العراق مؤكداً انه سيتم تحرير كل شبر من ارض البلاد.

وأعلن العبادي في خطاب متلفز مفاجئ إلى العراقيين وتابعته "إيلاف" قائلاً "سنلاحق قادتهم لما ارتكبوه من قتل وسبي للنساء وجرائم ابادة وتهجير بحق المدنيين العزل من مختلف ابناء شعبنا.. وجرائمهم البشعة بحق الانسانية وتدميرهم للمساجد واضرحة الانبياء والاولياء والكنائس ودور العبادة والمتاحف والمكتبات والرموز العمرانية وسرقتهم للارث الحضاري والانساني والمعرفي الذي بناه العراقيون منذ الاف السنين.. وسنتخذ كل الاجراءات لمعاقبتهم على هذه الجرائم البشعة بالتعاون مع المجتمع الدولي".

وتقود الولايات المتحدة تحالفًا دوليًا يضم عشرات الدول العربية والاجنبية لدعم ومساندة القوات الأمنية العراقية والكردية في مواجهة تنظيم "داعش" الذي سيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا.

ومنذ بداية الشهر الحالي، فقد باشرت القوات العراقية هجومًا عسكريًا واسعًا بمشاركة 30 ألفًا من قوات الجيش والشرطة والفصائل المسلحة للمتطوعين وأبناء العشائر السنية لطرد تنظيم"داعش" من محافظة صلاح الدين وتمهيد الطريق لوصول القوات العراقية إلى حدود محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، معقل التنظيم في العراق.
&
الحكيم يدعو لاجراءات توقف الاقتتال العشائري

ودعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم إلى اتخاذ اجراءات حاسمة لوقف الاقتتال الذي ينشب بين فترة وأخرى بين العشائر العراقية والبدء بحملة كبرى لفضح ما اسماه المشروع الخبيث الذي يقف خلف هذه النزاعات.

وقال الحكيم في كلمة له خلال الملتقى الثقافي الأسبوعي بمقر المجلس الاعلى في بغداد بحضورحشد كبير من ابناء العاصمة الليلة الماضية إن الوجهاء وزعماء العشائر والقبائل مطالبون بالقيام بواجبهم وعقد المواثيق التي تحرم الاقتتال ورفع السلاح بين العشائر وبعضها.. مؤكدًا دعمه لأي مشروع أو مبادرة تنطلق لحفظ هيبة العشائر العراقية ودمائها وسمعتها وإيقاف هذه النزاعات المسلحة ونبذ العشائر التي تتمادى في استخدام السلاح ولا تلتزم بحرمة الدم والجيرة.

وحذر من وجود ما اسماه أجندة سياسية خبيثة وراء زرع الفتنة بين العشائر وتوريطها في نزاعات دموية مسلحة.. وأشار إلى أنّ هناك مشروعاً ظلامياً لا يقل إرهابًا عن مشروع تنظيم "داعش" ومؤامرة تحاك ولتنفيذ مشروع يرتكز على إرهاب جديد ينمو تحت مظلة النزاعات العشائرية المسلحة.

وتساءل قائلاً "كيف يصل النزاع والتقاتل إلى درجة استخدام الأسلحة الفتاكة في صراعات أساسها في الغالب بسيط ومحدود؟... وأعرب عن الاسف لعدم احترام كلمة الوجهاء في فض النزاعات وتجاهل كلمة الدولة ومؤسساتها والقانون وإجراءاته وتحول العشائر إلى ساحة معارك مفتوحة.

وأضاف أن من يوجه سلاحه نحو أخيه فهو داعم للإرهاب، ومن يقاتله تحت أية ذريعة إنما يقوض الدولة وينخرها من الداخل.. محذرا من أن النزاعات العشائرية لم تعد نزاعات بريئة تحدث بالصدفة وإنما هي نتيجة مشروع خبيث لإحراق جنوب العراق وقتل أبنائه وإضعاف عشائره.

واعتبر الحكيم هذه النزاعات العشائرية المسلحة بخطورة الإرهاب إن لم تكن أخطر..موضحاً أن الإرهاب معروف من أين يأتي وما هي أساليبه وماذا يريد ولكن هذه النزاعات التي تزرع الحقد والخصومة في قلوب الإخوة بعضهم مع بعض وتقطع العلاقات الاجتماعية وتخلف الدم والثأر فإنها تهدف إلى إحراق الجنوب وجره للفوضى.

وكان الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني قد أشار في خطبة الجمعة الماضي من مدينة كربلاء إلى حالات قال انها مؤسفة تحصل حاليًا تتجسد في القتال بين العشائر العراقية في بعض المناطق (خاصة في جنوب البلاد) وبشكل يبعث على الاسف ويؤكد عدم شعور المتورطين فيها بالمسؤولية الوطنية والشرعية واسترخاصهم للدماء المسالة من اجل تحقيق مكاسب تافهة. وطالب الحكومة بالتحرك لوقف هذه المصادمات وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وبذل كل الجهود لايقاف هذه المصادمات التي وصفها بالعبثية.

وشهدت ناحية الكرمة شمال محافظة البصرة مؤخرًا نشوب نزاع مسلح عنيف بين عشيرتي الحمادنة والبطوط على خلفية انتهاء الهدنة "العطوة" بين العشيرتين. واستخدم الجانبان أنواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وأسفرت عن جرح مدنيين وقطع الطريق الرابط بين مركز المدينة وقضاء القرنة.

كما حوّل الخلاف العشائري ناحية العدل جنوب مدينة العمارة،(320 كم جنوب شرق العاصمة بغداد)، الاسبوع الماضي، إلى "ساحة حرب" يسودها الرعب، وجعل الأهالي يتصورون أن منطقتهم تعرضت لغزو خارجي نتيجة كثافة النيران التي أطلقت من مختلف أنواع الأسلحة، بدءاً من الرشاشات الخفيفة والمتوسطة إلى القناصات والقاذفات ما أوقع الكثير من الضحايا بين قتيل أو جريح، ما جعل الأهالي يطالبون عشائر المنطقة الإسراع بتسوية الخلاف لـ"حقن الدماء وإشاعة السلام"، وفقاً للأعراف السائدة والقانون.