يظن أهل كراتشي أن أبناءهم يُقتلون برصاص الشرطة، التي أخذت على عاتقها فرض الأمن بطريقة القتل من دون أي محاكمة.

كراتشي: كان سهيل أحمد يخرج من احد مساجد كراتشي عندما دفعته مجموعة من الرجال إلى داخل سيارة. وعثر عليه بعد شهر ميتًا في احد ملاعب كرة القدم، وتصر أسرته على أن الشرطة أعدمته من دون محاكمة.

وكان احمد احد عناصر الحركة القومية المتحدة بالغة النفوذ في كراتشي، حيث تتواجه عصابات الاحزاب للسيطرة على الاحياء او للقيام بعمليات تهريب. وبعد اختفاء سهيل في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، لم تتلق اسرته اي طلب لدفع فدية، وبدأت الشبهات تحوم حول الشرطة التي تقوم منذ ايلول (سبتمبر) 2013 بعملية واسعة في المدينة التي شهدت في 2013 اكثر من الفي جريمة قتل.

بلا محاكمة

يشتبه بأن الشرطة تقوم بعمليات اعدام من دون محاكمة لفرض النظام في المدينة، متذرعة بتفادي وقوع مواجهات مسلحة، لتمنح نفسها "الحق بالقتل" بشكل شبه مطلق. وتساءلت حميراء شقيقة سهيل: "الا يعد خطف الناس لتعذيبهم وقتلهم ارهابًا؟"، متهمة اجهزة الامن الباكستانية بقتل شقيقها الذي كان ينتمي إلى حزب على خلاف مع قوات الأمن.

واذا كانت العملية التي اطلقت في كراتشي اتاحت بحسب الشرطة خفض نسبة الجرائم بـ 23% في اكبر مدن باكستان، الا انها اتخذت منحى غير متوقع في اواسط اذار (مارس)، عندما قام عناصر من القوات شبه العسكرية بتفتيش مقر الحركة القومية المتحدة ليعثروا على كمية من الاسلحة بالاضافة إلى شخص متهم بارتكاب جريمة قتل.

مفقودون

وقال حيدر عباس رضوي، احد مسؤولي الحركة القومية المتحدة التي يتخذ زعيمها الطاف حسين من لندن مقرًا له، لوكالة الصحافة الفرنسية: "36 شخصًا من الحركة اعدموا من دون محاكمة، و12 آخرون في عداد المفقودين، غالبيتهم خطفوا او اوقفوا بأيدي اشخاص بزي مدني".

وتنفي الشرطة في كراتشي اي تورط في عمليات القتل او الاختفاء الغامض وتصر على التباهي بنجاح عمليتها.

وصرح غلام حيدر جمالي، رئيس شرطة ولاية السند، كبرى مدنها كراتشي، قائلًا: "كراتشي كانت تواجه مشاكل ضخمة، وحتم علينا الوضع أن نرد بشكل قوي على المجرمين والمتمردين، ونجحنا في السيطرة على الوضع والحد من نسبة الجرائم".

وتؤكد الشرطة انها قتلت اكثر من 850 مجرما منذ تموز (يوليو) في مواجهات مع عصابات او متمردين. وأعلنت مقتل اعضاء من تنظيم القاعدة او من حركة طالبان باكستان في "اشتباك مسلح" لكن من دون أن يكون من الممكن تحديد من قتل فعلًا او السبب او الملابسات.

غموض مطمئن

ورغم هذا الغموض، فإن السكان يقولون انهم يشعرون بأمان أكبر. وقال حجي عبد الله شاه بخاري، إمام حي زهراب غوث الخاضع لسيطرة طالبان: "لم يكن من الممكن الخروج ليلًا هنا لأن العودة إلى البيت حيًا لم تكن مضمونة، واليوم نشعر بأمان أكثر".

الا أن متابعي الوضع عن كثب في كراتشي يشتبهون بأن الشرطة تخفي حقيقة عملياتها. وفي مستشفى جناح في كراتشي، أشار طبيب رفض الكشف عن هويته إلى أن ضحايا "المواجهات الكاذبة" عليهم علامات فاضحة يتم اخفاؤها في التقارير الرسمية . واضاف: "غالبية الضحايا اصيبوا بالرصاص لكن في كثير من الاحيان ليس نتيجة معارك، والسؤال هو التالي: اذا قتل عشرة اشخاص لماذا لا يحمل اي شرطي آثار اطلاق نار او جروح؟".

وأفاد طبيب آخر بأن الضحايا غالبًا ما يتم اطلاق النار عليها عن قرب، الا أن وضع قطعة من اطار السيارة بين البندقية والضحية يحد من آثار اطلاق النار على الجثة ويوحي بأن الرصاص اطلق عن بعد خلال مواجهة ما.

ثلاث رصاصات

وفي حي لياري الذي شهد مواجهات عنيفة بين عصابات على خلفية تنافس بين الاحزاب، بات الانضمام إلى احدى العصابات امرًا عاديًا. ولا تجد سكينة شريف (60 عامًا) اي حرج في الاقرار بأن نجلها البكر رشيد الذي عثر عليه ميتًا قبل عامين كان منضويًا في عصابة محلية.

وكان رشيد عائدًا إلى المنزل مع ابنته عندما اوقفه عناصر شبه عسكريين في الشارع "امام عدة شهود" بحسب سكينة. واضافت: "اصطحبوه إلى حي مجاور واطلقوا عليه ثلاث رصاصات: في العنق والصدر والبطن". وتابعت: "التقرير الرسمي افاد بأن رشيد قتل في مواجهة مسلحة".

في العام التالي، فقد&خطف نجلها الثاني ارشاد الذي لم يكن على اي اتصال مع العصابات على حد قولها، ليعثر عليه ميتًا إلى جانب صديق له على جانب الطريق. ومضت سكينة تقول: "لا اريد الانتقام بل أريد العدالة، اريد أن اعلم ما حل بابني وصديقه. الله سينتقم. انا بحاجة لان اعرف من خطف ابني". قد لا تحصل سكينة على الرد ابدًا.