تحوّلت كنيسة في منطقة جزين الجنوبية اللبنانية إلى حظيرة للمواشي التي يرعاها أنصار حزب الله، إذ لا يمكن ملاك أرضها التصرف بها، لأنها مواجهة لمواقع حزب الله.


بيروت: كانت كنيسة كأي كنيسة أخرى في لبنان، يؤمها المؤمنون المسيحيون في آحادهم وأعيادهم، في أفراحهم وأتراحهم، لكنها تحولت اليوم مرقدًا لعنزة يملكها أنصار حزب الله، وحظيرةً ترتع فيها الماشية. إنها كنيسة القديس يوسف في داريا، المزرعة المقفرة في قضاء جزين في الجنوب اللبناني.

مشاع وزريبة

تقع هذه المزرعة جنوب شرق كفرحونة، بجانب بلدة القطراني على طريق جزين - البقاع الغربي المقفرة، حيث لا بيت ولا أنس، إلا قصرا قرميديا صغير والكنيسة التي نال منها الخراب، بفعل قصف اسرائيل الذي طال ردحًا من الزمان، وبفعل تحويلها منطقة عسكرية إسرائيلية قبل الانسحاب من لبنان في العام 2000، حين استخدمها الاسرائيلي مانعًا لعزل البقاع الغربي عن الأقضية الأخرى.

بعد الانسحاب الاسرائيلي، استعاد ثلاثة أشقاء من آل أندراوس أرض الكنيسة والقصر، وهم ملاكها، بحسب تقرير نشرته "النهار" اللبنانية، إلا أنها بقيت بعيدة عن متناول أيديهم، إذ بقيت على صفتها العسكرية، أو شبه العسكرية، إذ تواجه منطقة عسكريّة لحزب الله في بركة الجبور في البقاع الغربي.

وهكذا، صارت الأرض مشاعًا، امتدت يد البعض إلى رمولها، وحوّلها بعض آخر إلى مراعٍ، يسوس رعاة& مشغرة القريبة فيها مواشيهم، ويزربونها في الكنيسة... وهي على هذه الحال منذ 15 عامًا، بشكل "يضرب بعرض الحائط المقدّسات واحترام المقامات الدينيّة التي يكفلها الدستور اللبناني بغض النظر عمّا إذا كانت ملكًا خاصًا أو تابعة لدير أو أبرشية"، بحسب النهار.

300 مليون دولار

اتصلت الصحيفة بالمونسنيور مارون كيوان، نائب مطران أبرشيّة صيدا للموارنة، تستطلعه الأمر، فنفى معرفته بالكنيسة واحوالها، وأكّد أن المطرانيّة لها سلطة رعويّة على أي كنيسة موجودة في أملاك خاصّة، مستمهلًا لدراسة الموضوع، ومعرفة ما إذا كان المقام مهملاً أو يقصده مؤمنون قبل التحرّك.

وتقول الصحيفة إن مساحة الأرض التي تقوم عليها الكنيسة تبلغ زهاء 7,5 ملايين متر مربّع، ولها صكوك ملكية، وتتبع إداريًا لبلدية جزين، وفيها الرمال والصخور والرخام والأحجار الجزينيّة والزجاج والبحص، وأكثر من 150 شجرة صنوبر، و13 نبع ماء، وقيمتها 300 مليون دولار، لكنها معروضة للبيع مقابل 85 مليون دولار فقط، بعدما تواصل أصحابها مع البطريركيّة المارونيّة أكثر من مرّة لبيعها لها مقابل 100 مليون دولار، كي لا يبيعوها لشخص من طائفة أخرى، فلم يلقوا جوابًا، بحسب وكيلهم يوسف إندراوس.

ملف شائك

وتقول "النهار" إن الرابطة المارونيّة رفضت التعليق على مسألة البيع والشراء، خصوصًا أن مبايعات الأراضي والعقارات بين الطوائف ملف شائك في لبنان، وتحديدًا حين يتناول الأمر أرضًا يملكها مسيحيون، خوفًا من مخطط لتهجيرهم من مناطقهم.

وبعد الانسحاب الاسرائيلي، شهدت مناطق جنوبية صراعات حول أرض مماثلة للأرض في القطراني والسريرة وكفرفالوس وبكاسين وبنواتي المواجهة لها، بعد شراء مسلمين ملايين الأمتار المربّعة من الأراضي من مالكين مسيحيين.

وهذه الصراعات دفعت بالنائب اللبناني وليد جنبلاط حينها إلى منع الدروز من بيع أراضيهم لأي من الطوائف الأخرى في تلك المناطق، فمثلث كفرحونة - القطراني - السريرة يقع على الطريق المؤدّية إلى البقاع الغربي ومنه إلى الشوف، مسق رأس جنبلاط وعقر دار الدروز، "وقد تدخّل عام 2003 لمنع بيع المزرعة خوفًا منه على السريرة الدرزيّة، وللحدّ من تطويق المناطق الشوفيّة والبقاعيّة الغربيّة بصبغة سكانيّة تغيّر تركيبتها الديموغرافيّة"، بحسب النهار.