حذرت الحكومة البريطانية من ان "التدمير الوحشي الذي يقوم به تنظيم "داعش" للتراث العراقي والسوري يقوض التنوع في الشرق الأوسط والتاريخ والشعور بالانتماء لكل الأديان والطوائف في العراق وسوريا، وقالت ان التنظيم يقوم بتهريب القطع الأثرية التاريخية من البلدين &من أجل رفع إيراداته المالية ودعت الى تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الدمار الكبير الذي يقوم به داعش ضد التراث في البلدين عبر تدميره أو تهريبه وبيعه في الأسواق.
&

قالت الحكومة البريطانية في تقرير لها الاحد واطلعت على نصه "إيلاف"إن تنظيم داعش يقوم بتهريب القطع الأثرية التاريخية من العراق وسوريا من أجل رفع إيراداته المالية، مشددا على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الدمار الكبير الذي يقوم به داعش ضد التراث في البلدين عبر تدميره أو تهريبه وبيعه في الأسواق.
&
وأشار التقرير إلى أن بريطانيا قامت بسلسلة من الجهود لمواجهة هذا الأمر، ومنها المشاركة برعاية قرار مجلس الأمن رقم 2199 الذي يركز بشكل أساسي على مبيعات النفط، لكنه يغطي أيضا مصادر تمويل داعش الأخرى، بما فيها عمليات الاختطاف للمطالبة بدفع فدية، والتجارة غير المشروعة بالمواد الأثرية، والموارد الطبيعية، وعمليات تحويل الأموال .. اضافة الى بيتن مجلس الأمن في 27 شباط (فبراير) الماضي الذي أكد مجدداً على إدانة تدمير التراث الثقافي في العراق وسوريا على يد تنظيم داعش، بما في ذلك التدمير المستهدف للأماكن ذات الصفة الدينية وعبر عن القلق بأن داعش وأفراد وجماعات وكيانات &أخرى مرتبطة بالقاعدة تجني الأموال من خلال الاشتراك بشكل مباشر أو غير مباشر في نهب وتهريب التراث الثقافي من المواقع الأثرية والمتاحف والمكتبات والمحفوظات وأماكن أخرى في العراق وسوريا، حيث تستخدم تلك الأموال لدعم نشاطهم في التجنيد ولتعزيز إمكانياتهم العملياتية في تنظيم وتنفيذ الهجمات الإرهابية.
&
وأشار ت الخارجية البريطانية الى أن فريق آثار مشترك من بريطانيا والعراق يقوم حاليا بالتنقيب عن الآثار في بلدة عمرها 4000 سنة في محافظة ذي قار جنوب العراق بالقرب من مدينة “أور” الشهيرة، ليقوم بعد ذلك بتسجيل وتسليم هذه الآثار إلى السلطات العراقية لعرضها في المتحف الوطني العراقي لضمان الحفاظ على الموروث الثقافي العراقي.
&
وفي هذا السياق، قامت نائبة السفير والقائم بالأعمال في سفارة المملكة المتحدة لدى العراق “بليندا لويس” بزيارة الفريق البريطاني-العراقي، وقالت “إن هذا المشروع يتناقض تماما مع الأفعال الوحشية التي يقوم بها تنظيم داعش في شمال العراق. لقد اطلعنا على تقارير تشير إلى تدمير تنظيم داعش الارهابي المواقع التاريخية في نمرود والحضر بالاضافة الى تدميرهم الآثار النفيسة في الموصل. إن المملكة المتحدة تدين وبأشد العبارات التدمير المتعمد للإرث الثقافي العراقي.”
&
واضافت الخارجية أن المنظمات الإرهابية مثل داعش تقوم بتهريب القطع الأثرية التاريخية من أجل رفع إيراداتها، وكذلك السماح والترخيص بعمليات السلب في المواقع الأثرية من قبل عصابات إجرامية هو دليل آخر على ما يقوم به داعش من تدمير لهذه المواقع. وقالت “رغم أننا نعتقد أن معظم إيرادات داعش المالية تأتي من تهريب النفط والابتزاز فمن مسؤوليتنا أن نضمن أننا نستخدم جميع التدابير المتاحة لمنع داعش مع الحصول على هذه الايرادات والتمويل لتقييده من تنفيذ حملته الوحشية.”
