تحدثت صحافية إسرائيلية عن رحلتها التي استغرقت أسبوعين في إيران التي أسمتها (بلاد آيات الله)، وكشفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) أن زيارة مراسلتها أورلي أزولاي الى العاصمة الإيرانية طهران، تزامنت مع خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في الأمم المتحدة، ضد مشروع إيران النووي.


نصر المجالي: قالت أوزولاي إنها تفاجأت بأن الخطاب تم بثه في إيران وأنه ترك صدى له هناك، وأنه اثار غضب الكثير من الإيرانيين، مشيرة إلى أنها تابعت الخطاب في مدينة همذان، مكان قبر الملكة استر واليهودي مردخاي.

وكتبت أوزولاي تقريراً عن زيارتها، الذي سينشر في ملحق نسخة الصحيفة في عيد الفصح اليهودي يوم الجمعة المقبل.

وفي التقرير قالت أوزلاي: "كانت الساعة الرابعة صباحاً، صحوت وأشعلت كل الأضواء من أجل طرد الحلم المرعب، هذه كانت الليلة الأولى لي في طهران، فتحت النافذه المطلة على الشارع الرئيسي، وآية الله ينظر اليّ من صورة معلقة له على البناء المقابل".

كما تتحدث أوزلاي عن مستوى الخوف الذي كانت به لحظة الدخول إلى المطار في طهران، ولحظة وصولها إلى موظفي ختم الجوزات.

حظر دخول الإسرائيليين

وأشارت الصحيفة إلى أنها أرسلت مراسلتها من أجل التعرف على رؤية الإيرانيين للمفاوضات النووية، موضحة أنه رغم أنّ القانون الإيراني يمنع دخول الإسرائيليين إلى إيران، إلا أنه بإمكان الإسرائيليين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية فعل ذلك، والبقاء على أمل ألا يتم كشف جنسيتهم الحقيقية.

وبينما لاحظ موظف في المطار أنه مكتوب في جواز سفرها أنها مولودة في إسرائيل، إلا أنه بعد القيام ببعض الاستيضاحات تم السماح لها بالدخول.

وعلى الرغم من غضب الإيرانيين على أوباما، وعلى الرغم من كونهم ما زالوا يحرقون علم الولايات المتحدة في مظاهراتهم، إلا أنه وفقًا لما قالته أزولاي فهم يتمنون، من صميم قلوبهم، أن يتم توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة والدول العظمى مما يُسهل من العقوبات المفروضة عليهم، والتي تؤثر كثيراً على أوضاعهم الاقتصادية الصعبة.

تقرير أوزلاي

وفي الآتي تقرير أوزلاي في (يديعوت احرونوت):
حاجز رقابة جوازات السفر، مطار يحمل اسم الامام الخميني في طهران، فحص الموظف الإيراني جواز سفري الاجنبي على مدى دقائق بدت لي كالابد. لم يوجه لي نظرة مباشرة، لم يبتسم، لم يقل عما يبحث. وفجأة نهض من كرسيه وذهب إلى حاجز آخر كي يتشاور مع الموظف الآخر.

وعندها انضم إلى العصبة موظفان آخران. احدهما توجه اليّ وسأل اذا كنت ولدت في اسرائيل. فهززت رأسي. ما كان بوسعي أن أنفي: فهذا مسجل في جواز السفر.

وثقت الحجاب على شعري كي لا يكون له مبرر لاعتقالي. ولم تتوقف أجهزة الطرد المركزي في عقلي عن الدوران. فقد خصبت إلى المستوى الاعلى المخاوف التي جلبتها معي من الوطن، الآراء المسبقة. فكرت في جيسون رزيان، مراسل (واشنطن بوست) الذي اعتقل قبل أربعة اشهر في إيران، ومنذئذ اختفت آثاره.

امرأة مكشرة

مرت بضع دقائق طويلة اخرى، وعندها أمرني بالدخول إلى غرفة مجاورة كي تؤخذ بصماتي. امرأة شابة، مكشرة، ضغطت على كفي يدي بشدة كبيرة في مخدة الحبر: بداية يدي اليمنى وبعد ذلك اليسرى، وبعد ذلك كلتاهما معًا. وبعد بضع دقائق أخرى وصل أحد الموظفين من الحاجز مع جواز سفري في يده. اعطاني اياه وقال ثلاث كلمات بالانكليزية: "يمكنكِ أن تذهبي".

