بدعمها للعملية العسكرية بقيادة السعودية في اليمن، تواجه الولايات المتحدة خطر تقويض جهودها الدبلوماسية مع إيران، والتورط في نزاع طائفي إقليمي من حلب إلى صنعاء.


إيلاف - متابعة: رغم المخاطر، ومع أن المفاوضات حول الملف النووي الايراني بلغت مرحلة حرجة، لم يتردد الرئيس الاميركي باراك اوباما في دعم الغارات الجوية التي يشنها تحالف اقليمي تقوده السعودية ضد الحوثيين المدعومين من ايران.

ويقول مسؤولون اميركيون ان المساعدة التي تعهدت الولايات المتحدة بتقديمها، وتقوم على دعم لوجستي واستخباراتي، يمكن ان تشمل ايضًا التزويد بالوقود في الجو وطائرات رادار للانذار المبكر، اضافة الى طائرات بدون طيار للتجسس، لمساعدة التحالف الاقليمي بقيادة السعودية.

دورها محدود
وقال مسؤول دفاع اميركي لوكالة فرانس برس ان "الامر مطروح على الطاولة، ويتم التباحث بشانه". الا ان مسؤولين قالوا ان دور الولايات المتحدة سيظل "محدودا"، وشددوا على ان المقاتلات الاميركية لن تتدخل بشكل مباشر او يتم نشر قوات لدعم المعارك البرية.

وقال مسؤول عسكري "انها عملية بقيادة السعودية". الا ان قرار امداد دول التحالف الاقليمي بالمساعدة يمكن ان يجر الولايات المتحدة الى نزاع طائفي يزداد اتساعًا في الشرق الاوسط، وغالبا ما يضعها في مواقف متناقضة ازاءه.

وفي العراق، تستهدف المقاتلات الاميركية والمدفعية الايرانية تنظيم الدول الاسلامية، الذي يعتبره الجانبان عدوا مشتركا وتهديدا خطيرا، لا بد من القضاء عليه. واثار التعاون غير المباشر بين الولايات المتحدة وايران في العراق استنكار السعودية وغيرها من الدول السنية، التي ترى في النظام الايراني منافسًا لا يمكن الاستهانة به.

شكوك عربية
كما ابدت دول عربية قلقها من الجهود الدبلوماسية الاميركية من اجل التوصل الى اتفاق مع ايران حول برنامجها النووي، اذ حذرت من ان طهران لن تلتزم باي اتفاق. في المقابل، تتبنى الولايات المتحدة وايران موقفين متناقضين تمامًا في النزاع المستمر منذ خمس سنوات في سوريا، اذ تدعم ايران النظام السوري بكل قوة، بينما استبعدت واشنطن اي دور مستقبلي للرئيس السوري بشار الاسد.

كما ان الادعاءات بان بعض دول الخليج زوّدت متطرفين إسلاميين بالاموال، وسمحت بانضمام افراد من رعاياها الى صفوفهم في السنوات الاخيرة، لم تلق ترحيبا من الولايات المتحدة. واكدت وزارة الخارجية الاميركية الخميس انه لا تناقض في السياسة الاميركية، وان المحادثات الحساسة مع ايران في لوزان لم تتأثر بالوضع في اليمن. وصرح المتحدث جيف راتكي امام صحافيين "انا على اتصال مع فريقنا في سويسرا ولا يبدو ان هناك تاثيرا".

واضاف "ليس هناك تناقص، وموقفنا كان واضحا طيلة المفاوضات حول الملف النووي مع ايران، بان سلوك ايران في العديد من المسائل يثير قلقنا". من جهته، ندد الرئيس الايراني حسن روحاني بـ"العدوان العسكري" على اليمن وباي "تدخل عسكري في الشؤون الداخلية للدول المستقلة"، داعيا "دول المنطقة الى تجنب اي عمل يفاقم الازمة" في اليمن.

رهانات كبيرة
وكان رد الادارة الاميركية مختلفا تماما عندما ارسلت السعودية دبابات في 2011 الى البحرين لمساعدة الحكومة على قمع المعارضة من الغالبية الشيعية. وانذاك دعت واشنطن الى ضبط النفس، ودعت دول الخليج الى احترام حقوق كل المواطنين في البحرين. الا ان الفارق هذه المرة هو ان هناك "رهانات كبيرة" في اليمن، كما قال سيث جونز المستشار السابق لقوات العمليات الخاصة الاميركية.

واضاف جونز ان اليمن "فيها مجموعة ارهابية، لديها قدرات ومصلحة في مهاجمة الاراضي الاميركية"، في اشارة الى تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب فرع تنظيم القاعدة في اليمن. وتابع ان دعم الولايات المتحدة للتحالف الاقليمي بقيادة السعودية ضروري لاعادة الاستقرار الى اليمن، لان الفوضى السائدة حاليا تشكل ارضية خصبة للقاعدة او تنظيم الدولة الاسلامية، بحسب جونز، الذي يعمل حاليا لدى المجموعة الفكرية راند كوربوريشن.

ودعم اعضاء الكونغرس الاميركي من الحزبين التحالف بقيادة السعودية، مشددين على ضرورة وقف توسع الحوثيين لافساح المجال امام تسوية سياسية محتملة والقضاء على مخابئ تنظيم القاعدة. وقال الديموقراطي ادم شيف العضو في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الاميركي ان الحوثيين "كادوا يتسببون بشكل خطير بحرب اهلية" في اليمن. واضاف "بالنظر الى الفظائع في سوريا لا بد من تفادي مثل هذا الاحتمال باي ثمن".

ردع لا إزالة
من جهته، رأى جون الترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان الولايات المتحدة كانت بحاجة الى ان تجد سبيلا "لمنع عدم مشاركتهم (الحوثيون) نهائيا في تسوية تفاوضية" على الرغم دعمها للعملية العسكرية بقيادة السعودية.

واضاف الترمان ان "العملية لا تهدف الى انزال هزيمة كاملة بالحوثيين، بل منعهم من تحقيق انتصار كامل". وحذر من ان هناك خطرا فعليا لاندلاع حرب طائفية مفتوحة ما لم تجر مساع دبلوماسية فعلية لنزع فتيل الازمة. وتابع والترمان "في حال استمرت الحرب بالوكالة فإن النزاع سيطول لسنوات على الارجح".
&