فيما غابت مواقف القادة السنة في العراق من التدخل العسكري العربي في اليمن لدعم شرعية الرئيس هادي، فقد أطلق السياسيون الشيعة مواقف وتصريحات تتناغم مع المواقف الإيرانية الرافضة لهذا التدخل، داعين إلى وقفه، ومحذرين من تفاقم الوضع هناك.


أسامة مهدي: في تصريحات وبيانانت صحافية تسلمتها "إيلاف"، فقد عبّر السياسيون العراقيون الشيعة عن معارضتهم للتدخل العربي في اليمن إلى جانب الشرعية، وطالبوا الأمم المتحدة بالتدخل الفوري لوقف العمليات العسكرية، وذلك في مواقف لوحظ أنها تتناغم مع المواقف الإيرانية الرافضة لردع الانقلاب، الذي قامت به جماعة الحوثيين في اليمن.

السيستاني تجاهل أحداث اليمن
وعلى الرغم من هذه المواقف، فقد لاحظت "إيلاف" تجاهل مرجعية المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني للتطورات في اليمن، حيث لم يتناول معتمده السيد أحمد الصافي في خطبة الجمعة في كربلاء هذه التطورات، ولم يبد أي موقف منها.

فقد خلت الخطبة من أية إشارة إلى عملية "عاصفة الحزم"، التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ضد انقلاب جماعة الحوثيين، على الرغم من أنه تناول بالحديث التطورات السياسية والعسكرية الجارية حاليًا في العراق.&
&
وكانت إيران عبّرت أمس عن رفضها للتدخل العربي في اليمن، ودعت إلى الوقف الفوري للهجوم، الذي رأت أنه يتناقض مع مبادئ القانون الدولي. وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن الضربات الجوية في اليمن "ستؤدي إلى إراقة الدماء وتنتهك سيادة اليمن"، وطالب بوقف فوري للعمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن بلاده ستبذل كل الجهود الضرورية لاحتواء الأزمة في اليمن.&

المالكي: لوقف الأعمال العسكرية
فقد دعا نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي الأمم المتحدة إلى التدخل لإيقاف الغارات الجوية والعمليات العسكرية في اليمن ضمن العملية العسكرية "عاصفة الحزم".. وقال إنه يتابع "ﺑﻘﻠﻖ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻟﺘﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﻤﻀﻄﺮﺩ ﻟﻸﻭﺿﺎﻉ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ الشقيق، وندين ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﺓ العسكرية بدلًا من المساعدة على تشجيع الحوار بين اليمنيين". وأضاف إن "ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻭﺗﻴﺮﺓ ﺍﻟﻌﻨﻒ في هذا الوقت، واليمن يشهد أزمة داخلية وحربًا على الإرهاب، من شأنه أن يزيد من تعقيد الأمور واتساع رقعة الأزمات في المنطقة".

وأشار الى أن ذلك "سيمنح المنظمات الإرهابية فرصة الاستفادة من هذه التحالفات والتطورات العسكرية".. مشدداً على ضرورة "العمل على توفير فرصة التوصل لحلول سلمية للخلافات الداخلية في اليمن". وطالب الأمم المتحدة "بالتدخل وإيقاف فوري للغارات الجوية وجميع الأعمال العسكرية في اليمن"، مطالباً الأطﺮﺍﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ كافة بـ"ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتمسك بالحلول الوطنية وﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ، فضلاً عن الانخراط ﺑﺠﺪ ﻭﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻭﺣﺴﻦ ﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﻣﺨﺮﺝ ﺁﻣﻦ ﻣﻦ الأزمة ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ".

الصدر يدعو السعودية إلى إنهاء التفاقم الطائفي
من جانبه عبّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن رفضه لتدخل القوات العربية في اليمن، داعيا السعودية الى ان تقف موقفا شجاعا لانهاء معاناة الشعوب من جهة ولانهاء التفاقم الطائفي، والى ان لاتكون طرفا فيه على الاطلاق. وقال ان تدخل القوات العربية في اليمن السعيد تدخل في شؤون الشعب اليمني، ولو كان بطلب من حكومته.

الحكيم
من جهته انتقد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم خلال اجتماعه مع ستيوارت جونز السفير الاميركي لدى العراق ما اسماها "المعايير الازدواجية" للولايات المتحدة وبعض الدول في تأييدها للحرب على اليمن.

وقال الحكيم ان "الأزمة في اليمن أزمة سياسية".. معربا عن" استغرابه من تغليب لغة الحرب والقصف على لغة الحوار للخروج من الأزمة". وأشار الى أن "تأييد ألولايات المتحدة وبعض دول العالم للعمليات العسكرية في اليمن تعبّر عن ازدواجية في المعايير".

واضاف ان في اليمن "مشكلة سياسية، ولن يتم حلها الا سياسيا، ومن يتصور للحظة ان بإمكانه الحل بطرق غير سياسية للازمة اليمنية، فهو واهم.. ومن يراهن على الإرهاب لإضعاف خصومه السياسيين، فهو في قمة الانحراف السياسي".&

نائب رئيس البرلمان يحذر من "عواقب وخيمة"
اما نائب رئيس مجلس النواب الشيخ همام حمودي فقد حذر مما اسماها العواقب الوخيمة للتدخل العسكري في اليمن، داعياً المجتمع الدولي ومجلس الإمن التدخل الفوري لإيقافه لكونه يؤمّن مناخاً جديداً للتنظيمات الارهابية.

وقال إن "التدخلات العسكرية الخارجية لفرض واقعاً بعينه على اليمنيين سيسهم في توسيع العنف في المنطقة التي تواجه جميع بلدانها تهديدات ارهابية سيعزز حالة عدم الاستقرار والفراغ الامني داخل اليمن، الذي عادة ما تستغله الجماعات الارهابية في فرض تواجدها وتوسيع نفوذها".