&
وبدوره قال إدوين سموأل المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ”في سوريا تضررت مواقع مصنفة على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، بما في ذلك مدينة حلب القديمة. كل أطراف الصراع عليها مسؤولية حماية هذه المواقع ذات الأهمية الثقافية، ونظام الأسد على وجه الخصوص تسبب في أضرار كبيرة خلال الضربات الجوية والمدفعية والبراميل. وفي العراق قام داعش بتفجير الكنيسة الخضراء وهي واحدة من أقدم الكنائس المسيحية في الشرق الأوسط، ومسجد النبي يونس أيضا”.
&
وتابع ” هذا التدمير الوحشي يؤثر بشكل كبير على التنوع في الشرق الأوسط، فهو يقوّض التراث الثقافي الغني والتاريخ والشعور بالانتماء لكل الأديان والطوائف في سوريا والعراق.”
&
وقالت إن ما يقوم به داعش من تدمير وتهريب للأثار منافٍ لتعاليم الدين الإسلامي، مشيرة إلى أن الأزهر الشريف في مصر أكد أن ما يقوم به تنظيم داعش الإرهابي من تدمير للتراث الحضاري وهدم للآثار بالمناطق الخاضعة لنفوذهم بالعراق وسوريا وليبيا أمر محرم شرعا ومرفوض جملة وتفصيلا. واشارت الى ان الأزهر كان قال في بيان له "تدمير التراث الحضاري يعد جريمة كبرى في حق العالم بأسره، والتي كان آخرها جريمة (داعش) البشعة في شمال العراق، حين جرفت آلياته الثقيلة مدينة نمرود الآشورية الأثرية، مستبيحة المعالم الأثرية التي تعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده".
&
وكان تنظيم داعش دمر في الخامس من الشهر الحالي آثار مدينة النمرود الاثرية جنوب شرق المدينة التي يسطر عليها منذ حزيران يونيو عام 2014 .. حيث كانت ثم أهملت لحين تولي عرش الامبراطورية الأشورية من قبل آشور ناصر بال الثاني (883 ـ 859ق.م) وقد عمد هذا الملك إلى جعل مدينة نمرود عاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فشيد فيها المباني والقصور منها القصر المعروف باسم (القصر الجنوبي الغربي)، فضلاً عن معبد (نابو) وبنى له قصراً جديداً بالقرب منه، كما عمل على تجديد هذه المدينة وأعتنى بزقورتها التي تعد من أهم زقورات العصر الآشوري.
&
&وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" قد طالبت مجلس الأمن الدولي اواخر الشهر الماضي بعقد اجتماع طارئ عقب نشر تنظيم "داعش" فيديو يظهر تحطيمه آثارا بمتحف الموصل. وقالت مديرة "يونيسكو" إيرينا بوكوفا إن "هذا الاعتداء هو أكبر بكثير من يكون مجرد مأساة ثقافية، إنه أيضا شأن أمني يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق".&
&
وجاء الطلب بعد ساعات من بث تنظيم "الدولة الإسلامية" شريطا مصورا يبين تدمير عناصره آثارا قديمة في متحف مدينة الموصل التاريخي شمال غرب العراق. ويوضح الفيديو ومدته 5 دقائق عناصر ملتحية في متحف الموصل وهي تهدم تماثيل ضخمة باستخدام المطارق وأدوات الحفرمن بينها تماثيل لآلهة تعود إلى حضارات بلاد الرافدين وتمثال للثور الآشورى المجنح داخل المتحف يعود تاريخه إلى القرن التاسع قبل الميلاد.
&
كما يوضح الفيديو تدمير ثور مجنح آخر موجود في "بوابة نركال" الأثرية في مدينة الموصل علما أن الثور المجنح يعد رمز الحضارة الآشورية التي ازدهرت في العراق وامتدت سيطرتها حتى وادي النيل وهو تمثال ضخم يبلغ طوله 4.42 مترا ويزن أكثر من 30 طنا بجسم ثور وجناحي نسر ورأس إنسان.
وقال خبراء ان الآثار المدمرة تشمل قطعا أصلية وأخرى أعيد بناؤها من قطع مبعثرة إلى جانب نسخ عن قطع أصلية موجودة في متاحف أخرى. وتشمل القطع آثارا من الحقبتين الآشورية والبارثية وتعود بعضها إلى فترة ما قبل ميلاد المسيح.
&