وهكذا بدأت زيارتي إلى إيران- 14 يومًا وليلة في طهران وفي شيراز، في اصفهان وفي فارسبوليس، العاصمة العتيقة للامبراطورية الفارسية. 5.600 كيلومتر من السفر في بلاد آيات الله واجهزة الطرد المركزي، ممن ينتظر مواطنوها بنفاد صبر الاتفاق الذي ينقذهم من العقوبات الخانقة. قصة الرحلة، التي جرت في ذروة محادثات النووي بين إيران والقوى العظمى، ستنشر في تقرير خاص في عدد الفصح من ملحق سبع ايام، يوم الجمعة القريب المقبل.

علم أميركي يرفرف

الى مدينة همذان، مكان قبر الملكة استر واليهودي مردخاي، وصلنا مساء.، ومن على حاجز الاستقبال، في فندق صغير على الطريق حيث نزلنا، رفرف علم أميركي، وهو مشهد نادر في دولة لا يزال تحرق فيها إعلام الولايات المتحدة في المظاهرات.

صعدت إلى الغرفة كي أضع حقيبتي، وعندما نزلت إلى القاعة لم اصدق ما شهدته عيني: على شاشة التلفزيون الضخمة، امام الصور المؤطرة لاية الله خميني والزعيم الاعلى علي خامينئي رأيت رئيس وزراء اسرائيل. شبكة التلفزيون الإيرانية بالانكليزية (فارس تي في)، رفعت إلى البث المباشرة خطاب نتنياهو في الكونغرس الاميركي، ومن كل الاماكن في العالم وجدت نفسي اشاهده بالذات في قاعة فندق إيراني، على أم الطريق بين طهران وبغداد.

عشرات الإيرانيين وقفوا في القاعة يشاهدون الخطاب. وهم لم يستطيبوا ما سمعوه.، "بعد خطاب كهذا على إيران أن تحطم الادوات وان تحقق النووي الذي تريد".

قال لي احد المرافقين المحليين، ووجهه محمر من الغضب، "كان هذا خطاباً مهيناً ومذلاً. خجلت لسماعه. رئيس الوزراء هذا كان مستعدًا لان يبعث الطائرات لقصفنا جميعنا هنا. خير أن الرئيس اوباما لا يستمع لنصائحه".
وفي اليوم التالي، وجدت في منصات الصحف مجلة ساخرة.، صورة نتنياهو تغطي الصفحة الاولى يحمل في يده عصفورًا غاضبًا (أنغري بيرد) ومن رأسه تطل صورة كينغ كونغ، وتحته كتابة بالفارسية: "لا شيء يخافه أكثر من السلام".

خطاب نتانياهو في الصحف

في مقهى فندق "لالا" في طهران قدم لي النادل نسخة من (طهران تايمز)، الصحيفة المحلية الانكليزية التي تعود إلى مقرب الزعيم الاعلى خامينئي. وفي الصفحة الاولى صورة كبرى: متظاهر يحمل يافطة ضد خطاب نتانياهو في واشنطن وعليها معالجة حاسوبية: رئيس وزراء اسرائيل بيدين مضرجتين بالدماء.

وتمتلىء مقالات التحليل بالشماتة: "خطاب نتنياهو دمر علاقات اسرائيل الخاصة بالولايات المتحدة"، ورغم السم والكراهية، ينبغي قراءة ما بين السطور. لم تعد هذه (الكيان الصهيوني) بل دولة اسرائيل، وهو أمر له معانيه.

وتبشر الصحف الإيرانيين بأنه حين سيوقع الاتفاق، سترفع معظم العقوبات. "لقد خنقنا اوباما"، قال لي رجل التقيته في طهران، قرب مطعم للكباب، رآني أحمل علبة مارلبورو فطلب سيجارة. وحين أعطيته لاطفني وروى لي بأنه لسنوات لم يرَ سيجارة اميركية. اعطيته كل العلبة، وقال: عندي أربعة أولاد، واريد تعليمًا افضل لهم. ولكن العقوبات قتلتنا. لا يمكن التوفير. الاسعار في السماء والاجر هو 50 دولاراً فقط في الشهر. لا آمل فقط أن يكون اتفاقاً، بل اصلي أن يكون".