في ثاني أيام قمة "سلمان" العربية، يستعد المشاركون لإطلاق "إعلان شرم الشيخ" الذي يقر إنشاء القوة المشتركة، التي ستكون الذراع العسكرية للصحوة العربية، التي أرست السعودية دعائمها في عملية "عاصفة الحزم".

غاندي المهتارمن بيروت: إنتهى اليوم الأول من القمة العربية السادسة والعشرين، المنعقدة في شرم الشيخ، على إجماع عربي مميز حول التحالف الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية لضرب الانقلاب الحوثي في اليمن، وإعادة السلطات اليمنية لتبسط شرعيتها على البلاد. كما تميز اليوم الأول بلقاءات عديدة، كان كل منها بمثابة لقاء قمة قائم بذاته.

الإطار السعودي

الشأن اليمني يغلب في المحادثات على ما عداه، لأنه اليوم محور الاجماع العربي على تحالف عسكري، لم يشهده العرب من قبل، خصوصًا أن الخطر الإيراني في جنوب الجزيرة العربية لا تقتصر تداعياته على اليمن فقط، بل على كل الخليج، ومن خلفه الدول العربية، علمًا أن هذا الخطر يتلاقى مع جانب آخر من هذا الخطر في المقلب "الشامي" من الوطن العربي.

كان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، نجم القمة بامتياز ومحركها الأساس، واضحًا في التأكيد أن أمن الخليج فوق كل اعتبار، و"عاصفة الحزم" مستمرة، ‏ليقضي الله امرًا كان مفعولًا، وتحقق العملية أهدافها كاملة. وكرت سبحة الكلمات التي ألقاها بعض من رؤساء الوفود المشاركة، لتدور في الفلك نفسه، فلك التعاون العربي الذي رسم حدوده السياسية والميدانية عاهل السعودية.

إعلان شرم الشيخ

في اليوم الثاني، تستمر المباحثات العربي فتتناول التطورات الخطيرة والمتسارعة في سوريا وليبيا، وملف احتلال إيران لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى في الخليج العربي، التابعة لدولة الإمارات العربية، وصيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة، ومشاريع القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، لينتهي الأمر بمشروع إعلان شرم الشيخ.

ويدور هذا الاعلان حول محور وحيد، لربما انعقدت القمة من أجله أصلًا، وهو مشروع القرار الخاص بإنشاء قوة عسكرية عربية، تشارك فيها دول العرب اختياريًا، وتضطلع بمهام التدخل السريع لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء، أو الأمن القومي العربي، بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية.

مرحلة جديدة

وقد كلف مشروع القرار الذي قدمه من مصر أمين عام الجامعة العربية بالتنسيق مع رئاسة القمة، وهي مصرية، بدعوة فريق& من رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء للاجتماع خلال شهر من صدور القرار، لدراسة الموضوع واقتراح الإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة، وعرض النتائج على اجتماع خاص لمجلس الدفاع العربي المشترك لإقرارها في غضون ثلاثة أشهر.

إلى ذلك، يتوقع المراقبون أن يشدد إعلان شرم الشيخ على الاستمرار في العمليات العسكرية المشتركة في اليمن. وكان أحمد بن حلي، نائب أمين عام الجامعة العربية، قال إن إعلان شرم الشيخ سيدشن مرحلة عربية جديدة لمواجهة التحديات الخطيرة التى تهدد الأمة العربية، خصوصًا أن مستوى التمثيل العربي في القمة كان رفيعًا.

فقدوا ثقتهم بأميركا

لا شك في أن ما ستنتهي إليه القمة السادسة والعشرون اليوم في شرم الشيخ سيرفعها إلى مصاف استثنائية في العمل العربي، قائمة على أساس ما أقدم عليه الملك سلمان من أخذ المبادرة بنفسه، بعد التشاور مع إخوانه زعماء وملوك الدول العربية، لتنفيذ خطة عسكرية عربية خالصة، تنقذ اليمن من براثن إيران.

ويرى المراقبون إن مستوى كلمات أمس الجمعة، ومباحثات اليوم، تؤكد أن قرار الملك السعودي أسس لعصر جديد من العلاقات العربية-العربية، والعلاقات السعودية-الأميركية، خصوصًا أن الرياض ما انتظرت الفعل الأميركي لتمشي في ركبه، بل بادرت تاركة واشنطن تمشي في ركبها، وهذا ما انتبه إليه السيناتور الأميركي جون ماكين، الذي علّق على "عاصفة الحزم" بالقول إن العرب فقدوا ثقتهم بأميركا، فأقاموا تحالفًا ونفذوا عملية عسكرية من دونها، وهذا ما لم يحصل في عهد أي ملك سعودي من قبل.