وأضاف أن "أي طرف سيتدخل عسكرياً في اليمن سيجد نفسه بعد فترة غارقاً فيها، وعاجزاً عن منع الحرائق من التمدد، كما حدث في افغانستان وسوريا، التي مازالت بلداننا تدفع ثمنا باهظاً جداً لسوء التقديرات السياسية" بحسب قوله.

وأشار حمودي الى أن "ما حدث في اليمن هو شأن سياسي وطني داخلي، وعلى جميع القوى السياسية اليمنية تحمل مسؤوليتها وأمانتها في تعزيز امن واستقرار ووحدة اليمن وشعبها، وأن يكون الشعب اليمني هو صاحب القرار في حل مشاكله بما يخدم مصالحه الوطنية العليا".

الدعوة يعتبر التدخل في اليمن تفاقمًا لازمته
من جانبه دعا حزب الدعوة الاسلامية الحاكم جميع الفرقاء في اليمن الى الحوار الجاد لانقاذ بلدهم من التدخلات الخارجية وتجاوز محنته وتقرير مصيره بأنفسهم. واعرب الحزب عن "بالغ قلقه من الأحداث الأليمة التي يتعرض لها اليمن الشقيق، ويشجب اي عدوان خارجي عليه من اي طرف كان." واكد ان" هذا التدخل العسكري من قبل بعض الدول المجاورة سيدفع الازمة في اليمن الى المزيد من التعقيد وإراقة الدماء".. محذراً من " التصعيد العسكري الذي سيؤدي بالنتيجة الى سقوط ضحايا من المدنيين الابرياء ويجلب المزيد من الدمار لهذا البلد الذي انهكته الازمات".

وطالب الحزب المنظمات الدولية والهيئات العالمية بالتدخل لحل الازمة في اليمن بما يفرضه القانون الدولي وما تسمح به الاعراف العالمية.

المرجع المدرسي: ستفشل محاولات السيطرة
اما المرجع الشيعي محمد تقي المدرسي فقد رفض ضربات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.. وقال ان الشعب اليمني مقاوم شرس، وستفشل كل محاولات السيطرة عليه.

واضاف المدرسي في كلمة بجمع من الوفود والأهالي في مكتبه في مدينة كربلاء "ليس من حق دول الخليج أن تعطي الشرعية لعبد ربه منصور، وإنما الشعب اليمني هو من يقرر ويختار قائده المناسب". واشار الى ان "تاريخ اليمن حافل بمقاومته للأمويين والعباسيين والعثمانيين، لان شعبه محارب شرس، وقبائله مسلحة تسليحا جيدا، والمقاومة جزء من ثقافته".. متوقعا فشل التدخل الخليجي في اليمن.

واوضح المدرسي قائلا "لن تنفع مع أبناء اليمن محاولات القصف، التي يفترض أن تكون بعدها مواجهة ميدانية على الأرض، وسيفشل من يحاول أن يدخل اليمن، لأن طبيعة أرضها يصعب التحرك فيها والقتال بسهولة، خصوصاً وأن قبائل اليمن مسلحة بالشكل الكافي، الذي يُتمكّن من خلاله الدفاع عن أرضها بكل قوة".

وقال إن "معظم حكام المنطقة هم مجرد ألقاب ومناصب وردود أفعالهم مبنية على أساس العواطف والأحاسيس الفارغة والعصبيات".. واضاف أن "المنطقة ابتليت برؤساء وحكام يعالجون المشاكل بحلول سطحية وجزئية، ويحيطون أنفسهم بهالة كبيرة من الأجهزة العسكرية والاستخباراتية والمحللين السياسيين ومراكز الدراسات الإستراتيجية، إلا أن قراراتهم ناتجة من عواطف وعصبيات ولا تستند إلى العقل والحكمة".

وكانت الحكومة العراقية عبّرت رسميا امس الخميس عن قلقها من الضربات الجوية للتحالف العربي لمواقع وقواعد الحوثيين في اليمن، وقالت ان هذا التدخل يؤدي الى تعقيد الأوضاع هناك أكثر من السابق، ولا يسمح بتبني الحلول السياسية في الظروف المعقدة القائمة.

وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان صحافي اطلعت على نصه "ايلاف" انه "نظراً الى التطورات الاخيرة في اليمن وتدخل قوات عسكرية من قبل دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية اخرى، وانطلاقا من موقف العراق الحريص على دعوة جميع الاطراف الى الحوار وتحكيم لغة العقل والمصلحة اليمنية للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته، تعرب الخارجية العراقية عن قلقها للتدخل العسكري في الشأن اليمني، الذي يؤدي الى تعقيد الأوضاع في اليمن أكثر من السابق، ولا يسمح بتبني الحلول السياسية في الظروف المعقدة القائمة".

واضافت الوزارة ان موقف العراق "هو نبذ استخدام القوة ودعوة الاطراف اليمنية كافة الى تجاوز خلافاتها من خلال اعتماد اسلوب الحوار الجاد والدعوة الى تحمل المسؤولية وإزالة مبررات الاحتقان السياسي والتوصل الى صيغة للاتفاق على العيش المشترك ومساهمة الجميع في بناء مؤسسات الدولة الشرعية والدستورية بما يحفظ وحدة البلاد ويحقق السلام والوئام ويجنب الشعب اليمني مخاطر الاقتتال والسير في طريق البناء والتقدم".

وكانت المملكة العربية السعودية بدأت فجر الخميس عملية "عاصفة الحزم" بمشاركة 10 دول وبمباركة اميركية بريطانية فرنسية وتركية ودول اخرى ضد جماعة الحوثيين بطلب من الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي.